التواضع خلق كريم من أخلاق المؤمنين، ودليل محبة رب العالمين، وهو الطريق الذي يوصل إلى مرضاة الله وإلى جنته، وعنوان سعادة العبد في الدنيا والآخرة، والسبيل الذي يقربك من الله تعالى، ويقربك من الناس، وهو السبيل للفوز بحفظ الله ورعايته وعنايته، وهو الطريق لحصول النور والبركة في المال والعمر، وهو السبيل للأمن من عذاب الله يوم الفزع الأكبر، فالإسلام دعا إلى التواضع وحثّ عليه، واعتبره من الفضائل والأخلاق الحميدة، والقيم السامية الرفيعة، والتي ترجع بالخير على المجتمعات البشرية عموما وعلى الأفراد خصوصا، وقد حذّر من الصفة المعاكسة للتواضع وهي «الكِبْر» كونها تعود بالضرر على صاحبها وعلى المجتمع ككلّ، ونظراً لأهمية هذا الموضوع الكبيرة، فإننا سنتناوله في مقالتنا هذه. فالتواضع خلق إنساني عظيم، يجعل الإنسان يعامل الآخرين بلطف، ويتطلّع لهم بنظرة احترام وتقدير ومساواة، دون تكبّر أو تعالٍ، سواء أكان يتفوق عليهم بالمال، أو العلم، أو الجاه، وذلك ما نستنتجه في حديث النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس كلّهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب»، إذ يدلّ الحديث الشريف على أنّ أصل الإنسانية هو واحد، ولا يصحّ التعالي بالأنساب أو الألقاب على الآخرين، والمسلم المتواضع يرى أنّ الله خلق الإنسان من أجل التعاون والتآلف والتعارف والتراحم، وأنّ قياس التفاضل بين الناس هو تقواهم وقربهم من الله جلّ جلاله. ومن المظاهر التي تدل على التواضع البشاشة عند مقابلة الآخرين، واللطف في التعامل معهم. واحترام كبير السن واللين في معاملة صغار السن. كذلك زيارة من هم أقلّ منه مرتبة، وقضاء حاجتهم. مجالسة الفقراء والمساكين دون التحقير من شأنهم. خفض الصوت في الحديث بشكل عام، وعدم رفع الصوت على الآخرين عند الغضب. إفشاء السلام على الناس. احترام آراء الآخرين لاسيّما المختلفين، وعدم انتقادهم أو جرحهم لمجرد مخالفتهم الرأي. تقديم المساعدة المادية والمعنوية للمحتاجين. العطف على الأيتام. احترام الأشخاص ذوي المكانة العلمية البسيطة. الاعتدال والرزانة والوقار في المشي. الاعتدال في الإسراف على الطعام والشراب، بحيث لا يقتر على نفسه والآخرين، ولا يبذخ بقصد إظهار الثراء ورفعة قيمة ممتلكاته المالية. التواضع في القرآن والسنة يُروى أن رجلا قال للنبي عليه السلام: «يا محمّد، أيا سيِّدنا وابن سيِّدنا، وخيرنا وابن خيرنا»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيّها الناس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينّكم الشيطان، أنا محمّد بن عبدالله، أنا عبدالله ورسوله، ما أحبّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله». قال تعالى: «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً». وقال تعالى: «فبئس مثوى المتكبّرين» وقال تعالى: «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر». وقال عليه السلام: «ما تواضع أحد لله إلّا رفعه». [email protected]