غالبا ما يعتبر الاباء الذين يعاني اولادهم من صعوبة في الرياضيات ان التعليم المكثف هو افضل وسيلة لمساعدتهم على التحكم في المهارات المهمة ولكن دراسة جديدة تشير الى انه حتى هذا سيكون غير مجد بالنسبة لبعض الاطفال. وقال البحث الذي نشر يوم الاثنين ان حجم بنية رئيسية في المخ والصلات بينها وبين مناطق اخرى يمكن ان يساعد في تحديد الاطفال ما بين سن الثامنة والتاسعة الذين يصعب استفادتهم من تعلم الرياضيات. وقال فينود مينون وهو استاذ في الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة ساتنفورد والذي رأس البحث “بامكاننا توقع كم ما سيتعلمه الطفل من التدريس بناء على قياس بنية المخ والقدرة على الاتصال.” وهذه اول دراسة تستخدم تصوير المخ للبحث عن وجود صلة بين سمات المخ والقدرة على تعلم الحساب. ونشرت الدراسة في طبعة “دوريات الاكاديمية القومية للعلوم” على الانترنت ولكن على الرغم من نشرها في دورية تحظى باحترام فقد تعرض البحث على الفور لانتقادات. ويخشى جوناثان مورينو وهو استاذ لاخلاق مهنة الطب في جامعة بنسلفانيا من ان بعض الاباء والمدرسين قد “يتخلون الان” عن الطفل الذي يواجه تحديا في الرياضيات. وقال”اذا ساد في الوعي العام الاعتقاد بأن من الحكمة القيام بفحص مخ ابنك” قبل اتخاذ قرارات بشأن الخيارات الاكاديمية “فهذا سيثير قضايا هامة.” ويتفق مينون وزملاؤه العلماء على ضرورة الا يؤدي بحثهم الى نتائج متسرعة. ويستكشف العلماء مااذا كان اي تدخل قد يغير المخ بطريقة يمكن ان تجعل الاطفال الذين يواجهون صعوبة في الرياضيات يستفيدون بشكل اكبر من التعليم. وقال مينون انه تماما مثلما يزيد تعلم كيفية القذف بجسم او اكثر الى الهواء والتقاطه في آن واحد من كمية المادة الرمادية في المنطقة المسؤولة عن التركيز الحيزي في مخ البالغين فقد يعزز شيء ما المناطق التي لها صلة بتعلم الرياضيات قبل ان يبدأ الطفل في تلقي دروس لتعلم الرياضيات. وأضاف انه الى حين يحدث هذا “فيمكن تصور” ان الاباء سيفسرون الدراسة الجديدة بقولهم ان بعض الاطفال لا يمكنهم الاستفادة من تعلم الرياضيات “ويتخلون (عن اولادهم) قبل حتى ان يحاولوا. كيف سينتهي ذلك غير واضح تماما.” وقالت لين فوتش التي شاركت في اعداد الدراسة وهي استاذ في التعليم الخاص في جامعة فاندربيلت وخبيرة في سبل تحسين مهارات القراءة والرياضيات لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم ان هذه الدراسة تهدف الى فهم سبب استفادة بعض الاطفال اكثر من غيرهم من دراسة الرياضيات. ومن اجل هذا البحث اجرى العلماء اولا العديد من الاختبارات على 24 من اطفال الصف الثالث لقياس معدل ذكائهم وذاكرتهم وقدرتهم على القراءة وتعلم الحساب. وتم تصوير امخاخ الاطفال ايضا. وكشف التصوير بالرنين المغناطيسي حجم وشكل مناطق مختلفة في حين كشف التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي الصلات بين هذه المناطق. وتلقى الاطفال بعد ذلك 22 جلسة تعلم شخصي على مدى ثمانية اسابيع لمدة مابين ثماني وتسع ساعات في الاسبوع. وركز التعليم على معرفة الطفل بالارقام. وبعد التعليم تحسن كل الاطفال في قدراتهم الحسابية وحل عدد اكبر من المسائل بشكل سليم وبشكل اسرع. لكن حجم التحسن تفاوت بشكل كبير من ثمانية في المئة الى 198 في المئة. ولم تتوقع اي من هذه الاجراءات المتعلقة بحجم معدل الذكاء قبل التعلم والذاكرة ومهارات الحساب قدر التحسن لدى الطفل. ولكن مينون قال انه عندما قارن العلماء تحسن كل طفل بصور مخه قبل التعلم ظهرت صلتان. فحجم المادة الرمادية في منطقة الحصين (قرن امون)اليمنى في المخ وهي احد التركيبين المزدوجين المهمين لتكون الذاكرة تباينت بنسبة عشرة في المئة لدى الاطفال. كما تباينت قوة الصلة بين قرن امون وقشرة الفص الجبهي والعقد القاعدية بنسبة 15 في المئة. وقال العلماء ان كليهما ينبيء بحجم التحسن في مهارات الحساب لدى الطفل عن طريق التعلم. وقال مينون ان قشرة الفص الجبهي “مهمة للتحكم المعرفي والذي يلعب دورا في تكوين الذكريات الطويلة الامد.” اما العقد القاعدية الموجودة تحت السطح الخارجي للمخ “فلها دور في تكوين العادات والذاكرة الاجرائية” مثل كيفية جمع الارقام. وقال مينون “الاطفال الذين لديهم منطقة الحصين اليمنى اكبر واتصال اكبر بين منطقة الحصين وهذين التركيبين تحسنت مهاراتهم في حل المسائل الرياضية.” واضاف ان ملامح المخ تلك فسرت التفاوت الذي تراوح بين 25 و55 في المئة في التحسن بعد تعلم الرياضيات. وهذا بالطبع يترك نحو نصف نسبة التفاوت بين الاطفال لتفسره عوامل اخرى.