دشن مركز الملك سلمان للشباب إستراتيجيته الخمسية بملتقى ضخم، ضم وزراء ومسؤولين ومتحدثين من مجالات مختلفة أمس الأول (الأربعاء) في ملتقى الشباب والفرص. وخرج أكثر من 1200 شاب وفتاة أمس الأول (الأربعاء) من ملتقى «الشباب والفرص في رؤية 2030» بعد جلسات ونقاشات مفتوحة، جمعتهم لأول مرة مع عدد من الوزراء والمسؤولين والمتخصصين من قطاعات مختلفة. واستعرض الملتقى الذي نظمه المركز في «مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية» بالرياض «رؤية 2030» بقوالب وعروض تفاعلية، بسّطت مفاهيم الرؤية وأهدافها، وتناولت فرص وأدوار الشباب في تحقيقها. 3 وزراء يجيبون على الشباب وفي جلسة خصصت لحوار مفتوح بين المسؤولين والشباب، شارك فيها وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي ووزير المالية محمد الجدعان، قال القصبي إن «الرؤية جاءت بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله مقاليد الحكم، وحرصه على تفعيل أداء الأجهزة الحكومية، فهناك تحديات تواجهنا، الحكومات هدفها الاستدامة ونحتاج أن نتخلص من البيروقراطية، وقدرات الأجهزة الحكومية لم تتطور عبر السنين بالشكل المطلوب لعدم وجود الممكّنات بشكل متفاوت». وأضاف: «نريد اقتصادا قويا مستداما، لا يمكننا الاعتماد على النفط، ولا يمكن للحكومة أن تبقى متفرّجة، لا بد لها أن تبادر، لدينا ثروات كبيرة، الحرمان الشريفان، النفط، المعادن، ورأس المال البشري، إذا زاوجنا بين رأس المال البشري وهذه الثروات، فسنجد اقتصادا قويا مستداما». وأوضح وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي في إجاباته على تساؤلات الشباب حول رؤية 2030، أن «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» هو من حدّد «رؤية المملكة 2030» وأهدافها، وليس الشركات الاستشارية التي لم يتجاوز دورها تقديم المشورة حول الإطار العام، قائلا: «هناك فرق كبير بين الإطار العام، وتحديد الرؤية وأهدافها». فيما أكد وزير المالية أن «المملكة تستطيع أن تكون قوة استثمارية رائدة، وصندوق الاستثمارات العامة سيكون الأقوى عالميا، وهو الممكّن الرئيسي لتحقيق أهداف الرؤية، والمحفّز للتنويع الاقتصادي وتنويع الدخل». وأوضح الجدعان أن برنامج التحول «مرحلة تقرّبنا أكثر، لن تحل فيها مشكلة السكن بشكل كامل، ولا الصحة ولا حتى التعليم، لكنها ستقربنا أكثر إلى تحقيق أهداف الرؤية». وقال «لو تحدّثنا عن وزارة المالية، فإن أحد مستهدفاتها في برنامج التحول الوطني هو التوازن المالي، بحيث تعادل إيرادات الدولة أو تزيد على مصروفاتها، من طريق القضاء على الهدر، ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات». وفي نقاشه مع الشباب حول برامج رؤية 2030 أوضح وزير المالية أن «الدولة ملتزمة بتوفير الخدمات الأساسية للجميع، الأمن، التعليم وغيرها من الخدمات الأساسية»، لكن «ليس من العدل أن تبذل الحكومة الجهد والمال الكثير لتقديم خدمة مجانية لشخص مقتدر ماديا وفي الأخير يذهب إلى مستشفى خاص على سبيل المثال، فالعدل أن يتم تقديم الدعم للمواطنين ذوي الدخل المنخفض، والرسوم التي تؤخذ من المقتدرين تذهب إلى تجويد هذه الخدمات». وبدوره، خاطب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحة، الحضور الشباب من على المسرح قائلا: «إن التحول الرقمي في «رؤية 2030»، ينطلق من محورين أساسيين، أوّلهما أجندة رقمية تسرّع الوصول إلى الطموح من خلال الدمج بين المجتمعين الحيوي والرقمي ليظهر لنا في الأخير مجتمع به عناصر ثلاثة، هي التفاعل، التشارك والانتماء، وثانيهما، اقتصاد رقمي». وأوضح الوزير السواحة أن «هناك ثلاثة عناصر ممكّنة للتحول الرقمي، هي الإنترنت والنطاق العريض، المحتوى والقدرات، إلى جانب الأمن الرقمي»، لافتا إلى أن العديد من المبادرات الطموحة التي استقبلها مع بداية تسلمه حقيبته الوزارية، مؤكدا في الوقت نفسه على أن القواسم المشتركة بهذه المبادرات، أنها أتت من شباب، وكلها تطوّعية، وجميعها تركّز على تحويل التحديات إلى فرص. وأشار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات إلى أن دور وزارته هو «خلق بيئة تحفّز على الشفافية والجودة بين المشرّع والمزودين ومستقبلي الخدمة». تبسيط مفاهيم الرؤية وكان الملتقى قد استعرض في انطلاقته، فيلما تعريفيا عن مركز الملك سلمان للشباب، قبل أن تنطلق جلسته الأولى التي تناولت تعريف الرؤية وشرحها وتبسيطها، وشدّد فيها مدير جامعة الباحة الدكتور نبيل كوشك، على أهمية وجود رؤية لكل الدول، وأن تكون ذات قيم متحققة، لكي تتمكن من تحقيقها وأن ترتكز على أسس متينة، وهذا ما ينطبق على «رؤية المملكة 2030» التي تتوافر بها، العمق العربي والإسلامي للمملكة، موقعها الجغرافي وقوّتها الاستثمارية الرائدة، بينما أوضحت عضو مجلس إدارة هيئة الترفيه الدكتورة لمى السليمان أن الرؤية بنيت على مجتمع حيوي يقوم على القيم التي يفخر بها كل مواطن، فهناك الأصول العربية ومنبع الإسلام، ما يستلزم صناعة بيئة مبنية على السعادة والطموح تكمن في الأمور الثقافية أوالترفيهية، فمتى ارتفعت نسبة السعادة أصبح لدينا مجتمع حيوي. وفي حديثه عن التجارب الدولية الناجحة في التنمية، شدّد المستشار في الإعلام والعلاقات العامة الدكتور إبراهيم البعيّز، على أن «التجارب الناجحة في التنمية حول العالم لم تكن لتنجح لولا اقتناع وإيمان شعوب تلك الدول بهذه الخطط»، موضحا أن «رؤية المملكة 2030»، تتوافر بها كل مقوّمات النجاح، «فالمملكة لها ثقلها الاقتصادي، وهي إحدى دول مجموعة العشرين، الأكبر اقتصادا في العالم، أيضا لها ثقلها السياسي، وأقرب مثال على ذلك اختيار الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب المملكة وجهة أولى خارجية له، إلى جانب ثقلها الإسلامي والثقافي باعتبارها قبلة المسلمين». ولمس الحضور من خلال هذا المحور الزخم الكبير الذي تشهده المملكة مع الرؤية في مختلف المجالات، بتنويع اهتماماتها الاقتصادية ومداخيلها، وإنشاء مشاريع تنموية ضخمة، إذ برز حجم الدور والقيمة النوعية لشباب هذا الوطن ودورهم المنتظر في اقتناص الفرص المتنوعة في «رؤية 2030». تاريخ وحضارة وفي الجلسة الثانية، أوضح رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الأثرية الدكتور محمد العتيبي، أن الجزيرة العربية، مليئة بالحضارات منذ آلاف السنين، و«هذه البلاد لعبت وستلعب محورا مهما في الحضارات، وحجر الزاوية في التجارة الدولية عبر مرّ التاريخ، وأسهمت طرقها التجارية في نقل الحضارة في شتى بقاع الأرض، والطرق التجارية في المملكة تعتبر الشريان الحيوي الذي نقل التجارة والحضارة وهي حجر الزاوية في الهوية الإسلامية والعربية». خدمة ضيوف الرحمن وتحدّث كل من أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار، والشيخ صالح المغامسي، ومقدم برنامج «على خطى العرب» الدكتور عيد اليحيى، عبر فيديوهات مصورة، عن خدمة ضيوف الرحمن وكرم الضيافة وحسن الوفادة للحجّاج، إذ أكدّوا أنه منذ القدم يتسابق سكان مكة والمدينة على خدمة الحجاج، منوّهين إلى أن سكان الجزيرة العربية نشروا الإسلام وطوروا العلم، وأن تاريخ الجزيرة لم ينقطع، والإسلام أكمله وأقامه عقب إعوجاج. نقلة نوعية في التطوع بينما تحدّث وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور سالم الديني عن العمل التطوّعي وفرصه ونشاطاته في «رؤية المملكة 2030»، مشيرا إلى أن السعوديين مقبلون على نقلة نوعية في التطوع عبر القطاع غير الربحي. فرص واعدة وفي جلسة حوارية، تحدث الرئيس التنفيذي لشركة جبل عمر للتطوير ياسر الشريف، والكاتب الاقتصادي فضل البوعينين، عن الفرص الواعدة في زيادة عدد المعتمرين من 8 ملايين إلى 30 مليون معتمر، إذ أكدوا أن الحج والعمرة فيهما ثروة قد توازي أو تفوق عوائد النفط، وهي صناعة تقوم على سواعد الشباب بالدرجة الأولى. وفي ختام الملتقى، أعلن مركز الملك سلمان للشباب عن برامج شراكة مع الجامعات لتبسيط رؤية 2030، وتنظيم ملتقى شبابي سنوي لمدة 5 سنوات ضمن مبادرات ملتقى الشباب والفرص في رؤية 2030 بحيث يحمل الملتقى في كل عام عنوانا مختلفا، يصاحبه أنشطة وبرامج مستمرة طوال العام موزّعة على مدن ومناطق المملكة، من خلال برامج وفعاليات وورش عمل متنوعة مع قطاعات وجهات عدّة. وقال المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للشباب رئيس اللجنة المنظمة لملتقى الشباب والفرص في رؤية 2030 الأستاذ هاني بن مقبل المقبل: «إن الملتقى يمثل باكورة مبادرة وطنية تبناها مركز الملك سلمان للشباب انطلاقا من دوره القيادي والريادي في دعم الشباب وتمكينهم»، مشيرا إلى أن الملتقى استهدف تعميق إيمان الشباب بمشاريع بلادهم وتعظيم قيمة الوطن لديهم، وحثهم على البحث عن الفرص الكبيرة في رؤية 2030. وأضاف: «المحتوى الذي قدم في هذا الملتقى لعب دورا تحفيزيا مهما في الربط المعرفي بين الشباب وبرامج الرؤية، من خلال ما شهدته الجلسات من نقاشات حول برامج الرؤية ومبادراتها المتنوعة». ابن زرعة: لم نصنع سوى 2 % من احتياجنا العسكري اعتبر المستشار في صندوق الاستثمارات العامة عبدالله بن زرعة -في محور بعنوان: «توطين القطاعات العسكرية»- القطاع، «واعيا وإستراتيجيا»، ويعيده بالذكريات إلى بداية صناعة البتروكيماويات في المملكة في السبعينات، التي كانت فيها التحديات هائلة، وكتب عنها غازي القصيبي. واستشهد ابن زرعة في حديثه في الملتقى، بقصة صحفي بريطاني زار المملكة في بداية إنشاء شركة سابك، وكان مقرها آنذاك في شقة متواضعة، بقوله: «حينما عاد الصحفي إلى بلاده كتب أنه قابل بضعة شبان سعوديين يزعمون أنهم سيجعلون أكبر مقر للبتروكيماويات في بلادهم، وبالفعل نجحت المملكة في ذلك، وبعد سنوات عاد الصحفي البريطاني إلى زيارة المملكة وذهب إلى مدينة الجبيل، وكتب تقارير إيجابية عن المملكة يشيد في ازدهارها وتقدمها». وأشار إلى أن المملكة تعتبر ثالث أكبر منفق على القطاع العسكري والأمني بعد أمريكا والصين، إذ إنها تنفق ربع ميزانيتها تقريبا على القطاع العسكري والأمني، مؤكدا أن اهتمام المملكة بالقطاع العسكري ليس جديدا، وإنما منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، الذي أنشأ المصانع الحربية. وأضاف «على رغم الجهود المبذولة في هذا القطاع، إلا أننا لم نصنع سوى 2% من احتياجنا، ولذلك جاءت الرؤية ونصت في أهم عناصرها على توطين انفاقنا العسكري، ورفع نسبة التوطين فيه»، لافتا إلى أن الفرص في القطاعات العسكرية ووظيفية واستثمارية. وذكر أن من الفرص الاستثمارية في القطاعات العسكرية كثيرة، ومنها صناعة التجهيزات والمنتجات العسكرية وقطع الغيار وصيانتها، وكذلك هناك خدمات لوجستية وتدريبية وتعليمية. منصات تعكس أداء الأجهزة للمواطنين.. قريباً تناول المدير العام المكلف للمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية حسام المدني في فقرة «قياس الأداء والكفاءة» مهمات المركز ودوره في رفع مستوى الأداء للأجهزة الحكومية. وقال المدني: «أرى شباباً مؤمنين برؤية 2030 ويسعون لمعرفة آلية المساهمة في هذه الرؤية، وهذا محفز ومشجع، ويعطي انطباعاً إيجابياً، لاسيما أن 70% من مواطني المملكة شبان»، مشدداً على أنه لا يمكن تحقيق أية رؤية من غير قياس الأداء. وأضاف أن المركز يعمل منذ سنة يداً بيد مع الأجهزة القياسية والحكومية لقياس الأداء، وهو مركز حكومي مستقل تابع لمجلس الوزراء، ويقيس بدقة وحيادية وشفافية تتضمن نشر أداء الأجهزة الحكومية. وذكر أن أداء الأجهزة يقاس بتقديم الخدمات للمواطنين، ويكمن دور المركز في وضع مؤشرات لقياس الأداء، مشيراً إلى أن المركز في المرحلة الحالية يعمل على القياس والدعم والتمكين للجهات الحكومية، ويقوم بتدريب موظفي هذه الأجهزة، كما يمتد عمل المركز إلى قياس رضا المواطن عن الأجهزة العامة، ويساعد صانع القرار على رؤية نقاط الخلل لمعالجتها. وأوضح أن هناك عددا من المنصات الإلكترونية التي سيطلقها المركز قريباً لتعكس أداء الأجهزة للمواطنين، ومنها منصة «أداء» لقياس أداء الأجهزة، و«وطني» لتقويم أية خدمة في موقعها، وإرسال رسالة شكر للمسؤول على تحسن الخدمة المقدمة، ومنصة «المقارنات الدولية» التي تساعد في متابعة المملكة للمؤشرات الدولية.