حادثتان كنتُ شاهداً فيهما وعليهما، وبين الحادثة الأولى والثّانية مسافة تجاوزت حرث ثلث قرن من عمري، وكلاهما تتعلّق بكتاب ألف ليلة وليلة.
أمّا الحادثة الأولى، فقد عشتها بمدينة موسكو في أواخر الثمانينات، وكنتُ طالبا طموحا يتأبط حزمة من قشور النظريات (...)
مثلما كان الأمر دائما، وكما هو الشّأن في كلّ مرّة يتمّ فيها الإعلان عن أسماء الفائزين بإحدى الجوائز الأدبيّة، كيفما وأينما كانت، جهويّة أم وطنيّة. عربيّة أو عالميّة، فقد صاحب الإعلان عن فوز الشّاعر الكبير- أدونيس - بجائزة نوبل للآداب لهذه السّنة (...)
أوّلاً، وسأعلنها بصراحة ووضوح ومنذ البداية ومرّة واحدة: أنا شديد الحذر في التّعامل مع النّصوص السّرديّة القصيرة جدّا...أو ما يسمّى بالومضات السّرديّة. أو القاف قاف جيم (قصّة قصيرة جدّا).
ليس فقط، لأنّها قصيرة جدّا جدّا أحيانا، حدّ الإفراط، وليس لكمّ (...)
يخيّل لي أحيانا، أنّ كلّ ما يكتبه الكتّاب والشعراء، إنّما هو من بعض من بقايا ُفتات الإبداع المنثور فوق موائد المقاهي الخشبيّة. المقهى يمثّل الغرفة الأرحب في قلب المبدع. فهو عالمه الضيّق حينا، والمتّسع أحيانا. بديل عادل عن طاولته بالبيت، المحددة (...)
في فترة حالكة من تاريخ مصر، إثر هزيمة 67، أصدر الرّئيس جمال عبدالناصر قرارا رئاسيّا في مُنتهى الغرابة، ويتمثّل في منع تبادل النّكت في الشّوارع والمقاهي ومؤسّسات الدّولة. وبالطّبع لم ينجح في ذلك، لأنّ النّكتة والاستعاضة عن التّصريح بالتّلميح، تمثّل (...)
سيبقى نجيب محفوظ أحد أهمّ الأقلام المُثيرة للجدل في تاريخ الأدب العربي. ليس فقط لأنّه الوحيد الذي جرجر جائزة نوبل إلى الحوش العربي وساهم بذلك في لفت انتباه كلّ سكّان الأرض إلى هذا الجزء الرمليّ الموحش من الأدب الإنساني الذي كان يتعامل معه باستخفاف (...)
فجر الخامس من يناير 1961، غادرنا المُبدع الفذّ، محمود بيرم التونسي غير آسف علينا، وهو أحد أهمّ الشعراء الشعبيين العصاميين العباقرة عبر كلّ العصور.
وقد عاش محمود بيرم التونسي كامل طفولته الأولى في حيّ الأنفوشي بالسيّالة بمدينة الاسكندرية، حيث كان (...)
منذ شهر، هاتفني من باريس، وكان ذلك إثر عودتي من تونس. فقلت له حزينا ومهموما: إنهم يحاربونني في بلدي بشراسة، فقط لأن المصريين والعرب يلقبوني بالكينغ يا أدونيس، ويشهد الله، إنني، مثلك، أكثرهم تواضعا، مع غير المغشوشين طبعا، وأنت تعرفني وتدري نوع معدني (...)
سنة 1994، يمكن أن أسمّيها في فهرست حياتي الأدبيّة وغربتي الطّويلة المزمنة، بسنة رؤوف مسعد، ودون ترددّ. ففي هذه السنة، وقعت بين يديّ مُصادفة رواية، سيكون لها أثر ووقع شديد على مساري الإبداعي، ويُمكن اعتبارها نقطة تحوّل وعلامة بارزة في رؤيتي وذائقتي (...)
مدخل؛ حتّى المصباحي والرّياحي وبنت الفازع نالوها...!
يبدو أنّ هناك سوء فهم مربكا في ما يتعلّق بالجوائز العربيّة، فانحرفت أهدافها وتداخلت كما هو الحال في أغلب الأحوال، كلّما تعلّق الأمر بهذه الأمّة الحائرة في واقعها الجائر.. فالمفروض أنّ الجوائز (...)
في مثل هذا الشهر، من سنة 1985، أعلنت دار نشر سويسرية مغمورة في ذلك الوقت، ومقرّها بمدينة زوريخ، وهي دار (ديوجنس فرلاج) عن إصدارها لرواية بعنوان (العطر.. قصّة قاتل)، لكاتب ألماني شاب في السادسة والثلاثين من العمر. وورد في كلمة الناشر على غلاف الطبعة (...)
خلال سنة 1996، وخلال زيارته لميونخ بألمانيا، حيث أقيم، طلب منّي الصّديق الروائي المصريّ جمال الغيطاني، رحمه الله، إعداد ملف لملحق البستان بجريدة أخبار الأدب، عن علاقة المبدعين العرب بالكِتاب، وراسلتُ أيامها عشرات المبدعين الكبار وكان من ضمن الأسئلة، (...)
خلال سنوات الدّراسة الأولى، هناك عند تفاصيل تلك البلاد المثقلة بجبال الثّلوج، والتي كانت تسمى بالاتحاد السوفيتي، كنت لا أمل من سماع أغنية شعبيّة قديمة، أعتقد أنّها من أصول قوقازيّة. كانت أغنية حزينة عن السفر والغربة، وكانت عبارة عن مقاطع تمثّل نصائح (...)