لم يسبق لي أن دخلت مدينة الملك فهد الطبية منذ افتتاحها، إلا يوم الجمعة قبل الماضي، حيث ترددت عليها عدة أيام، لزيارة أحد المنومين فيها، هذه الزيارات أتاحت لي الاطلاع على كثير من معالم هذه المدينة الطبية التي لم تأخذ حقها من الإعلام. في مدينة الملك فهد الطبية تجاذبت الحديث مع عديد من المراجعين، ورأيت الرضا عما تتميز به المدينة من إمكانات، وعما يتمتع به جهازها الطبي من قدرات وحُسن تعامل. ومن خلال ما شاهدته أثناء تجوالي في أقسام المدينة، وفي الممرات والطرقات التي تربط بين هذه الأقسام، أدركت أن من أطلق عليها مسمى مدينة لم يجانب الواقع. القطاع الصحي في بلادنا حقق تقدما كبيرا، وتميزا سواء من خلال التجهيزات، أو الكفاءات البشرية بما يستحق أن نفاخر به على مستوى العالم، ولم يبق سوى معالجة منغصات لو قضي عليها لما رأينا شكوى أو تذمراً من المواطنين. مشكلة القطاع الصحي في بلادنا أنه رغم ما يصرف عليه من أموال طائلة، إلا أن المواطن، ومنذ سنوات ليست بالقليلة، لا يزال يشكو من أمور تسبب له الألم، وهي من أهم أسباب النظرة السلبية لهذا القطاع. فعبارة ''لا يوجد سرير'' أو إعطاء مواعيد تمتد لأشهر، لمريض يمكن أن يتضاعف مرضه خلال ساعات، يُعد من أشد الأمور إيلاماً للنفس، وهذا وضعٌ صعبٌ سبق أن مررت به، وأدرك مدى ما يحدثه من معاناة وألم، يظل في ذاكرة الإنسان طويلا، خاصة حينما يتوفى المريض وهو ينتظر السرير. لقد استطاعت بلادنا أن تصبح قبلة لمن يريد العلاج المتخصص، وأصبح كثيرٌ من ضيوفها يتحينون الفرصة لزيارتها لإجراء الفحوص الطبية وما يتبعها من علاج، بل وأصبحنا نرى عمليات بالغة التعقيد تجرى في مستشفياتنا فتنجح، وهذا ما يجعل من أوجب الأمور على القائمين على هذا القطاع، إنهاء معاناة المواطنين، ليس عبر مزيد من الدراسات والأبحاث والتصريحات والحديث عن استراتيجيات ونقاط ضعف ونقاط قوة، وإنما عبر قرار حازم يتم من خلاله توحيد الجهود لمحو عبارة ''لا يوجد سرير'' من قاموس مسؤولي المستشفيات، وتنهى معاناة من تمتد مواعيدهم إلى عدة أشهر، وإذا ما تحقق هذا الأمر، سنجد كل مواطن يُشيد بهذا القطاع، وستكون هذه بداية زوال النظرة السلبية للقطاع الصحي، ودون ذلك ستستمر معاناة المواطنين، وهي معاناة لا علاقة لها بارتفاع الوعي، أو ارتفاع سقف المطالب، كما يبرر البعض، فكل ما يطلبه المواطن سرير يعالج عليه، وهذا أمرٌ يُعد من أبسط المطالب. المصدر: الاقتصادية