الحب تلك الكلمة التي يجد المرء صعوبة في التعبير عنها ، وتتنافر الكلمات عند محاولة تبيين معناها ، الحب شعور أم إحساس أم نوع من العذاب أم هو لذة ونشوة مشاعر ومزيج بين الحزن والفرح والشوق لا أدري ولا أريد معرفة كنهه ، المهم كيف نتعامل مع هذا الحب وهل نحن من يصنعه أم أنه هو المتسلط ويأتي كيفما شاء ؟ هل أستطيع أن أحب شخصاً إذا أردت أو أمنع حبي إذا أراد ؟ برأيي سأتحدث ورأيي يقول :نستطيع أن نحب متى ما أردنا ذلك ولذلك وجبت محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) أخرجه البخاري . ولو لم يكن لنا على الحب سلطة لما قالها صلى الله عليه وسلم .وهناك من الناس من تكلم عن الأرواح والتقاءها فقال أن الحب هو التقاء روحين وتوافقهما وتعانقهما فينشأ الحب ويكون حيث تلتقي ، ولا شك أن الروح علمها عند الله ، لذلك لا تأكيد على ذلك الرأي ولكن أعتقد أن الطريقة لحب شخص ما هو النظر إلى محاسنه وكذلك اعترافه بمساوئه ،فالكل يكره الشخص عندما يبدأ بالحديث عن نفسه بتبجيل ومدح وثناء وتنزيه نفسه من العيوب ويكره هذا فيه ، ولكن إذا بلغت عليه سمة التواضع والاعتراف بعدم الكمال والترحيب بالنقد الموجه إليه ،فهذه بحد ذاتها صفة حسنة فيه تحببنا فيه ، لذلك فلننظر دائما إلى محاسن الناس لكي نحبهم ولنغض الطرف عن عيوبهم فالأولى النظر إلى عيوبنا،نسمع دائما من يقول هذا الشخص أكرهه ولم أعطى حبه ولم أستطع أن أحبه ويختمها بالتسبيح لله ، وكأنه يقول لم يعطني الله حبه ، ويريد بذلك التخلص من المسئولية أي أنه يريد حبه ولكن الله لم يهبه ذلك ؟! لو وقفنا قليلاً لوجدنا أنه لا ينظر إلا لعيوبه ولا يرى به إلا النواقص فالقضية قضية مزاج ، فلنتعود على التحكم بمشاعرنا لكيلا نقع في المتاعب ، هذا يطلق زوجته ويقول عجزت أن أحبها ؟وهو في حقيقته لا يرى إلا عيوبها وقد غض طرفه عن محاسنها وصفاتها الحميدة ، قد يقول بعضهم أن العيوب طغت على المحاسن فليس لي من الأمر شيء ، وأنا أقول أننا لو أردنا لتمسكنا ولو في حسنة واحدة فتكبر هذه الحسنة وتنثر حسنها على باقي العيوب ، أيضا الكثير عنده توجس من العيوب فلذلك يتفحص باحثاً عن العيوب متجاوزاً كل المحاسن ، أعيدها أننا إذا أردنا حب شخص فلننظر إلى محاسنه ونغض الطرف عن عيوبه متذكرين أن الكمال لله وحده وأننا ملئا بالعيوب..وهنا نذكر بعض الأبيات المأثورة لسانك لا تذكر به عورة امرئ...فكلك عورات وللناس ألسن وعينك إن أبدت إليك مساوئاً...فصنها وقل يا عين للناس أعين ..... أرى كل إنسان يرى عيب غيره ...ويعمى عن العيب الذي هو فيه ببساطة بالغة لنا محاسن وعيوب وكذلك الناس جميعاً فالكمال لله ، ثم نحن مخيرين فإذا أردنا حب الناس فلننظر محاسنهم وإذا لفتنا فيهم عيب فلنتذكر عيوبنا ، ألا تريدون حب الناس كلهم ؟ لنفكر قليلاً ونعدد فوائد الكره ثم نقرر ماذا نختار. هذا رأيي أنا أما ابن القيم رحمه الله فله كتاب قرأت منه تلخيصاً بعد أن كتبت رأي وقد وقعت عليه صدفة فقد قال كلاماً جميلاً عن الحب وأنواعه وهو بلا شك قد أشبع قولاً فقد ألف كتاباً أما أنا فاقتصرت على مقالة بسيطة ، من وصفه للحب أن قال : إنّ مبادئ العشق وأسبابه اختياريّة داخلة تحت التكليف؛ فإنّ النظر والتفكّر والتعرّض للمحبّة أمرٌ اختياري. وهذا بمنزلة السّكر مع شرب الخمر، فإنّ تناول المسكر اختياري وما يتولّد عنه اضطراريّ. .. فمتى كان السبب محظوراً لم يكن السّكران معذوراً... ولا ريب أنّ متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر فهو يلام على السبب. ولهذا؛ إذا حصل العشق بسببٍ غير محظور لم يُلم عليه صاحبه، كمن يعشق امرأته ثمّ يفارقها، وكذلك إذا نظر نظرة الفجاءة ثمّ صرف بصره وقد تمكّن العشق من قلبه بغير اختيار .. على أنّ عليه مدافعته وصرفه عن قلبه. بالطبع ليس من صالحي أن أقتبس رأي ابن القيم بعد أن قلت رأيي فقد أوجز في هذا الكلام القليل الكثير من المعنى . وللحب أخبار كثيرة وقصص جميلة لا يسعنا سردها هنا ولو اختصرنا ولست على يقين هل يكون لهذا الموضوع مقالة أخرى أو لا وعلى كل حال أترككم بالطيب والمحبة. إلى اللقاء عبدالرحمن بن محمد الحيزان