قد تجد فروقاً بيولوجية بسيطة بين الإنسان والحيوان، ولكن هذه الفروق لا تمنحك القدرة على تمييز الإنسان عن الحيوان إذا ما أردت وضع تعريف! فمقولة «الإنسان حيوان ناطق» قد تعداها الزمن منذ أمد بعيد. أما من يصر على هذا التعريف ويقحمه قسراً في أذهان أولادنا (...)
في حقول الكذب والزيف والأخطار التي يعيشها الإنسان المعاصر اليوم، يحفر له مكاناً في ذهن كل منا نحن البشر ويستقر فيه سؤال لا غنى عنه: ما هي الحقيقة؟ وقد يبدو السؤال منطقياً ومشروعاً؛ وهو لا يتعلق بحقيقة واحدة؛ إنما بحقائق التاريخ والجغرافيا والمجتمع (...)
كان ماركس أرقى فلاسفة عصره، وهو قد آمن بالعلاقة الجدلية بين الفلسفة والفن. واستنهض كل طاقته الفكرية والفنية في ليلة من الليالي المقمرة لينظم شعراً. فسهر معظم الليل وكتب بيتين من الشعر، ثم غلبه النوم. وعندما استيقظ صباحاً، ضحك على ما كتبه ومزق (...)
في القواميس (نَقِدَ الشيء؛ أي بيّنَ حسنه وعيوبه)، وقد يبدو هنا المعنى واضحاً وضوح شمس الأصيل في الصيف. أما بعد التمعن تطرح نفسها أسئلة متتالية: هل مفهوم الحسن والعيب أو الجمال والقبح في الأعمال الفنية هو واحد لدى «جميع» النقاد؟ وهل يوجد مقاييس (...)
انتشر في الإعلام العالمي هذه الأيام استخدام مصطلح «فخ ثيوسيسدس»، فما هو هذا الفخ؟ ولماذا اندلع الحديث عنه وكأنه حقيقة مطلقة؟
ثيوسيسدس (400-460 ق.م.) هو مؤسس المدرسة العلمية والواقعية السياسية في التاريخ؛ وهو صاحب كتاب «تاريخ الحرب البولونيزية»؛ الذي (...)
كلمة «اللُحْمَة» في القاموس تعني الخيوط العرضية التي تتخلل الخيوط الطولية لصناعة النسيج، التي بدونها لا يثبت النسيج وتتناثر خيوطه.
اللُحْمَة كتعبير عن «القوة» و«الحماية» استُخدمت وتُستخدم لتوصيف قطعان ذوات الأضلاف التي تلاحقها السباع.. فالوحوش لا (...)
يقال في علم الاجتماع «العائلة هي اللبنة الأولى لتكوين المجتمع»، ولا أحد من علماء الاجتماع يخبرنا لماذا لم تتفكك المجتمعات بعد تفكك «العائلة» إلى درجة الحضيض الأسفل في الدول المتقدمة؟ فالزواج وتكوين العائلة في الدول المتقدمة أصبح من «الموضات» القديمة (...)
يتنامى استخدام مصطلح «أوراسيا» في التقارير والتحليلات السياسية الدولية، بينما يخبو وينسحب تدريجياً مصطلح «الغرب» ويستعاض عنه ب «الولايات المتحدة». فما هو مدلول تلك الظاهرة؟
المقصود ب «الغرب» هو دول حلف الأطلسي صاحبة الهيمنة الاستعمارية على العالم (...)
«مَنْ لا يملك قرشاً لا يساوي قرشاً» مثل ساد طوال التاريخ؛ وتغلغل بوعي البشر كالسوس في الأسنان؛ ثم حول معظم البشر إلى مصاصي دماء؛ يلهثون لتحصيل «القرش» بأي «وسيلة» دون قيم ولا أخلاق!
«مَنْ يملكون القروش» يلهثون وراء زيادتها؛ فهم على يقين أنها ستختفي (...)
فترة الخوف من الفناء التي لازمت البشرية طوال العقد الأخير بدأت بالاضمحلال. وقد بدأ بصيص من الأمل يدب في نفوس البشر لنزع فتيل الحرب. وعلى الرغم من عدم انتهاء التوترات الكبرى بعد، إلا أن الجميع يحاول أن يجد له مكاناً حول طاولة الحوار. بيد أن الخوف لم (...)
لعقود مضت والعالم كله ينادي بنظام دولي جديد، ولم يتحقق هذا النظام المنشود. وذلك لأن هناك من رأى أن مبدأ الهيمنة بالقوة والتطرف هو الحل للأزمات الاقتصادية والسياسية واالاجتماعية والبيئية والصحية القائمة.
بعد الفشل المتلاحق للتوتير والتطرف في حل (...)
خلاصة ما ورد في المقال السابق هو: أن الأسطورة نابعة من الواقع؛ وأبطالها آلهة فقط؛ لأن انعدام المعرفة جعل البشر عاجزين عن التفسير والتغيير.
ومع الاكتشافات الأولى لقدرة الإنسان على التغيير؛ ظهرت «الملحمة»؛ التي تشير إلى أن «جلجامش» حملت به أمه في (...)
في سن الطفولة انغرس في ذهني كما غيري أن «الأسطورة» هي ضرب من الخيال لا يمت للواقع بأي صلة. وبقيت «أناطح» طواحين الهواء في هذا الأمر بخطوات «دون كيشوتية» تابتة وواثقة. وأصف كل شخص أو فكر لا يعجبني، بأنه فكر «أسطوري» طوال حياتي المدرسية والجامعية وما (...)
أقرّت الأمم المتحدة في 18 كانون الأول - ديسمبر عام 1973م اللغة العربية لغة عالمية. ويمكن استخدامها في منظمة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها. وأصبح بذلك يوم الثامن عشر كانون الأول من كل عام يوماً عالمياً للغة العربية. ونتج ذلك القرار بعد صراع مر (...)
ما يُسمى ب«التعديل» الجيني هو قفزة علمية هائلة دون شك. فهو يحقق كميات من الإنتاج «تؤمّن» غذاءً لكل البشر مهما تزايدت أعدادهم، بل و»تؤمن» أعلافاً للحيوانات المدجنة ل«تأمين» كميات كافية من اللحوم والبيوض والألبان ... إلخ. وهذا معناه أن «التعديل (...)
هناك من يجزم بأن الحاسوب أو «الكمبيوتر» أو «الروبوت» أو «الأجهزة الذكية» ستحل محل البشر في العمل! فهل هذا التصوّر مقبول؟ وهل يوجد فرق بين «العقل الإلكتروني» والعقل الإنساني؟
الفرق الواضح والجلي هو أن ما تستطيع تخزينه ذاكرة الحاسوب، يفوق بأضعاف (...)
كنا نتتبع أخبار معارض الكتاب أين ما كانت، ونسافر لها حتى لو في بلدان أخرى. ثم جاءتنا معارض الكتاب والمكتبات والكتب القديمة والحديثة والصحف والمجلات والتراث المعرفي الإنساني كله إلى بيوتنا؛ وذلك عن طريق الشبكة العنكبوتية!
الشبكة العنكبوتية أو (...)
أبناء جلدته الأمريكان يعتبرون «نعوم تشومسكي» الفيلسوف الأول لعصرنا. وقد قال بما معناه: «الأباطرة لا يملكون مخالب إنما يشترونها على شكل مثقفين وإعلاميين ومرتزقة».
بيد أن المثقف أو الإعلامي أو المرتزق لا بد له من اكتساب «المشروعية» كي يكون مخلباً للحق (...)
في قاموس المعاني الحضارة: التمدن؛ عكس البداوة؛ وهي مرحلة سابقة من مراحل التطور الإنساني. القاموس هنا لا يعطيك تعريفاً؛ ولا توصيفاً شافياً؛ بل بعض المؤشرات الدالة؛ التي قد لا توصلك إلى معنى محدد.
بيد أن كلمة «حضارة»؛ والبناء الحضاري؛ والسلوك الحضاري؛ (...)
هل التفكير «صفة» تميز إنساناً عن آخر؟... بالطبع لا، فالتفكير موجود لدى كل الناس وفي كل الأوقات ما عدا وقت النوم! إذاً لماذا تقدم بعض الفضائيات ضيوفها على أنهم «مُفَكّرون»؟ وهل المعنى المقصود هو «التفكير» فقط أم هناك معاني أخرى تحملها كلمة مفكر؟
لكل (...)
«الماهية»- هي مصطلح يتعلق بالظواهر والمقولات! ومعناه المباشر أن نتساءل: «ما هي» هذه الظاهرة؟ أو المقولة؟ أو الحدث؟ ثم «نبحث» عن الإجابة. وقد توسع معنى «الماهية» تاريخياً ليشمل الأسئلة الأخرى مثل: كيف تشكَّلت هذه الظاهرة؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟ (...)
لا يميز الإنسان عن باقي الكائنات إلا «الوعي»، فالوعي هو التفكير والتخطيط؛ والمعرفة والعمل؛ والحزن والفرح؛ واللغة والإبداع؛ والقوة والرقي؛ والفوضى والقانون؛ والنجاح والفشل ...الخ.
بيد أن الوعي ليس ثابتاً لأنه ليس غريزة، إنما مكتسب! فالطفل المولود (...)
النمو في الاقتصاد والعلوم والفنون والمعرفة والثقافة والإبداع هو هدف الحضارة منذ نشوئها. وأي نظام اجتماعي- سياسي لا يحقق ازدهاراً يموت بالضرورة، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة.
لا أحد يستطيع نكران أن النظام الاقتصادي الرأسمالي يحقق معدلات نمو هي (...)
عندما سُئِلَ نيوتن عن تصنيفه لمكانته العلمية قال: ما أنا إلا طفل يلعب بالحصى على شاطئ البحر!.. كان صادقاً مع السائل ومع نفسه؛ واثقاً من قدراته؛ مدركاً لضحالة معرفته قياساً ببحر العلم. فهو ليس إلا طفلاً على الساحل؛ يتوجب عليه تعلم السباحة والغوص؛ لا (...)
«النُخَبْ» هم من يُسَخّرون جهودهم للتأثير على المجتمعات. وهم لم ينزلوا من الفضاء، إنما هم نتاج المجتمع ذاته وتطوره.
التطور الاجتماعي ليس خطّاً مستقيماً؛ بل متموجاً. تُعَبّرْ فيه الموجات الصاعدة عن الرقي والازدهار، والهابطة عن التخلف والتدهور (...)