لعل من كتب الخطاب الأخير لأمير قطر على اطلاع واسع بالأدب العالمي، خصوصاً السردي منه، إذ تقاطعت مفرداته مع ثيمة رواية (الجريمة والعقاب) للروائي الروسي دوستوفسكي القائمة على حبكة تُعلي شأن عدالة الجريمة، وتكشف بعمق عن خبايا النفس الإنسانية وأزمتها بارتكاب حماقات لا تنتهي مع الحياة والأحياء وتخلط أوراق أي جناية أو جنحة، ما يعجز المحقق عن تمييز المجرم من الضحية. وربما لعب أمير قطر دون قصد دور «راسكولينكوف» الشخصية المجرمة، وهو شاب في ال23 عاماً، ورصد الروائي أبرز ملامح البطل مزدوج الشخصية في فكره وفي تعاطيه مع المجتمع، وهو ساخط حتى على نفسه، وعندما قام بقتل السيدة الُمرابية لحل ضائقته المالية، بدأ رحلته مع العقاب، ومما أرهقه دخوله دائرة محاكمة النفس، التي هي أصعب وأبغض من المحاكمة الأرضية باسم القانون، وكما أن دستوفسكي من رموز الفلسفة العدمية، فإن خطاب أمير قطر دخل في دائرة مفرغة لا مفر منها، ولم يتردد البطل المجرم في تقديم مبررات لارتكابه جريمته بقتل المرابية العجوز. ويؤكد رئيس تحرير "الأهرام الإلكتروني" أشرف العشري ل«عكاظ» أن يداً تلوثت بالدم، فمن الطبيعي أن تتحدث أولاً عن تفسيرات لإبعاد التهم، ثم تتحول لاحقاً إلى المبررات المخففة من معاناة الضغط النفسي، مشيراً إلى أن العالم العربي تحول إلى ضحية لحكومة قطر بما دجنته من فتن وما حاكته من مؤامرات.