هبطت طائرة ركاب روسية اضطراريا في حقل ذرة قرب العاصمة موسكو، الخميس، وذلك بعد وقت قصير من إقلاعها بعدما دخلت طيور في محركي الطائرة، الأمر الذي هدد سلامة الركاب على متنها، وأثار تساؤلات حول احتمالات تسبب الطيور بحوادث جوية خطيرة. وتسببت حادثة الهبوط الاضطراري للطائرة الروسية في حقل الذرة بإصابة أكثر من 20 شخصا على الأقل، وفقا لمسؤولين روس. ولا يخلو تاريخ الطيران من حوادث ارتطام الطيور بالطائرات أو دخولها في محركات الطائرات، بما فيها الطائرات الحربية، بسبب قوة شفط الهواء، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو “ما مدى شيوع ارتطام الطيور بطائرات الركاب أو الطائرات التجارية، وهل يمكن أن تتسبب بسقوطها؟” وفقا لجمعية الطيارين البريطانيين، فإنه من النادر أن تكون مثل هذه الحوادث خطيرة، كما أنها حالات نادرة الحدوث، بحسب ما ذكرت صحيفة “تلغراف” البريطانية في تقرير نشرته سابقا. ويقول أخصائي سلامة الطيران في جمعية الطيارين البريطانيين ستيفن لاندلس: “لقد صممت الطائرات وصنعت لتقاوم ارتطام الطيور”، مشيرا إلى أن الطيارين يخضعون لتدريب صارم لتمكينهم من التعامل مع مثل هذه الاحتمالات. وأضاف لاندلس أنه خلال مسيرته المهنية الطويلة في مجال الطيران، شهد 10 حالات فقط لارتطام طيور بالطائرات، ولم تتسبب أي منها بإلحاق أضرار كبيرة في الطائرات. وأوضح أنه في نصف هذه الحالات، وبسبب صغر حجم الطيور، لم يكن يدرك أن الطائرة التي كان يحلق بها ارتطمت بطائر إلا بعد أن يتفقد الطائرة بعد الهبوط. من جهته، بيّن الطيار والمؤلف الأميركي باتريك سميث “كما هو متوقع، فقد تم تصميم مكونات الطائرة لتتحمل مثل هذه الآثار والأضرار”، مشيرا إلى وجود مقاطع فيديو على الإنترنت لاختبارات ارتطام الطيور بالزجاج الأمامي للطائرة، وما إلى ذلك. وأوضح أنه عانى شخصيا من ارتطام الطيور بالطائرات التي كان يقودها، مشيرا إلى أن النتيجة، في أسوأ الأحوال، هي انثناء بسيط في بدن الطائرة. وفي بعض الحالات، يتم امتصاص الطائر أو “شفطه” بواسطة محرك الطائرة، وفي هذه الحالة فإن الطائر البائس يهلك ويتمزق بفعل حركة مراوح المحرك. غير أنه حدث مثل هذا الأمر مع الطيور كبيرة الحجم، فربما يحلق ضرر كبير بمحرك الطائرة، بحسب الخبراء. وأبرز مثال على مثل هذه الحوادث الخطيرة الرحلة رقم 1549 التابعة للخطوط الجوية الأميركية، التي وقعت في العام 2009، والتي صار يطلق عليها اسم “معجزة على نهر هدسون”. وتتمثل هذه المعجزة بهبوط طائرة إير باص إيه 320 على النهر بعد 5 دقائق من إقلاعها في 15 يناير 2009، حيث ارتطمت بعد 90 ثانية من إقلاعها، وبينما كانت على ارتفاع 980 مترا، تعرضت الطائرة لضربة مزدوجة بسبب الطيور، الأمر الذي أدى إلى فقدان قائد الطائرة السيطرة على المحركين، ولم يتمكن من العودة إلى المطار، فاضطر إلى الهبوط على نهر هدسون، وقد نجا جميع الركاب. بعد حادثة نهر هدسون، لجأت المطارات في نيويورك إلى إعدام المئات من طيور الإوز لمنع تكرار الحادثة، وتسبب هذا الأمر بإثارة غضب علماء الأحياء في الحياة البرية في عام 2013. وبحسب جمعية الطيارين البريطانيين فإن بعض التدابير الأخرى استخدمت بنجاح في مختلف المطارات، مثل إطلاق نداءات الاستغاثة بواسطة مكبرات للصوت، وإشعال النار، وحتى استخدام الطيور الجارحة في مراقبة أسراب الطيور ومنعها من الاقتراب من المطارات.