الاحتفال العراقي اللافت بفوز ترمب والذي عبر عنه الرئيس فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي، انطلق من مواقف الرئيس الأمريكي المنتخب خصوصا في ملف مكافحة الإرهاب، والقضاء على «داعش» بما يضمن أمن المنطقة واستقرارها. الرسائل العراقية الاحتفالية بترمب لن تعود كذلك بعد يناير القادم، فالمعركة الأساسية لسيد البيت الأبيض الجديد، ستكون مع إيران في ساحتين: الأولى؛ الساحة الدولية المتعلقة بالاتفاق النووي، والثانية؛ ستكون على الأرض العراقية التي تسيطر عليها طهران، وتتخذ منها منطلقا لرعاية وتصدير الإرهاب. في المعركة الثانية سينظر ترمب إلى الحكومة العراقية، على أنها متورطة بتسليم البلاد إلى صانعة الإرهاب في المنطقة، وأكثر من ذلك بأنها شرعنت الإرهاب وجعلت له ميليشيا في المؤسسة العسكرية العراقية تتبع مباشرة رئيس الحكومة لكنه يتلقى تعليماته من طهران ويطلق عليه «الحشد الشعبي»، والذي سيصبح لاحقا الحرس الثوري العراقي بنسخة إيرانية. ترحيب العراقيين بترمب والاحتفال به لن يدوم طويلا، فدونالد عازم على التدخل بقوة لإنهاء الوجود الإيراني، والقضاء على بؤر الإرهاب التي صنعها نظام الملالي في العراق، وهو بذلك سيعيد الأوضاع إلى ما قبل عام 2011، فسحب الرئيس أوباما للقوات الأمريكية من العراق، خلق فراغا أمنيا وأتاح لإيران المجال، لتعيد بناء نفسها من جديد في العراق، وتسيطر على جميع مفاصل الدولة، ما فرخ ما يسمى «الحشد» أو بعبارة أدق الجيش الإيراني في العراق. وكان ترمب قد انتقد خلال حملته الانتخابية قرار مغادرة العراق، إذ كانت الولاياتالمتحدة بالفعل مسيطرة على الوضع في العراق، والموصل خصوصاً، لكنها خسرت بمغادرة قواتها في عام 2011 مقابل لا شيء، وكان يفترض إبقاء القوات لمنع ظهور «داعش» ومنع سيطرة إيران على العراق. النفوذ الإيراني في العراق هو هدف ترمب الثاني بعد الاتفاق النووي؛ الأمر الذي سيدفعه إلى إعادة الحسابات الأمريكية لقناعته أن إخراج إيران منها سيعيد ترتيب الأمور من جديد، وسيحاصر جميع أشكال الإرهاب الذي ترعاه طهران، فميليشيات الحشد واجهة الإرهاب الإيراني في العراق والمنطقة لا بد من القضاء عليها، وجعلها قبل أن تتمدد أكثر مما هي عليه الآن. تدرك إيران ومعها القيادة العراقية أن ترمب سيعمل على اجتثاث إيران من العراق، وسيدفع بكل القوة الأمريكية لتحقيق هذا الهدف، بدورها ستعمل طهران على مواجهة طموحات الرئيس الجديد عبر ميليشيا الحشد المسلحة إيرانيا.المعركة القادمة بين الولاياتالمتحدةوإيران ستكون على الأرض العراقية وستعمد واشنطن إلى اعتبار ميليشيا الحشد إرهابية؛ الأمر الذي سيضع الحكومة العراقية الموالية لإيران في مواقف صعبة.