جاء الأخ زيد من كينيا وعمل في جدة ست سنوات كرسام كاريكاتور في إحدى الصحف السعودية قبل أن يعود إلى بلاده. وخلال السنوات الست هذه توطدت علاقة صداقة بيني وبينه حتى أنه لما اتفق دعوته لحفل عرس في إحدى صالات الأفراح بجدة أصر على مرافقتي له. ولم أكن راغبا في ذلك لأني غير مدعو. لكنه قال هؤلاء السادة آل البيتي أعزاء عليّ جدا وسيرحبون بالضيف ومن معه. ولكن خلال الحفل المقصود لم ير زيد أحدا ممن يعرف وخرجنا بعد العشاء ونحن نشعر بالكآبة. ولما ركبت السيارة شاهدت أحد الضيوف خارجا من الصالة فوقفت حتى إذا حاذاني سلمت عليه وسألته: هذا زواج من؟ فقال: فلان البقمي. لم يعد ينفع العتاب ولا البكاء ولا الضحك. ولا نعرف أحدا من القبيلة الكريمة لكي نعتذر له. لقد كان ما كان. وفي اليوم التالي اتصل الصديق زيد ليقول إن الحفل هو الليلة وليس البارحة. وأنه أخطأ في التاريخ. ولا بد من حضورك. فقلت له عاتبا: أنا غلطان أني وافقت البارحة على الحضور. فقال أمسحها في وجهي وأخذ يعتذر ويتأسف ويقول إنه قد استأذن في حضور صديق معه وأنهم رحبوا بك. فهو يعرفهم من بلاد السواحل. لقد كنت متوترا حينها وقد مرّ على القصة أكثر من عشرين سنة قبل انتشار الجوالات. ولست أذكر إن كنت قد حضرت هذه المرة أم أصررت على الاعتذار. مع أني أعلم أن المسلم واجب عليه حضور وليمة العرس إذا دعي إليها. والخطأ وارد. أنا أيضا كنت مدعوا إلى حفل آخر فحضرت في المكان المقرر فلما رأيت وجوه أهل العرس علمت أني قد أخطأت. فانسحبت خلال خمس دقائق بعد شرب فنجان رمزي من القهوة. واكتشفت أن موعد العرس كان في الليلة السابقة. فاتصلت بالجوال مباركا للعريسين ومعتذرا عن الخطأ. هناك شبهة دعوة في الليلتين. لكن حضور الأعراس بدون دعوة حرام إلا إذا رضي المعنيون. وبعض الناس يستغلون الحفلات المفتوحة هذه فيحضرون بالجملة. وفي ذلك إحراج شديد. تصوروا مضيفا دعا 300 من الضيوف وعمل حساب مائة من الطفيليين ولكن جاءه ستمائة وليس عنده ترتيب لهذه المخالفة اللاأخلاقية التي تنتقل من جوال إلى جوال فيتوافد الطفيليون من كل حدب وصوب. وفي ختام المقالة أرجو من العريس البقمي وأهله الكرام أن يسامحوني أنا وزيد على حضور عشاء ما كنا مدعويْن إليه.