تبدو بعض مؤسسات المجتع المدني أحيانا متقدمة بخطوة على المؤسسات الحكومية، فتقرير كفاية الدخل الذي أصدرته مؤسسة الملك خالد الخيرية في حوالى 30 صفحة قدم خلاصة بحثية ثمينة للتأثيرات المعيشية المرتقبة على الأسرة السعودية جراء رفع الدعم عن بعض الخدمات والسلع، وحدد مستوى الكفاية لمستوى الدخل الأدنى الذي يمكن أن تعيش به الأسرة السعودية حياة كريمة، كما أوضح اتجاهات الإنفاق المعيشي والاستهلاكي ونسبه! التقرير استند إلى أرقام صادرة عن هيئة الإحصاءات العامة وأجهزة حكومية أخرى ومعايير منظمات دولية في قياس مستوى الدخل والإنفاق، ورغم تحفظي على أرقام هيئة الإحصاءات المتعلقة بمعدل دخل الأسرة السعودية حسب تصنيف المؤهل الدراسي لرب الأسرة التي أجدها أرقاما مبالغا فيها ولا تتصل بالواقع إلا أن التقرير يمكن أن يكون مرجعا مختصرا ثمينا لتحديد خط الفقر وحد الكفاية وتعريف فئات الدخل المحدود والمتوسط في ظل منظومة الدعم الحكومي والتغيرات التي ستطرأ عليها مع رفع الدعم وفرض بعض الضرائب ودخول برنامج حساب المواطن حيز التنفيذ! يحتسب التقرير خط الفقر باستخدام الطرق التي يتبعها الاتحاد الأوربي (6434 ريالا) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (5361 ريالا) وهيئة الإحصاءات الأمريكية (2252 ريالا) والبنك الدولي (1432 ريالا)، ويخلص إلى أن تحديد الحد الأدنى للكفاية هو (12496 ريالا) مقرونا بتحديد خط الفقر النسبي سيساعد صانع القرار في تحديد الفجوات وأوجه القصور والنقص وتوسيع فئة المستفيدين من الدعم لتشمل متوسطي الدخل! التقرير في نهايته يطرح أكثر من 20 توصية واقتراحا تستهدف تبني منهجية وطنية موحدة لقياس خط الفقر النسبي والرفع من جودة بيانات وإحصاءات التنمية الاجتماعية واستكمال بناء مؤشرات الفقر الحضري، وبعض هذه الاقتراحات كإعفاء السلع الأساسية من ضريبة القيمة المضافة وصرف معونة نقدية للمتضررين من رفع الدعم تضمنها بالفعل برنامج التوازن المالي! ولا يدهشني أن يتضمن برنامج التوازن المالي بعض اقتراحات تقرير مؤسسة الملك خالد الخيرية، فربما كان تأخير نشر التقرير الذي أعده مجموعة من الباحثين الشباب والشابات السعوديين هدفه تجنيب بعض المؤسسات الحكومية وجيوش مستشاريها باهظي التكلفة الحرج!.