كشف فريق علمي "سعودي – بولندي" مشترك عن آثار مستوطنة أثرية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد في موقع عينونة الأثري الواقع شمال غرب المملكة بمنطقة تبوك. واكتشف الفريق بقايا جدران ممتدة تحت الطبقة الأرضية الحالية، مما يشير إلى وجود مراحل سكنية سابقة في الموقع، كما كشفت البعثة عدداً من المعثورات الفخارية المتنوعة، والمطاحن والمدقات التي استخدمت في طحن الحبوب، أو ربما المعادن، وعدداً من الأصداف البحرية المتنوعة، فضلاً عن العثور على بقايا مجموعة من الأفران داخل الغرف وبقايا صهر لخامات معدنية مختلفة. وقامت البعثة المشتركة المختصة بالتنقيب عن الوحدات المعمارية المتبقية في المنطقة التجارية بعينونة، والتي تعد من أضخم المباني المعمارية الموجودة في المنطقة الأثرية، كما تم إجراء الرفع المعماري وإعداد خرائط طبوغرافية وثلاثية الأبعاد للمستوطنة السكنية الواقعة على قمة جبل الصفراء شرق موقع عينونة، وتم الكشف عن التقسيمات الداخلية للمباني وإبراز عناصرها المعمارية والوظيفية، كما تمكنت البعثة من الكشف عن التسلسل الطبقي للموقع وتوضيح مراحل الاستيطان فيه، إلى جانب القيام بدراسة المواد الأثرية المكتشفة وإعداد سجل للقطع المستخرجة من أعمال التنقيب. وتمثلت عمليات التنقيب في الكشف عن التفاصيل المعمارية لواجهات الغرف الشمالية من المباني المطلة على الساحة المتوسطة بالموقع، إلى جانب الكشف عن المخطط الداخلي ومساحات الغرف لمنطقة السوق الرئيسي في المستوطنة. ويضم موقع عينونة عدة مواقع أثرية يعود بعضها للفترة النبطية الرومانية، وبعضها لفترات إسلامية متعاقبة، ويحتوي الموقع على مجموعة من الوحدات المعمارية تتركز على أرض واسعة مرتفعة عن بطن الوادي، تطل على بقايا لتلال أثرية ومزارع، ومجرى لعين تعرف في المصادر الإسلامية بعيون القصب، ومن أكثر المجموعات وضوحاً بموقع عينونة، وحدة معمارية ضخمة أطلق عليها (السوق) وهي المنطقة التي شملها عمل التنقيب الأثري للموسمين الأول والثاني. وتحتوي منطقة السوق على صفين من الغرف المربعة على طول امتداد المبنى من الشرق إلى الغرب في الجهتين الشمالية والجنوبية من المبنى، تتخللها عدد من المساحات، بالإضافة إلى وجود برج مراقبة في وسط الموقع يبلغ ارتفاعه (14م)، فضلاً عن مجموعة من المقابر الواقعة عند سفح الجبل. كما يحتوي موقع عينونة على مستوطنة سكنية واقعة على قمة جبل الصفراء على ارتفاع (60م) تقريباً بها عدد من المباني السكنية المتراصة.وتعد عينونة من أكبر الموانئ النبطية التجارية (ميناء لوكى كومي) على ساحل البحر الأحمر الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد ويمتد إلى القرن الثاني الميلادي. وكان صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة تبوك، رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، قد استقبل بمكتبه بالإمارة يوم 19 صفر1437 الفريق السعودي البولندي المشترك ضمن وفد الفرق العلمية والعالمية، السعودية والألمانية والنمساوية واليابانية التي تعمل في منطقة تبوك، حيث أكد سمو أمير منطقة تبوك في ذلك اللقاء على أهمية تقديم كافة التسهيلات لإنجاح أعمال هذه الفرق من قبل كل الجهات ذات العلاقة بالمنطقة، مشيراً إلى أن الآثار أصبحت من اهتمامات العالم أجمع، منوهاً سموه بجهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، معرباً عن سعادته بتواجد الشباب السعودي الذي يعمل بالفرق لاستكشاف آثار بلادهم وتاريخ وطنهم. كما قام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وعدد من مسؤولي الهيئة بزيارة موقع عينونة، ووقف على أعمال المسوحات والتنقيبات 27 صفر1437 واستمع إلى شرح مفصل عن العمل. كما قام سفير جمهورية بولندا بالرياض السيد، فيتولد شمويدوفسكي، يوم 7 صفر 1437ه بزيارة لموقع عينونة الأثري، واستمع إلى شرح مفصل من فريق العمل عن أعمال المشروع المشترك، وشاهد الأدوات التقنية الحديثة المستخدمة في أعمال الرفع المساحي والتصوير الجوي في الموقع، وقام السفير بجولة في المواقع الأثرية القريبة من منطقة عمل الفريق، وأبدى إعجابه بآثار منطقة تبوك والتي تعكس التنوع في التراث الحضاري للمنطقة، ولفت سعادته إلى اهتمام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالآثار والتراث بالمنطقة والمحافظة عليها. ويتكون فريق عمل البعثة بموقع عينونة، من الدكتور مايكل قاولكاوسكي، رئيس الفريق البولندي، وأستاذ الآثار بجامعة وراسو البولندية، والدكتور عبدالله بن علي الزهراني، رئيس الفريق السعودي وأخصائي آثار بقطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والدكتور كريستينا قاولكاوسكي، أستاذ الآثار المشارك بجامعة وراسو البولندية، ووليد بن علي البديوي، أخصائي آثار بقطاع الآثار والمتاحف بالهيئة، والدكتور كارول جنشيوكشي، أستاذ الآثار المساعد بجامعة وراسو البولندية، وعبدالله بن حوال المطيري باحث آثار بقطاع الآثار والمتاحف بالهيئة، وجاكوب كنزويسكي، أخصائي تقنيات المسح الأثري، وفهد فزع الظفيري، مساح بقطاع الآثار والمتاحف بالهيئة، وتوماس شول، أستاذ الآثار المساعد بجامعة وراسو البولندية، ومارك تروسزاكوسكي، باحث آثار، معهد وارسو للآثار، ومارشن فاقنر، رسام بجامعة وراسو البولندية.