تفتقر معظم المؤسسات الحكومية غير التربوية أو التعلمية إلى الكفاءات ذات الاختصاص في إدارة العلاقات العامة والتي تمتلك فنون الاتصال والتواصل مع الجمهور، ما يجعل ذلك التواصل غير المدروس يظهر ركيكاً وبالتالي ينعكس سلباً في فهم المعنيين والمستهدفين في المجتمع لما تود أن تقدمه أو تقوم به تلك المؤسسة أو تريد إيصاله لهم. في الأسبوع الماضي كنت أسير بسيارتي ذاهباً إلى كلية المجتمع بأبي عريش ولفت انتباهي إعلان كان قد وضع على أحد أطراف الميادين بتصميم جميل مكتوب عليه "جيزاني وبإمكاني" روعي فيه تناسق الألوان والخطوط دون مراعاة لتناسق الكلمات والحروف. حقيقة تفاجأت بتلك العبارة وطأطأت رأسي وأنا كلي خجل وألم لدرجة الغثيان ومررت بجانبها والذهول والصدمة يخيمان على تفكيري ،وربما يعود ذلك الذي أصابني لتخصصي ومعرفتي البسيطة بفنون اللغة العربية ومدلولات جملها وتراكيبها،والتي أشارت لي أن هذه العبارة تفهم على غير مقصدها وقد تحمل على غير محملها. وقلت في نفسي ربما هو احد شعارات أحد البرامج التحفيزية التي تساعد الشباب العاطل في المنطقة عن إيجاد فرص عمل ، أو أن إحدى الشركات التي تهجس بالكسب وتهدف إلى الربح ولا تراعي مشاعر الناس-على كثرها الآن- هي من تجرأت وصاغت بكل قبح ووقاحة ذلك الإعلان وتلك العبارة، دون مراعاة لمشاعر أهالي جازان الذين هم أهل علم وثقافة وفنون وتاريخ وأهل حضارة منذ قديم الزمان إلى وقتنا الحاضر،وخصوصاً العلوم التي تتعلق باللغة العربية وبلاغتها،وفصاحتها وفنونها. ولكن كانت المفاجأة الكبرى أن هذه اللغة التي-بكل أسف-وظفت توظيفاً سيئً من قبل مؤسسة حكومية هي أمانة منطقة جازان في الترويج لحملتها للعناية بتنظيف البيئة التي تعتزم تنفيذها خلال الثلاث سنوات القادمة ،وليس من قبل شركة من الشركات! كان يجب على الأمانة أن تقوم بدراسة فحوى ومدلولات هذه العبارة وعرضها على أهل الاختصاص من أهل اللغة العربية بالمنطقة وعدم تركها هكذا تبعث رائحتها النتنة لتزكم الأنوف،وتسبب الغثيان لكل من يقرأها لأنها تدل على التقليل والتنقيص من قيمة وقدر الإنسان في هذه المنطقة. وهنا يكمن الخلل لما توحي به من مضامين ومفاهيم لا تعكس مدى الرقي والتطور الذي وصلنا إليه في هذه المنطقة بجميع أجناسنا سواء الذكور أو الإناث،بل هذه العبارة التي تخدش الحياء تعطي -بكل أسف- معنىً أن الجيزاني غير نظيف وبإمكانه أن يصبح نظيفاً. من هذا المنطلق أطالب سعادة أمين منطقة جازان المهندس/ عبدالله القرني بأن يقوم بدراسة تغيير هذه الشعار السخيف إلى شعار جديد يتصف بالاتزان والاعتدال دون خدش أو تجريح والذي سيجعلنا كلنا نقف مع الأمانة مساهمين بكل حب وإخلاص وتفان في تنفيذ هذه المشروع الحيوي الجميل دون المساس بمشاعر أهالي منطقة جازان. صفحة الكاتب على الفيس بوك