كان أبي يحب أمي. فغرس شجرة في فسحة الدار سمّاها باسم أمي. كل صباح عند ذهابه للعمل يلقي تحية الصباح، وعند العودة يرتدي زيه الشعبي الجميل، ويعطر نفسه بأفضل انواع العطور وأزكاها رائحة، ويجلس قربها يحدثها كأنه في جلسة حالمة مع أمي. كان يقول لها: يا (...)
أنت حزين، لم تداعب ضفائر ابنتك الصغيرة وهي تبتسم لك بفرحها الطفولي، وتطوق عنقك بيديها البضتين، وتتلمس بأصابع يديها وجهك، وتتفحص كل موضع فيه، وتمطرك بقبلها الدافئة والناعمة لتمسح عن روحك تعبها النبيل، فترى في وجهها وجه أمك الذي ما فتئت يوماً في رسمه، (...)
عندما يعطر الندى صباحي، افتح نوافذ منزلي، تتدفق داخله أشعة الشمس، يتوقف النور عند تلك اللوحات، يغمرها الضياء، وتدب فيها الحياة من جديد.
أجلس على أريكة الصباح، أحتسي قهوتي وأنتظر امرأة من حب، في تآلف جسدها الرائع يتألق سحر الشرق، وتتوحد الحضارات، (...)
الموت يعربد في شوارع قطاع غزة المحتل، غير مبال بنداء السماء، وقداسة الانسان. والجرافات الاسرائىلية تعيث فساداً في حقول الزيتون. وقف الصبي ملتصقاً بشجرة الزيتون، كأنه هو شجرة الزيتون، وشجرة الزيتون هو. صرغ بأعلى صوته: هذه الأرض عزيزة، ولا سماء إلا (...)
كنت عائداً الى بيتي، والحزن كظل يتبعني، تميل الشمس فيمتد. ويجيء الليل كعاصفة، والدرب كأوله يبدو. أسمع في الصمت من يبحث عن طعامه. وثمة حركات في غرف النوم تفوح منها رائحة النبيذ والنرجيلة. وصبي يقف على حدود الغابة يرفع يديه نحو السماء مبتهلاً، يستعجل (...)
دخل المعلم نادر غرفة الصف. حيا التلاميذ. كتب على السبورة: المادة لغة عربية، الدرس: تعبير. استدار نحوهم وشرح النقاط التي يبني عليها الموضوع الانشائي. وقال لهم: أريد من كل واحد منكم ان يكتب موضوعاً يعبّر فيه عن حلم يحلم به، ويرجو تحقيقه. جال المعلم (...)
"كنت دائماً أرى ما لا يرى، في النوم". أرى أبي بعمامته البيضاء وعباءته الحرير يجلس ويحتسي القهوة العربية. بين يديه ديوان من الشعر يقلب صفحاته، فتتدلى عناقيد القوافي، رطبة دانية القطوف. وأرى أمي، بوجهها المملوء بالتجاعيد والأخاديد التي حفرتها السنون، (...)
كان عادل وحيداً في حجرته، يعدُّ سريره للنوم بعد عناء يوم عمل شاق. وضع شريطاً للموسيقى في آلة التسجيل، استلقى على السرير، ليمنح نفسه بعض الراحة. طرق الباب احدهم، كان خاله سالم برفقة ساعي البريد. سلمه ساعي البريد رسالة ومضى، وبقي برفقة خاله سالم. جلسا (...)
كنت سجيناً في محراب اللحظة الوجودية. التقينا على حدود الواحة الخضراء، حيث النهر. لم أشعر بالغربة. كأن شيئاً يتدفق داخلي. براعم تتفتح وأشجار تنهض برائحتها الذكية. فينبض قلبي سنابل قمح. وعندما شبكت يدي بيدها، كان الوطن يمشط غدائره.
زغرد النهر، وتزاحمت (...)