تراجعت أسهم «فيسبوك» الاثنين وسط فضيحة تهز عملاق مواقع التواصل الاجتماعي في الولاياتالمتحدة وخارجها على خلفية معلومات ذكرت أن شركة عملت لصالح حملة الرئيس دونالد ترمب الرئاسية، جمعت بيانات لخمسين مليون مستخدم لفيسبوك وأساءت استخدامها. وصدرت دعوات في الولاياتالمتحدة وخارجها تطالب بالتحقيق، بعد أن رد فيسبوك على تقارير عن إساءة استخدام معلومات شخصية لمستخدميه، بتعليق حساب شركة «كامبريدج اناليتيكا» البريطانية التي تعاقدت معها حملة ترمب الرئاسية عام 2016. وطالبت السناتور الديموقراطية ايمي كلوبوشار والجمهوري جون كينيدي بأن يمثل مؤسس فيسبوك مارك زاكربرغ أمام الكونغرس مع المديرين التنفيذيين لقوقل وتويتر. وقال السناتوران إن شركات التواصل الاجتماعي «جمعت كميات غير مسبوقة من المعلومات الشخصية» وإن غياب المراقبة "يثير القلق إزاء نزاهة الانتخابات الأمريكية وكذلك حق الخصوصية". وقال مسؤول الأمن في فيسبوك اليكس ستاموس إن دوره تحول إلى التركيز على المخاطر المستجدة وأمن الانتخابات في شبكة التواصل الاجتماعي العالمية. وكشف ستاموس عن التغيرات بعد أن أوردت صحيفة نيويورك تايمز بأنه يغادر فيسبوك في أعقاب خلافات داخلية حول كيفية التعاطي مع المنصة المستخدمة لنشر أخبار مضللة. وقال ستاموس في رسالة نشرت على حسابه على تويتر «رغم الشائعات، لا زلت أقوم بعملي بشكل كامل في فيسبوك». وأضاف "صحيح أن دوري تغيّر. فأنا حاليا امضي وقتا أطول في دراسة المخاطر الأمنية المستجدة والعمل على أمن الانتخابات". وكان ستاموس قد دعا لإجراء تحقيق والكشف عن التلاعب بالأخبار على موقع التواصل الاجتماعي من جانب كيانات روسية، وسط استياء مديرين تنفيذيين كبار آخرين، بحسب ما ذكرته صحيفة تايمز نقلا عن موظفين حاليين وسابقين لم تسمهم. وطلب السناتور رون وايدن من فيسبوك تقديم المزيد من المعلومات حول ما وصفه سوء استخدام «مقلق» لمعلومات خاصة قد تكون استغلت للتأثير على ناخبين. وقال وايدن إنه يريد معرفة كيف استخدمت كامبريدج اناليتيكا أدوات فيسبوك "لتحويل معلومات حول شخصية المستخدمين أسلحة ضد عشرات ملايين الأمريكيين". وفي أوروبا أعرب مسؤولون عن سخط مماثل. فقد وصفت فيرا جوروفا، المفوضة الأوروبية للعدل والمستهلك والمساواة بين الأجناس، تلك المعلومات بأنها «مروعة إذا تأكدت»، وتعهدت مناقشة المخاوف في الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع. وبحسب تحقيق مشترك لنيويورك تايمز والاوبزرفر البريطانية، تمكنت كامبريدج اناليتيكا من جمع معلومات تتعلق بشخصية 50 مليون مستخدم لفيسبوك، من خلال تطبيق للتنبؤ بشخصية المستخدم قام 270 ألف شخص بتنزيله، لكنه تمكن أيضا من الوصول لبيانات أصدقاء للمستخدمين. ونفت كامبريدج اناليتيكا أن تكون أساءت استخدام بيانات فيسبوك لصالح حملة ترمب. وأعلنت اليزابيث دنهام المفوضة البريطانية للمعلومات والمكلفة تنظيم القطاع في البلاد، إن مكتبها سيسعى لاستصدار مذكرة تفتيش الثلاثاء للبحث في خوادم حواسيب كامبريدج اناليتيكا. وقالت إن الشركة «لم تتجاوب» مع طلبات للوصول إلى سجلاتها، وفوتت مهلة انتهت الاثنين. من ناحيتها، قالت شركة فيسبوك إنها تعاقدت مع مؤسسة للتحليلات الرقمية، لمعرفة كيفية حصول عملية تسريب البيانات ولضمان أن يتم التخلص من أي معلومات تم تخزينها. وتراجعت اسهم فيسبوك بمقدار 6.8 بالمئة في ختام تعاملات ناسداك وسط مخاوف من المطالبات الملحة لقوانين جديدة يمكن أن تضر بنموذج عمل الشركة. وسجلت الأسهم مزيدا من التراجع بمقدار واحد بالمئة وصولا إلى 170 دولار في تعاملات فترة بعد الظهر. وطال التراجع عمالقة تكنولوجيا آخرين في وول ستريت بينهم ابل والفابيت التابعة لقوقل ونتفليكس. وامتدت الخسائر إلى الأسواق الآسيوية مع تراجع اسهم سوني في طوكيو وسامسونغ في سيول وتنسنت في هونغ كونغ. وقالت جنيفر غريدجيل أستاذة مادة التواصل الاجتماعي في جامعة سيراكوز، إن فضيحة اختراق المعلومات ستزيد الضغط لوضع ضوابط لعمل فيسبوك وشركات تواصل اجتماعي أخرى، والتي تخضع لإجراءات تدقيق بعد سماحها بانتشار معلومات مضللة من مصادر يديرها روس. وقالت غريدجل إن "الضوابط الذاتية لا تعمل". وقال دانيال كريس، أستاذ الإعلام والاتصال في جامعة نورث كارولاينا، إن فيسبوك فشل في الوفاء بمسؤولياته المتعلقة بالإعلانات الانتخابية. وعلق كريس "إن عدم تمييز فيسبوك على ما يبدو بين بائعي أحذية وبائعي منصات انتخابية، مشكلة عميقة". وأشار برايان وايزر من مركز بيفوتال للأبحاث إلى إن ما كشفت عنه الفضيحة يظهر «مشكلات ممنهجة» لكنه لن يؤثر فورا على عائدات الشبكات الاجتماعية. وقال ديفيد كارول أستاذ الإعلام في كلية بارسونز للتصميم إن فيسبوك وغيره سيُجبرون قريبا على التعايش مع قوانين جديدة للخصوصية كتلك التي يستعد الاتحاد الأوروبي لتطبيقها. وقال كارول «على فيسبوك وغوغل أن يطلبا من المستخدمين الكثير من الأذون لتعقبهم» مضيفا "معظم الأشخاص سيقولون لا، ولذا أعتقد بأن ذلك سيكون له تأثير كبير على هذه الشركات". وباشر كارول إجراءات قانونية في بريطانيا تطلب من كامبريدج اناليتيكا الكشف عن المعلومات التي جمعتها عنه واستخدمتها ضده. وقال تحقيق سري أجرته القناة الرابعة البريطانية في كامبريدج اناليتيكا إن مديرين تفاخروا بأن بإمكانهم تصيد سياسيين في أوضاع مسيئة مثل دفع رشاوى وتصرفات خادشة ونشر المعلومات المضللة على الإنترنت. وقال المديرين إنهم عملوا على أكثر من 200 عملية انتخابية في أنحاء العالم ومنها الأرجنتين وجمهورية التشيك والهند وكينيا ونيجيريا. وقالت الشركة البريطانية إنها «تنفي بشدة» مزاعم القناة الرابعة وكذلك التقارير عن إساءة استخدام بيانات فيسبوك. وقال بيان للشركة "إن كامبريدج اناليتيكا لم تستخدم بيانات فيسبوك في إطار الخدمات التي قدمتها لحملة دونالد ترمب الرئاسية".