قتل 17 محتجا وأصيب مئات آخرون أمس الاثنين بعد أن أطلق الجيش اليمني وقوات الأمن النار لتفريق المتظاهرين الذين خرجوا بعشرات الآلاف في مدينة تعز جنوب صنعاء بحسب مصادر طبية شهود عيان. إلى ذلك، قال مسؤولون في اليمن إن واشنطن دخلت بقوة على خط الأزمة في البلاد من خلال المساعدة في وساطة تهدف لترتيب انتقال السلطة، بينما دعت قيادات معارضة المجتمع الدولي للتدخل ووقف إراقة الدماء. وقال مسؤولون يمنيون إن الدور الأميركي بدء بقوة السعي لإيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية، يقوم على نقل السلطة، مشيرين إلى أن النقاش ما زال يدور حول بعض النقاط، بينها تحديد موعد تنازل الرئيس علي عبدالله صالح عن السلطة. كما ذكر المسؤولون أن توقيت انتقال السلطة في اليمن (أمر حساس) لأن الهدف منه (تجنّب دخول اليمن في ظروف تزيد من اضطراب الوضع الداخلي أو تعطيل جهود صنعاء في مكافحة الإرهاب)، في ظل الوجود القوي لعناصر تنظيم القاعدة في البلاد. وكان صالح قد عرض مؤخراً التنازل عن السلطة في مهلة أقصاها نهاية العام الجاري، بعد إجراء انتخابات وإصلاحات دستورية، ولكن المعارضة التي تعمل تحت مظلة تجمع أحزاب (المشترك) رفضت ذلك، ودعت الرئيس للتنحي الفوري. * * * مجزرة في تعز * * * إلى ذلك، قال الدكتور صادق الشجاع مدير المستشفى الميداني في ساحة الاعتصام في تعز لوكالة الأنباء الفرنسية إن (17 شخصا قتلوا بالرصاص الحي كما أصيب المئات بإصابات مختلفة بينهم اكثر من 100 أصيبوا بالرصاص). وكان الشجاع وصف الحالة في المستشفى الميداني بأنها (سيئة جدا) مع قيام قوات الأمن والجيش بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين الذي خرجوا في (يوم غضب) بعشرات الالاف في شوارع المدينة التي تشهد مواجهات دامية لليوم الثاني على التوالي. وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى سقوط 15 قتيلا. وذكر شهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية أن تعز تشهد توترا كبيرا بعد أن انطلقت الاثنين تظاهرات من عدة نقاط في المدينة نحو مبنى المحافظة، فيما أطلقت قوات الأمن والجيش النيران على المتظاهرين لتفريقهم. وتمكن المحتجون بحسب الشهود من محاصرة مبنى القصر الجمهوري ومبنى محافظة تعز وبداخله المحافظ ، وذلك بالرغم من قيام مناصرين للمحافظ وللنظام بإطلاق النار عليهم عند دخولهم باحة مبنى المحافظة. وكانت المدينة شهدت الأحد تحركات ضخمة مطالبة برحيل الرئيس علي عبدالله صالح ومواجهات مع قوى الأمن أسفرت عن قتيل ومئات المصابين في صفوف المحتجين. وذكرت مصادر محلية أن السلطات اعتقلت حوالي ثلاثين شخصا على خلفية الأحداث في المدينة الأحد. * * * جيش الأحمر يصد شرطة صالح في صنعاء * * * وفي صنعاء، منعت قوات الجيش اليمني المنشقة بقيادة اللواء علي محسن الأحمر حوالي مئتي شرطي من اقتحام ساحة اعتصام المطالبين برحيل الرئيس علي عبدالله صالح في وسط صنعاء، حسبما أفاد شهود. وذكر الشهود أن قوات من الفرقة الأولى المدرعة التابعة للواء الاحمر صدت نحو مئتي شرطي من قوات الامن المركزي حاولوا الدخول الى ساحة التغيير من الجهة الجنوبية عبر شارع الوحدة. وأوضح شهود أن الشرطة حاولت التقدم مسلحة بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع نحو ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء، واجهها عناصر الجيش وأوقفوها من دون استخدام الرصاص. وكان الاحمر الذي كان يعد من اعمدة نظام صالح قبل ان ينشق الشهر الماضي، تعهد بحماية المتظاهرين. وفي مدينة الحديدة الساحلية في غرب البلاد، أكد مصادر طبية أنه تمت معالجة عشرات الاصابات بالرصاص الحي والحجارة إضافة إلى حوالى 400 حالة اختناق جراء تنشق الغازات المسيلة للدموع بعد تجدد الاشتباكات في المدينة بين قوات الامن والمتظاهرين. وأكد متظاهرون أن المواجهات حصلت في ساحة الاعتصام بوسط المدينة وفي الشوارع المجاورة لها. وكانت مصادر طبية أفادت أن 13 شخصا أصيبوا بالرصاص في مواجهات خلال الليل في الحديدة فيما أصيب 400 شخص بحالات اختناق جراء تنشق الغازات المسيلة للدموع و30 شخصا بجروح ناجمة عن الحجارة والهراوات. وذكر شهود عيان ومصادر محلية أن مواجهات قوية سجلت في الحديدة خلال ليل الأحد الاثنين بعد أن سار عشرات الآلاف من المتظاهرين باتجاه القصر الجمهوري في المدينة الساحلية للمطالبة برحيل صالح. من جهتها، أفادت صحيفة نيويورك تايمز الاحد نقلا عن مسؤولين اميركيين ويمنيين أن الحكومة الأميركية في طور سحب دعمها للرئيس اليمني علي عبد الله صالح وتسهيل رحيله. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن واشنطن دعمت منذ زمن طويل صالح الموجود في الحكم منذ العام 1978، مضيفة أن إدارة الرئيس باراك أوباما (تجنبت انتقاده علنا). إلا أن الصحيفة أوردت أن مسؤولين أميركيين ابلغوا حلفاءهم اليمنيين أن هذا الموقف الأميركي غير قابل للاستمرار بالنظر إلى الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي يواجهها وأن على الرئيس اليمني مغادرة السلطة. ولفتت نيويورك تايمز إلى أن هذا الأمر لا يؤدي في المقابل إلى إعادة النظر في موقف واشنطن من العمليات الأميركية لمكافحة الإرهاب في اليمن. وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه للصحيفة إن المواجهة المستمرة بين صالح ومعارضيه (كان لها اثر سلبي مباشر على الأمن في سائر أنحاء اليمن). وبحسب برقيات دبلوماسية سرية كشفها موقع ويكيليكس مؤخرا، فإن مسألة خلافة الرئيس اليمني مطروحة منذ العام 2005 في الولاياتالمتحدة. وسقوط حليف واشنطن سيمثل بحسب وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس (مشكلة حقيقية). وقتل اكثر من 100 شخص منذ بدء التحركات الاحتجاجية في اليمن نهاية كانون الثاني/يناير بحسب تقديرات متطابقة.