تستنفر منطقة جازان بأجهزتها الأمنية والحكومية وكذلك مواطنيها جميع إمكانياتها لإعادة صياغة رؤيتها لظاهرة المتسللين المجهولين من اليمن ودول القرن الأفريقي التي لازمت المنطقة منذ سنوات طويلة ، و أصبحت ظاهرة تشكل هاجساً حقيقياً على الصعيد الأمني والثقافي والصحي والاقتصادي ومختلف جوانب الحياة . وبالرغم من الرقابة المشددة على الحدود وتكثيف الحملات الأمنية وتعاون بعض الأهالي للقبض على المتسللين إلا أن وجودهم بات ظاهراً وإن كان بشكل أقل عن السابق. وبحسب إحصائية صدرت حديثة عن مديرية شرطة منطقة جازان ومراكزها الداخلية والخارجية ممثلة في شرط المحافظات وكافة الإدارات الأمنية الأخرى وثقت السجلات خلال العام الماضي من تاريخ 1/ 1 /1430 ه إلى 30 / 12 / 1430 ه القبض على ما مجموعه (477261) (أربعمائة وسبعة وسبعين الفا ومئتين وواحد وستين شخصاً )بقضايا مختلفة أغلبهم من ((الجنسية اليمنية)) دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة. كما تم القبض على (124)حالة انتحال شخصية الغير، و (35) قطعة سلاح مختلفة بين بندقية وكلاشنكوف وشوزن ومسدس وساكتون هوائي وناري ، بالإضافة إلى (4) مخازن أسلحة و(1399) طلقة حية بدون تصريح . إلى ذلك ذكرت مصادر ل "جازان نيوز" أنه تم القبض على (27200) مجهول يمني خلال العام نفسه في مركز شرطة أبي عريش الذي يبعد حوالي 60 كلم شمالاً عن المنطقة الحدودية . كما تم القبض في مركز شرطة صامطة على (2402) من الجنسية اليمنية مجهولة الهوية و(232) من الجنسية الأفريقية خلال شهر ذي الحجة من عام 1430 ه ، وهو الشهر الذي كانت فيه اشتباكات القوات المسلحة السعودية مع المتسللين الحوثيين ، وفي الوقت الذي كانت الرقابة الأمنية محكمة على طول الشريط الحدودي من منطقة جازان مع اليمن من البحر الأحمر بالقرب من منطقة ميناء ميدي اليمني إلى منطقة الخوبة الجبلية شرقاً على طول 1300 كلم . "جازان نيوز" سلطت الضوء على قضية المتسللين المجهولين من خلال الحدود اليمنية مع منطقة جازان خلال فترة التعدي الجائر الذي تعرضت له الأراضي السعودية وما أعقبه من اشتباكات القوات المسلحة السعودية الباسلة مع المتمردين الحوثيين ، وبعد أن حققت نجاحات كبيرة في ضرب معاقل وقيادات كبيرة داخل التنظيم ، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي مني بها هذا العدو الغاشم وشل حركتهم المسلحة بعد أن تم تدمير جزء كبير من المخازن والآليات والخنادق ، بالإضافة إلى مقتل أعداد كبيرة من مقاتليهم المغرر بهم ( وباعترافات محلية وإقليمية و دولية ) .كما رصدت من خلال تغطياتها اليومية تلك التحركات العسكرية والأمنية المكثفة وحملات الاعتقال ، بالإضافة إلى التلاحم الوطني الذي ظهر به أبناء المنطقة بالتنسيق مع الجهات الأمنية على المناطق الحدودية في بني مالك وبلغازي وفيفاء وقرى محافظة صامطة مثل قرية مجعروجاضع بني شبيل والشعوب وصاحب البار وحاكمة الدغارير والعارضة وغيرها الكثير من المحافظات وكذلك الإسهامات الفردية من قبل المواطنين . " مواطنون ينظمون حراسات ليلة منذ اندلاع الشرارة الأولى للأحداث " حيث بدأ المواطنون في تشكيل فرق من الحراسات من داخل محافظاتهم وقراهم لحراسة الحدود وكشف أي محاولة تسلل بالتنسيق مع الجهات الأمنية ، خاصة وأن الحوثيين استخدموا الأطفال والزي النسائي والباكستاني في محاولة التسلل (كما أكدته مصارد "جازان نيوز" العسكرية ) بالإضافة إلى مجموعة من الخطط الجبانة الغادرة البعيدة عن الإسلام والخالية من الإنسانية مثل التعامل با السحر والزج بالأطفال واستخدام النازحين كدروع بشرية . مجهولون من الجنسية الصومالية تم تسليمهم لأحد مراكز الشرطة وقد تواجدت "جازان نيوز" مع بعض فرق الحراسات التي شكلها مشائخ وأعيان وعسكريينممن خدموا في حرس الحدود (متقاعدين عن العمل) كان لهم دورهم وخبراتهم في تعقب المجهولين ، وبمشاركة مجموعة من الشبان من أهالي القرى. يقول شيخ قرية مجعر المعروفة ب(قرية المداخلة) الأستاذ حسين بن حسن المدخلي قمنا بتشكيل مجموعات من فرق الحراسة موزعة على حدود القرية لرصد وضبط أي متسللين من مجهولي الهوية وتسليمهم للشرطة ، بالإضافة إلى طرد جميع من يتواجدون داخل القرية من المخالفين للأنظمة وتحذير الأهالي من مغبة التعامل مع أي مخالف . وأضاف خلال تسيير هذه الحراسات تم ضبط ما يقارب (150) في اسبوعين من مجهولي الهوية منهم يمنيون وأفارقة ، مشيراً في ذات الوقت على أهمية استمرار العمل على التعاون بين الجهات الأمنية والمواطنين وإيجاد آلية واضحة تضمن احتواء عمليات التسلل الدائمة والمستمره . وشدد المدخلي على أهمية دعم الدولة وتفعيل دور مشائخ وأعيان القرى والقبائل وخصوصاً في هذه الفترة من خلال تنسيق دائم مع إمارة المحافظات. وكان أهالي قرية صاحب البار 20 كلم عن الحدود اليمنية وبحسب أحد أعيان القرية أنه تم طرد جميع المخالفين للأنظمة من القرية ، في الوقت الذي ضبط فيه شبان من قرية الشعوب التابعة لمحافظة صامطة على أطراف الأودية ما يقارب (70 ) متسلل من الجنسيتين اليمنية والصومالية خلال ثلاثة أسابيع وتم تسليمهم لمركز شرطة صامطة . "المنازل المهجورة والأودية مسكن للمجهولين " وعن أماكن تواجد المتسللين وتجمعاتهم أكد أحمد علي المدخلي المتقاعد من حرس الحدود أن المنازل المهجورة هي نقطة تجمعات للمجهولين يقيمون بها دون أن يردعهم أحد ، موضحاً أن المشكلة الرئيسة التي تواجه الجهات الأمنية هو عودة المجهولين بعد ترحيلهم ، حيث أن بعضهم يتم ترحيله وفي اليوم التالي يعود للتسلل بطريقة أو بأخرى . وأوضح أن الأودية مرتع للمجهولين وتحصل به كثير من الاختراقات والجرائم الأمنية في هذه المنطقة (في إشارة إلى وادي ليه والمغياله الذين يمتدان من الخوبة إلى البحر الأحمر غرباً ويوجد فيها ما يعرف ب"وادي الصين" و"وادي اليابان " المشهورين سابقاً ) ، مبيناً أن جرائم كثيرة من قتل وقطع طرق وترويج للخمور والمخدرات والقات ، كما أنها تعتبر امتداد لنقاط تهريب أسلحة ومجهولين إلى مناطق أبعد . توجهنا لأحد الأماكن التي يمر بها المتسللون لكثرة الأحراش والشعاب بها التي وبعد مايقارب الثلث ساعة من الحديث شوهد ثلاثة من المتسللين اليمنيين ورفع أحد رجال الحراسات صوته ليستوقفهم فحاولوا الاختباء والهروب وبعد محاصرتهم تم القبض عليهم .وتفتيشهم لم يوجد بحوزتهم شيء سوا هواتف نقاله. بادرنا بدورنا بسؤال أحدهم .. هل تعلم بالاشتباكات التي تدور رحاها على الحدود؟ فأجاب: نعم أعلم . ولماذا تخاطر بحياتك ؟ فأجاب: أنا أسكن في منطقة قريبة من الحدود السعودية ولي أقارب في قرية تبعد من هنا عشر كيلوات وأتردد عليهم كثيراً وأعرف الأماكن التي لا يوجد بها دوريات لحرس الحدود.بعدها تم اعتقالهم وتوجهوا بهم إلى مركز للشرطة. ثلاثة من المجهولين تم القبض عليهم من قبل مواطنين " متواجد في السعودية منذ عشرون عام وتربطني علاقات حميمة مع المواطنين " يقول (علي ) يمني مجهول الهوية 60 عام التقينا به في أحد أسواق الخضار يقول : لقد أتيت من اليمن إلى هنا منذ عشرون عام بحثاً عن الرزق ولقمة العيش وعملت راعياً للأغنام ومزارع وامتهنت كثير من المهن ، ثم أتيت بعائلتي المكونة من خمسة أفراد وزوجتي وتعودنا على العيش هنا وتربطني علاقات حميمة جداً مع الجيران وزبائني . وأضاف استأجرت بيتاً من أحد المواطنين بمبلغ زهيد وقمت بإيواء عائلتي ويقوم أولادي بمساعدتي في بعض الأعمال وأحدهم يعمل في الكهرباء وآخر يعمل في محطة بنزين ، أما الإناث فيعملن في المنازل ، موضحاً أنه منذ تواجده في السعودية لم يتم ضبطه في أي مخالفة. " تكثيف لنقاط التفتيش .. وانخفاض في نسبة الجرائم " وفي حديث ل"جازان نيوز" مع مصادر أمنية مسئولة بمديرية شرطة منطقة جازان و مراكز شرط أبو عريش وصامطة وأحد المسارحة جاء تأكيدهم بالإجماع على أن أن نسبة أعداد المجهولين اليمنيين والأفارقة انخفضت نسبياً عما كانت عليه في السابق بسبب تكثيف الرقابة على الحدود وانتشار نقاط تفتيش وتكثيف نوعي في عملية الدوريات الأمنية ، مشيرين إلى أن هذا الانخفاض ساهم بشكل واضح جداً في انخفاض نسبة الجرائم المسجلة في شهر ذي الحجة عن بقية الأشهر الأولى من السنة السابقة . وقال ضابط برتبة نقيب (فضل عدم ذكر أسمه) أن مراكز الشرط ترحب بتعاون المواطنين ولكن للأسف أن أغلب البلاغات التي تردنا للتبليغ عن مجهولين بنسبة 30% هي إما أن تكون غير دقيقة أو يغلب عليها طابع المصالح الشخصية . وأضاف أصبحنا نستخدم أساليب جديدة للإطاحة بعصابات التهريب والترويج والسرقة ، والتي كانت تعرف باسم شركات معينه لها مدرائها وعامليها من المجهولين وللأسف بعض المواطنين ، مؤكداً على أن مثل هذه التنظيمات الإجرامية انتهت ولم يعد لها ظهور واضح ، مبيناً في الوقت نفسه على أن أغلبية الشباب من العاطلين هم الفئة الأكثر استهدافاً في السابق ، ولكن الآن تلاشت تلك العصابات بشكل كبير. وسائل للتسلل ..ومجهولون في الأودية