الدكتور سعيد عبده أستاذي وأستاذ أجيال من الأطباء لا أكاد أمل من الحديث عنه. كان طبيبا أديبا زجالا رائدا في علم طب المجتمع. درج على كتابة عمود أسبوعي في جريدة أخبار اليوم في النصف الأخير من القرن الماضي بعنوان «خدعوك فقالوا».. يستعرض فيه بعض المعتقدات الطبية الخاطئة. أستأذنه وهو في العالم الآخر في أن أستعير عنوان مقالاته لأستعرض بعض المفاهيم الطبية الخاطئة في مجتمعنا. ولا أظنه يضن علي بهذا فهو قبل كل شيء معلم يهمه أن ينهج تلامذته نهجه. آخر مرة لقيته فيها كان في جامعة البصرة قبيل وفاته منذ ما يقرب من ثلاثين سنة كنت وأياه محاضرين زائرين في كلية الطب. أمضيت معه أياما جميلة استمتعت فيها بأحاديثه عن مسيرته في الحياة، وعلاقته بالشاعر الفحل أحمد شوقي الذي كان يسجل ما يخطر له من مقاطع شعرية على علبة السجائر أو قطعة مهملة من الورق فيجمعها سعيد عبده ويعيدها إليه لينظم شعره. ألقى إلينا ببعض أزجاله التي كان يتغنى بها رجل الشارع وأستاذ الجامعة. لا أعرف لماذا تهمل هذه القمم ولا تذكر لأبنائنا ليعرفوا ملامح من سيرة العظماء. من ضمن القصص التي رواها لنا، أنه كان يحمل لواء مكافحة أمراض الطفيليات وبخاصة البلهارسيا في الريف المصري وكان من ضمن خططه بناء مراحيض بسيطة في القرى لكي لا يلقي الفلاح فضلاته على ضفاف الترع. بنيت المراحيض في قرية من القرى وعين حارس ليشرف على نظافتها. بعد فترة زار أستاذنا القرية فوجد المراحيض آية في النظافة ولكن حولها تنتشر القاذورات. وعندما سأل الحارس كانت حجته أنه مطالب بالحفاظ على المراحيض نظيفة من غير سوء ولذا أغلقها بالضبة والمفتاح وحماها من استعمال الفلاحين. هذه الأوامر ويجب أن تطاع. رحم الله أستاذنا وأرجو أن أسعده في مثواه بأن أحمل بعضا من رسالته «في ركني» وأحاول أن أستعرض جانبا من معتقداتنا الخاطئة فيما يتصل بالصحة والمرض. بقلم د.زهير أحمد السباعي