في واحدة من الخطوات الطبية المهمّة، تمكن باحثون من تطوير فحص جديد مُكَوَّن من "خطوة واحدة"، يسمح بمعالجة مرضى سرطان الثدي بشكل مباشر إذا ما انتشر المرض لديهم، ما يعني أنهم لم يعودوا مطالبين بالانتظار على مدار أسابيع ليحصلوا على نتائج الاختبارات أو أن يخضعوا لعملية جراحية ثانية. ويقول جرَّاحون إن الآلاف من السيدات اللواتي يخضعن للجراحة قد يستفدن من الاختبار التشخيصي السريع الجديد، الذي يعرف باسم فحص العقدة الليمفاوية بالثدي. وتشير صحيفة التايمز اللندنية إلى أنه مُستخدم بالفعل الآن في مستشفيات في مقاطعة ساري ومدينة بورتسموث، ومن المقرر أن يوصى بتنفيذه عبر نظام التأمين الصحي خلال العام المقبل. ويلفت الأطباء إلى أن الفحص الجديد يتميز بكونه أسرع وأكثر موثوقية من الفحوصات المتبعة حاليًا، حيث يشمل على تحليل الغدد الموجودة أسفل الذراعين، لمعرفة ما إن كان قد انتشر السرطان بالفعل أم لا، وذلك في الوقت ذاته الذي يخضع فيه المريض لعملية استئصال ثدي أو لعملية جراحية تهدف إلى إزالة ورم أولي. في حين أن المرضى يضطرون الآن للانتظار مدة تتراوح ما بين أسبوعين إلى ثلاثة بعد الخضوع لإحدى العمليات الجراحية كي يحصلوا على النتائج الخاصة بالاختبارات المعملية التي تُجرى على تلك الغدد الليمفاوية، وقد يخضعون حينها لجراحة أخرى، إذا ما انتشر المرض لديهم. لكن ومن خلال الفحص الجديد، يُمكن للجرَّاحين أن يحصلوا على النتائج في غضون دقائق، وهو ما سيسمح لهم بمعالجة المريض خلال العملية ذاتها. كما يقول الجرَّاحون إنه قد يُحَسِّن النتائج لدى السيدات المصابات بسرطان الثدي، بإلغاء الحاجة إلى تكرار العمليات الجراحية وتمكينهن من بدء العلاج الكيماوي باكرًا. وتشير الصحيفة في سياق آخر إلى أن الفحص الجديد هذا قد يوفر أموالاً على نظام التأمين الصحي في بريطانيا، لأن سيحول دون إجراء 3000 عملية جراحية ثانوية كل عام. ويعتبر مرض سرطان الثدي واحد من أكثر أنواع الأمراض السرطانية شيوعًا في بريطانيا، وتتطلب معظم الحالات الخضوع لعملية جراحية من أجل إزالة ورم أو استئصال الثدي بأكمله، لكن المرضى يخضعون في الوقت ذاته لفحوصات من أجل معرفة ما إن كان قد انتشر السرطان إلى الغدد الليمفاوية أم لا. هذا وتلفت الصحيفة إلى أن الاختبار الجديد يقوم باستخدام تقنيات بيولوجية جزيئية لكسر وتوليد نسيج العقدة في محلول خاص. وهذا ما يمكن أن يتم فحصه بعد ذلك لنوع أو اثنين من جزيء RNA الرسول الذي يمكنه أن يشير لوجود ما يُطلق عليه "الانبثاث الدقيق"، أو تلك الأورام التي يقل حجمها عن 0.2 ملم. من جانبه، يقول البروفيسور غراهام لاير، اختصاصي جراحة الثدي في مستشفى ساري الملكي، إن سرعة الحصول على النتائج أتاحت للجراحين إزالة أي غدد ليمفاوية مصابة بالسرطان عندما يكون المريض تحت تأثير التخدير العام. وتابع بقوله " من بين المرضى الذين تمت معالجتهم حتى الآن، تبين انتشار مرض السرطان لدى 40 % منهم، حيث تم الحصول على النتائج في مدة تتراوح ما بين 30 إلى 45 دقيقة. وبناءً على مدى انتشار مرض السرطان، يمكن حينها إزالة الغدد الليمفاوية سواء العليا أو السفلى لكي لا يعاود المرض أو ينتشر في مناطق أخرى". أما البروفيسور إيان كري، رئيس مختبر السرطان الذي يقوم بإجراء الاختبارات في بورتسموث، فقال :" هذا هو الأمر الذي يجب أن يصبح المعيار الذهبي للرعاية، وأعتقد أنه أمر يجب أن يطالب به المرضى. ونأمل في أن يتم استخدامه على نطاق واسع عما قريب". وقالت إيما بينري، المدير الطبي في جمعية الرعاية بسرطان الثدي الخيرية :" نعلم أن بإمكان السيدات أن يشعرن بالقلق الشديد أثناء انتظارهن لنتائج فحص نسيج الجسد التي يمكنها تحديد ما إن كانت هناك حاجة لطرق علاجية أخرى أو لجراحة إضافية، لذا سيتم الترحيب بأي وسيلة جديدة يكون من شأنها إزالة هذا القلق". في حين قالت وزارة الصحة إنها ستقوم برصد ما يحدث من تطورات في هذا الشأن.