«أبكي على البَمْبَرهْ وأبكي على التينهْ.. وأبكي على منْ ذبحْ قلبيْ بسكينَهْ».. يتذكَّر الخليجيون جيداً هذه الأغنية للبحريني خالد الشيخ التي راجت في ثمانينيات القرن الماضي. وكثيرٌ منهم لا يعرفون «البَمْبرَهْ» التي وردت في الأغنية التي تعني بالضبط واحدةً من أشهى فواكه الشريط الخليجيِّ. ومنتصف الشهر الجاري، يونيو، بدأت أسواق الخضراوات والفاكهة تعرضها بسعر لا يتجاوز ال 20 ريالاً للصندوق الواحد. هذا «التهاود» في السعر لفاكهة محلية مردُّه إلى نفور صغار السن من لزوجة حشوتها الصمغية، ووفرة الفواكه الأخرى المستوردة، غير أن كبار السنِّ لهم رغبة ملحَّة وشديدة متأثِّرين بما توارثوه من معلومات تضع ثمرة ال «بَمْبَرْ» في قائمة الأغذية تارة وقائمة الأدوية تارةً أخرى. لكنَّ هذه الفاكهة تلقى رواجاً في الأحساء والقطيف، لارتباط شجرتها بموروث شعبيِّ يتجاوز الغذاء والدواء، ويصل بالشجرة والثمرة إلى دائرة الخرافة الشعبية التي لا تخلو من ظرف. كُرةٌ صفراءُ صغيرة، تغلِّف قشرتها مادة صمغيَّة لزجة جداً، والمادة الصمغية تُحيط بنواة صلبة، وما يؤكَل هو الغلاف والمادة الصمغية، والطعم السكَّري هو ما يميِّز هذه الفاكهة التي تنضج في أواسط يونيو وتستمرُّ في الإثمار حتى أواخر يوليو من كلِّ عام. وتنبتُ الثمار متدليةً من أغصان مُزدحمة بأوراق عريضة. وتنتشر شجرة ال «بَمبَرْ» في الشريط الساحليِّ لدول مجلس التعاون وصولاً إلى بغدادالعراق، غير أن هذه الشجرة أوسع انتشاراً، فهي تنبت في مصر ويسمونها «المخيط» أو «الدبق»، وهناك معلومات تشير إلى وجودها في تنزانيا والهند بل في أمريكا اللاتينية. ويقول الباحث البيئي محمد الزاير وفقا لصحيفة "الشرق" ، إن بعض كبار السنِّ يأكلون الثمرة ونواتها معاً، ميلاً إلى وجود فوائد كثيرة، من بينها أن المادة الصمغية المحيطة بالنواة تشكِّل عجينةً لزجة تلتصق فيها ديدان المعدة والأمعاء، وبالتالي فإن «البمبر» مُنظف طبيعي للجهاز الهضمي. غير أن الدواء يمتدُّ إلى ما هو أبعد. يقول الزاير «هناك طريقة ما زال سكان الأحساء يستخدمونها، حيث يجففون الثمار، ثم تُطحن وتُخلط بالحبوب المعروفة باسم «الحلوهْ»، ومن ثم تُغلى وتُشرب ساخنة، وهذه الوصفة مفيدة لحساسية الصدر ومشكلات الجهاز التنفسي». يضيف «وما يزال العطارون يبيعون هذه الوصفة جاهزة، بالذات في الأحساء». ومثل كثير من النباتات والحيوانات، انضمَّت شجرة «البَمْبَر» إلى قائمة الميثولوجيا الشعبية في منطقة الخليج، فالشجرة تطرد الجنَّ من البستان أو البيت الذي تنبت فيه، ولذلك تحظى الشجرة باحترام بالغ بين السكان، حتى أولئك الذين «يقرفون» من تناول ثمرها اللزج، يمكن أن يحرصوا على زراعتها في بيوتهم الحديثة، وربما وقفت هذه النظرة الخرافية وراء انتشار زراعة الشجرة في البيوت والأحواض المحاذية لها في الشوارع. وبعيداً عن هذه الخرافة؛ فإن الباحث الزاير يوضح أن الشجرة طاردة للحشرات بشكل عام، ذلك أن لزوجة الثمار تشكِّل مصيدة تهدد الحشرات الصغيرة، ولذلك فهي تتحاشاها غريزياً.