تعالت الأصوات المختلفة، برفع مستوى الخدمة الصحية في المملكة وتفعيل حقوق المرضى من خلال الرعاية الطبية، آخذة في اعتبارها أن نيل الخدمة الصحية يتجاوز الحصول عليها إلى تحقيق أفضل خدمة ممكنة، وهي من أساسيات حماية صحتهم كمواطنين ومرضى في ذات الوقت، في حين برر مقدمو الخدمة الصحية أنّ هناك تحسناً يشهده القطاع الصحي في السنوات الأخيرة؛ ظهر جلياً من خلال رفع سقف ميزانية الأدوية، كما وعدوا في السنوات القليلة المقبلة بتوفير مستشفيات متخصصة، إضافة إلى مراكز صحية في بعض مدن المملكة، وحلول أخرى لمشكلات حقوق المرضى ومستويات الرعاية الطبية، وأتى هذا النقاش في منتدى القيادات الصحية العاشر والذي نظمته مدينة الملك فهد الطبية مؤخراً، وذلك تحت عنوان «واقع حقوق المريض والآفاق المستقبلية». د.خشيم: بقاء المريض في الطوارئ يجب أن لا يتجاوز أكثر من أربع ساعات! الوعي بالمفهوم وأكد «د.محمد حمزة خشيم» وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير على أنّ حقوق المريض باتت أساساً في أدبيات الاعتماد في كل الدول بعد أن عرفت بكونها ثقافة جديدة منذ الثمانينيات وازدهرت في التسعينيات، مشيراً إلى وجود تشوش في مفهوم حقوق المريض بالنسبة للأطباء والممرضين والعاملين الذين قد لايعونها كما يجب، وهناك حقوق كثيرة ومازلنا نحاول أن يعرفها الناس، حتى تكون ثقافة مغروسة لدى الجميع في المستشفى، بل أن نتأكد أيضاً أن المريض نفسه يعي حقوقه ليطالب بها، وهي ليست صعبة فديننا يأمرنا بها بالدرجة الأولى كل ما نحتاجه هو كتابتها وتفهميها للناس، ثم وضع النظام الذي يجبر الناس على احترامها، موضحاً بأنه توجد لائحة بشأن حقوق المريض في وزارة الصحة تم وضعها عندما بدأت المستشفيات تخضع للاعتماد. د.الخازم: المملكة تتبوأ المركز 55 عالمياً و15 عربياً.. ويعد متأخراً معيار عالمي وأشار «د.محمد الخازم» إلى أنّ الجوانب الصحية باتت معياراً عالمياً لتقدم الدول واستقرارها، مشيراً إلى تقرير التنمية البشرية الأخير الذي حصلت فيه المملكة على المركز 55 عالمياً و15 عربياً وهذا مركز يعد متأخراً، ورأى «الخازم» أنّ هناك مشكلة في الحصول على الخدمة الصحية في الوقت المناسب خصوصاً عند الحاجة إلى رعاية تخصصية، بل إن نقاشات مركز الحوار الوطني اتفقت على أن مهمة المريض ليست ميسرة في الحصول على الخدمة الصحية، فالقضية إذاً أكبر من مجرد فتح ملف في مركز رعاية أولية، يجب أن تتوفر للجميع على اختلاف قدراتهم المادية فالحق بالصحة حق عام للجميع. د.محمد الخازم دعم الدولة وأوضح «د.خشيم» أنّ المريض الآن يريد أن تكون الخدمة المقدمة ذات جودة عالية، وهو يطلب الدرجة الأخيرة من الرعاية الطبية بحيث يكون الجو العام يحترمه ويرضيه، ونحن في مستشفياتنا نعمل على تطبيق نظام الاعتماد، وهو أحد أهم الأشياء التي تضمن أن المؤسسات تؤدي دورها بالطريقة المثلى، ندرك أنّ الجودة مكلفة لكن دعم الدولة السخي تدارك هذا الجانب تماما، يجب أن نستغل هذه الفرصة في العمل الجاد لنتأكد من تطبيق النظم والمعايير وإلا فسنكون خسرنا فرصة ذهبية، نعلم أنّ هذا سيستغرق وقتا كما حدث في الدول المتقدمة، والجودة ليس لها حدود ولكن الحد الأدنى منها ليس صعباً. الرعاية للمريض وأوضح «د.مفلح القحطاني» رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنّ حق المريض في الحصول على العناية الطبية مازال يواجه بعض المعاناة؛ بحسب ماقامت به جمعية حقوق الإنسان من زيارة مستشفيات واستقبال شكاوى، مستشهداً بأقسام الطوارئ التي تنخفض فيها مستويات العناية ويستغرق المريض وقتاً طويلاً في انتظار السرير فضلاً عن المواعيد البعيدة في العيادات، مؤكداً على أنّ بعض الحالات المرضية كانت تتضاعف بسبب عدم التدخل السريع من الأطباء أو الاستشاريين. د.القحطاني: نحذر من التعاقد مع أطباء سبق لهم ارتكاب أخطاء طبية.. توفير العناية الطبية وأشار «د.القحطاني» إلى أنّ هناك مشكلة في توفير العناية الطبية والأسرة والاستقبال والاستماع إلى المريض وتوفير العلاج، والاستعانة بالطبيب الأعلى تخصصا، إضافة إلى النقص في الكوادر والتخصصات الطبية العالية لاسيما في المناطق البعيدة، مشيراً إلى أنّ المريض يظل مستحقاً للخدمة الطبية حيثما كان، وهناك نسبة كبيرة من المرضى هم خارج النظام الصحي، أو يعانون من تباعد المواعيد، كما أنّ هناك مرضى يطلبون منا التدخل لتمكينهم من العلاج بسبب تفاقم مشكلاتهم الصحية، مقدم الخدمة متعدد ولكل منهم إشكالياته الداخلية من حيث الإدارة أو التنسيق أو متطلبات الجودة، نلمس جهود من القيادات الصحية وتركيز على الجودة التي يجب أن تكون معتمدة على حق المريض. حقوق الرعاية الطبية وأوضح «د.محمد خشيم» أنّ القطاع الصحي لا يجب أن يكتفي بتوفير حق الرعاية بل يلبي حق المريض في أن يجد في المستشفى نظاما فعالاً يمكنه من الشكوى، ويوفر له آلية للوصول إلى الإدارة أو علاقات المرضى، مبيناً أنّ ثقافة الإيمان بحق المريض يجب أن تكون حاضرة وجاهزة لاستقبال أي حالة ليست بالضرورة شكوى، ولكنها قد تحتوي مقترحاً أو ملاحظة يمكنها أن تفيد في تطوير عمل المستشفى. حقوق الإنسان رصدت مطالبات المواطنين بتحسين مستوى الخدمات وتوفير الكفاءات الطبية حقوق الأطباء وأكد «د.القحطاني» على أنّ هناك عدداً من الشكاوى تصل إليهم من كوادر طبية ومن مرضى ومن معلومات تجمعها الفرق الميدانية للجمعية، مشيراً إلى أطباء طالبوا بحقوقهم ومنها السكن وتحسين الرواتب، مطالباً أن يكون هناك مراقب يرفع تقاريره لإدارة المؤسسة أو الشؤون الصحية والوزارة، بحيث تساهم الملاحظات في حل المشكلة، مشيراً إلى أنّ أخطاء طبية إدارية كأن يقال للمريض بعدم وجود سرير رغم وجوده، معتبراً أنّ كل تلك الأخطاء يجب أن تحل إذا كنا نريد تطبيق حقوق المرضى. د.مفلح القحطاني العلاقة بين المرضى والأطباء وعلق «د.محمد خشيم» على ماذكر بشأن حقوق العاملين والأطباء، بقوله: «تصلنا فعلا شكاوى منهم وبعضهم يعتدى عليهم في الطوارئ ولا يجدون حماية، الأطباء يسألون عن الرواتب أيضا وهذه حلت بالكادر الجديد، ونحتاج الاشتغال على هذه الحقوق أيضاً بحيث يكون لديك نظام في المستشفى يساعد في امتصاص غضب مرافق المريض الذي يكون في حالة متوترة، وتحتاج علاقات عامة وعلاقات مرضى». وأكد «د.خشيم» على أنّ من حقوق المريض أن يتكفل المستشفى بإيجاد السرير، مشيرا إلى أنّ هذا هو النظام الموجود في الطوارئ والعنايات المركزة وعنايات الخدج، وأن يتم تحويل الحالات إلى القطاع الخاص إذا تطلب الأمر، لافتاً إلى أنّ الوزارة تعمل حالياً على حلول وقتية وعاجلة كأسلوب جراحة اليوم الواحد التي تقدمت نسبتها من 2% إلى 33%، مشدداً على أنّ مؤشرات الأداء التي تحدث في المستشفيات هي جزء من تقييمها، بحيث إذا كان هناك حوادث تحصل ولم يهتم بها المستشفى فهي تؤثر عليه. د.محمد خشيم بقاء المريض في الطوارئ وأشار «د.خشيم» إلى أنّ بقاء المريض في الطوارئ يجب أن لا يبقى فيها أكثر من أربع ساعات، وبعدها يجب البحث عن طريقة إيجاد السرير، وأن يحسب هذا على المستشفى، فقد كان المريض يجلس في المستشفى من خمس إلى ست ساعات والآن تم تقليص هذه المدة، وإلى قبل سنوات كانت هناك مشاكل في توفير الأدوية، اليوم كل الأدوية غالية الثمن متوفرة في الوزارة، ما نصرفه اليوم هو سبعة أضعاف ماكان يصرف سابقا، ميزانية الدواء وصلت إلى خمسة آلاف مليون ريال، وكانت سبعمائة مليون، قفزة هائلة في دعم الدولة للدواء، كانت شكاوى المرضى عن عدم وجود هذه الأدوية، وانخفضت نسبة المكالمات التي كانت ترد للتموين الطبي حول الأدوية، وكل العاملين يعلمون أن عدم توفر دواء لايعني أنه غير موجود. الأخطاء الطبية وعلق «د.مفلح القحطاني» على مسألة الأخطاء الطبية بقوله: «هناك توجه للتحسين والتطوير وهو يحتاج إلى وقت، والباحثين عن العناية الطبية ينتظرون، هناك مستشفيات زرناها وللأسف لم يحرك فيها ساكن منذ عشر سنوات أو أكثر، الأخطاء الطبية موجودة في كل مكان، أحيانا نقارن أنفسنا بدول متقدمة من حيث الأخطاء الطبية، ومكافحتها يكمن في اختيار المؤهلين من الكادر الطبي والتمريضي»، مؤكداً على أنّ الكفاءات منخفضة في التمريض تحديداً رغم أنه يقوم ب70% من عملية العلاج والمتابعة، مهم أن تعطي الوزارة هذا الموضوع أهمية كبرى، إلزام المستشفيات بالإعلان عن أخطائها الطبية عنصر جيد، نظام المهن الصحية فرض على الأطباء التأمين الإلزامي وهو لا يقتصر على التعويض المناسب للمريض وإنما يشمل أيضا التعويضات التي تساعد المريض على التأقلم مع حياة جديدة. التأمين الطبي وأضاف: التأمين الطبي غير مفعل بالشكل المناسب والسبب ليس الأجهزة الصحية وإنما شركات التأمين القائمة على العمل، مشيراً إلى أنّه في الدول الغربية شركات التأمين رقيبة على الطبيب وعلى أخطائه بل إن هذا يسجل سنويا لديها، وهم يحاسبون الطبيب على التحاليل التي يثبت أنها غير ضرورية وترفض الدفع مقابلها وإذا استمر في هذا التصرف قد يجد نفسه خارج المهنة، داعياً الوزارة لوضع سجل للأطباء بحيث لا يتم التعاقد مع أطباء سبق لهم ارتكاب أخطاء طبية نتيجة الإهمال، وأن يتم التنسيق مع الجوازات في هذا الشأن؛ ليتم منع هؤلاء من دخول المملكة مرة أخرى، كل هذه الإجراءات ستقود إلى الحد من الأخطاء الطبية أو على الأقل حصرها، وبالتالي تحقيق حق المريض في أقصى درجات الحماية منها. نظام شامل للجودة وأشار «د.خشيم» إلى أنّ الأخطاء الطبية يكمن حلها في وضع نظام شامل للجودة ثم قياسه، مؤكداً على أنّ التجربة أثبتت أن العاملين متى مابدؤوا يشعرون بوجود عدالة في الحقوق وبوجود رقابة وقياس، تتغير حينها أشياء كثيرة على مستوى العلاقة بالمريض وثقافة التعامل معه، حيث يعلمون أنّ هناك لجانا تبحث كل شيء في نهاية العام، مشيراً إلى أنّ مؤسسة طبية ما إذا كانت لا تتابع عمليات نقل الدم الخاطئة فكيف نتوقع أن يتم حصر تلك الحالات وتجنبها، فقبل أي عملية جراحية يجب أن تقول للجميع أنك ستقيس وتحسب، فيظهر لك الممارس غير الكفء مع الأيام. الثقافة الحقوقية للمريض ودعا «د.مفلح القحطاني» إلى نشر الثقافة الحقوقية في كل القطاعات وليس الصحي فقط، وهو أمر مهم، لأن له نتائج إيجابية على المؤسسة وعلى المستفيدين من الخدمات الصحية، هناك أدوار كبيرة فالجمعية تحرص على نشر بروشورات ومطبوعات توزع على المرضى، مضيفاً: وزارة الصحة عملت قائمة بالحقوق ويشكرون عليها ويجب أن تصل إلى كل المنشآت، وهنا يبرز دور الإعلام والمؤسسات الحقوقية أيضاً في نشر هذه الثقافة بما يعود بالفائدة على المريض والعاملين ومن ثم على المجتمع عموماً، مؤكداً على أنّ دور حقوق الإنسان أن تراقب وصول ثقافة حقوق المريض والتدخل لدفع المؤسسات الصحية للقيام بمسؤولياتها في هذا الجانب. ازدحام المرضى في الطوارئ أكبر التحديات التي تواجه مشروعات وزارة الصحة