أكد أستاذ الدعوة والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور إبراهيم بن عبد الله المطلق، أننا بحاجة إلى إعادة النظر في قراءة المصالح والمفاسد المترتبة على قيادة المرأة للسيارة، موضحا أن التصدي لقضايا المرأة في المجتمع بالمنع نتاج لتشدد الخطاب الديني. ونقلا عن صحيفة " عكاظ " العسودية فق وصف المطلق المراكز الصيفية وبعض حلقات التحفيظ بأنها تستخدم لتلقين الناشئة الأفكار الوافدة، مشيرا إلى القرار الصادر من وزارة الشؤون الإسلامية بمنع اصطحاب الطلاب إلى الرحلات البرية والاستراحات. وبين أستاذ الدعوة والإعلام في حوار مع «عكاظ» أن بعض الدعاة المشهورين يستخدمون دموعهم لجلب الجماهير، مؤكدا أنه يحتفظ بدلائل واضحة تثبت صحة قوله، مبينا أن توضيحه للحقائق أدى إلى قذفه وشتمه وتخوينه وتصنيفه من قبل بعض الدعاة. الساحة الدعوية • كيف تقيم الساحة الدعوية؟ نحن مطمئنون للعمل الدعوي في هذه البلاد؛ لوجود علماء كبار عرفوا بسلامة معتقدهم ومنهجهم وحسن ولائهم، وهم المعروفون عندنا بهيئة كبار العلماء وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء. وهناك ملاحظات على الساحة الدعوية بصفة عامة، وهي اهتمام بعض مشاهير الدعاة ببعض الأمور مثل الجزئيات الفرعية؛ كالحجاب وخطر القنوات الفضائية وإغفال أصول الدين وأركان الإسلام كتأصيل العقيدة والدعوة إلى التوحيد الخالص والتأكيد على التمسك بأركان الإسلام الخمسة، كما أن هناك قضية مزعجة في الساحة الدعوية؛ وهي كثرة الخلافات بين الدعاة والعلماء وهجوم بعضهم على بعض وتصنيف بعضهم للبعض والظهور ببعض الفتاوى التي لا يفهم منها إلا البحث عن الشهرة. المراكز الصيفية • انتقدت بعض حلقات التحفيظ والمراكز الصيفية بأنها تتبنى أفكارا وافدة، علام استندت في هذا الانتقاد؟ لا يخفى على أحد أن من أفكار التنظيم السري للإخوان المسلمين، إيجاد مثل هذه المحاضن والمراكز في أقطار البلاد الإسلامية واستضافة بعض رموزها عبرها، فهؤلاء عملوا على تلقينهم بعض الأفكار. أضف إلى ذلك وجود أجنحة في بعض هذه المراكز تملأ بالأشرطة والنشرات الجهادية الحماسية، وهذه وجدت في سنوات مضت، وكان لها تأثير على بعض الشباب الذين فوجئ أهاليهم بذهابهم إلى الأماكن المضطربة بعد التحاقهم بها. هذه المراكز كان لها دور مباشر في انخراط هؤلاء الشباب في هذه الأماكن، لكن الجهود العظيمة التي تقوم بها الدولة في تصحيح هذه الأمور والقضاء على مثل هذه الأفكار في تقدم كبير. • وماذا عن حلقات تحفيظ القرآن؟ أما عن حلقات تحفيظ القرآن الكريم، فلا أحد يشك في فضل حفظ كتاب الله تعالى، وقد جاء الثناء على الحفظة في كتاب الله تعالى، وحسبنا أن أئمة السلف كانوا حفظة ولا خلاف في ذلك مطلقا، بل إن علماء التحرير كانوا يشترطون على من يلتحق بدروسهم أن يكون حافظا لكتاب الله تعالى. نقطة الخلاف تكمن في اصطحاب طلاب هذه الحلقات إلى أماكن خارج المسجد؛ سواء في الرحلات البرية أو أداء العمرة أو الاستراحات، وهنا يقع الخلل والإشكال، فنحن نعلم أنه يوجد توجيه رسمي بمنع هذه المناشط، الأمر الذي أكده مدير الإدارة العامة لجمعيات تحفيظ القرآن في وزارة الشؤون الإسلامية في حوار نشرته «عكاظ» الأسبوع الماضي. إن أخذ طلاب الحلقات إلى هذه الرحلات من قبل الذين يحملون أفكارا متطرفة، إنما هو لتلقينهم بعض الأفكار المنحرفة بعد استضافة رموز لديهم تطرف فكري أو تدريبهم على أسلحة، وهو ما اعترف به بعض الموقوفين أمنيا عبر وسائل الإعلام في وقت سابق، وهذه الأعمال تتكئ على أفكار تنظيم الإخوان المسلمين. • هل بنيت هذا الرصد على دراسات وفحص، أم أنها كانت انطباعية بحتة؟ توجد دراسات موثقة ومعلومات مبنية على وقائع ودراسات إعلامية عن من تورطوا في أعمال تخريبية، كما أني وقفت بنفسي على هذه المناشط. ردود الفعل • هل واجهت ردود فعل سلبية بعد أن أوضحت هذه الأمور؟ بالتأكيد؛ فعندما يفضح شخص ما هذه التحركات السرية، لا شك أنه يواجه هجوما عنيفا؛ فلدى تنظيم الإخوان جناح سياسي عسكري، وآخر إعلامي مخصص للدفاع عن كل من ينتقد هذه المناشط والمحاضن بقوة، ولديهم أتباع كثر مجندون في كثير من الدول. وقد لاحظت ذلك في ردودهم علي بكثافة عبر الصحف والمنتديات الإلكترونية والقنوات الفضائية وهجومهم غير المبرر على شخصي أكثر من تفنيد ما جئت به من حقائق. • وكيف كان حجم ردة الفعل عليك تحديدا؟ رميت بأمور كثيرة منها اتهامات بخيانتي للوطن وقذف وتجريح، ومما كتب في هذا الصدد مقال تجاوز كاتبه فيه الحد وعنون له (إبراهيم المطلق وغثائية الطرح) وهو أحد الدعاة هداه الله، فقد تضمن هذا المقال تخويني لولاة أمري ووطني، ولا شك أن ذلك ظلم وبهت، كما أنه يوجد من كتب عني مقالا بعنوان (جوزيف مكارثي وبرهومي المطلق)، إذ شبهني بكافر ملحد، وهذا نوع من الكذب والبهتان. • وماذا استنتجت من وراء هذه الهجمات المتتالية؟ كشف لي هذا عن سوء تربية لأمثال هؤلاء الذين تربوا في محاضن تعلموا فيها العنف والرعونة واتهام الناس وتخوينهم وظلمهم وتكذيبهم وتهميشهم، فلو كان ما كتبته باطلا لفندوه بالأدلة، لكن لأن ما كتب صواب وحق ويسيء إلى محاضنهم ومناشطهم وأفكارهم ورموزهم، ولا يملكون من الأدلة ما يستطيعون به تفنيد ما أشرت إليه، لجأوا إلى استراتيجياتهم القائمة على الاتهام والتهميش لتنفير الناس من حولي خاصتهم وعامتهم، كما أن ذلك كان لمحاولة التقليل من أهميتي ودوري في مواجهة هذه الأفكار، الأمر الذي قرره أحد كبار منظريهم حين قال «نحن إذا استهدفنا شخصا يخالفنا فإننا نفعل فيه ما لا يفعله الموساد». • بم تقيم هذا الوسط الذي يحوي أمثال هؤلاء؟ هذا يكشف لنا عن معاناة كبيرة في هذا الوسط يحس بها كثيرون، ويتمثل ذلك في الفجور في الخصومة وتجريح المخالف وظلمه وانتقاده عبر المنتديات، وهو نتاج تطرف فكري وانحراف عن المنهج الصحيح. كان من المفترض عليهم أن يعطوا صاحب الرأي الآخر حريته في الطرح وإن كان يخالف الصواب، ثم يردون عليه بالأدلة والمعلومات في حدود الذوق واللياقة والأدب وحسن الخلق مقتفين أثر النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان مثاليا في تعامله مع كل الناس حتى المنافقين والمشركين والكتابيين. • لكن هؤلاء يدرسون علوما في حسن الخلق وأدب الخلاف، أليس كذلك؟ للأسف، فهؤلاء سقطوا في الاختبار، بعضهم يدرس هذا للناس لكنه لا ينتهجه، كما لا يخفى أن هؤلاء يظهرون ما لايبطنون ويفعلون هذا ليظهروا أنفسهم بصفات حسنة، فيخرجون في وسائل الإعلام ليؤكدوا أنهم وسطيون ومعتدلون، لكن حقيقة أمرهم بعيدة كل البعد عما يقولونه فهم ليسوا وسطيين ولا معتدلين، بل إن عندهم تطرفا فكريا وخللا منهجيا. هم يريدون أن يلمعوا أفكارهم والتنظيم الذي ينتمون إليه من خلال وسائل الإعلام، كما أنهم يسيرون وفق استراتيجية وضعها لهم منظروا التنظيم تقوم على فقه المرحلة، وهذا يعني التلون وفق ما يخدم فكر التنظيم ومنهجه، فيظهر للعامة بثوب وصفات لا يتصف بها في حقيقة أمره ولا منهجه، وقد كتبت فيهم مقالا بعنوان (منافقو عصر النبوة ومنافقو هذا العصر.. أوجه الشبه وأبرز الصفات والملامح). • من يدفع هؤلاء إذن إلى ما ذهبوا إليه؟ هؤلاء خريجون مدرسة عملت خلال سنوات طويلة لا تقل عن 60 عاما ونتاج أجيال تتلو أجيالا، فقد تعلموا ودرسوا هذا الفكر وأخذوه من رموز فكرية وافدة جاءت في تلك الفترة، وكان لهم دور في غرس هذا الفكر وتلقينهم وتعليمهم، حتى أن بعضهم أعلن انتماءه لهذه التيارات واعترف بذلك. فترة الصحوة • هل لما يحصل علاقة بفترة الصحوة وتياراتها؟ بالفعل، نحن الآن نجني ثمار الصحوة التي عششت طويلا في أدمغة كثيرين وأثرت عليهم، وكنا نحسن الظن بأمثال هؤلاء خاصة وعامة، وكنا ننظر إليهم بنظرة الصلاح والتدين والاستقامة، إلى أن نتج لدينا ما مررنا به قبل سنوات وما نعاني منه الآن، لكن جهود ولاة الأمر وبعض المؤسسات الرسمية أسهمت في التصدي لهذه الأفكار الوافدة المخالفة لمعتقد سلف الأمة ومنهج هذه الدولة. • لكن يوجد من يصف تيار الصحوة بأنه حركة إصلاح ومجرد دعوة إلى الأخلاق والقيم؟ هذا غير صحيح إطلاقا، ولك أن تسأل: هل كنا في ظلمة حتى تنشأ الصحوة؟ إن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب أخرجت هذا المجتمع من ظلمات البدعة والشرك والانحرافات وما كان فيه من مشكلات أمنية وسياسية إلى ما نعيشه اليوم من رخاء ورغد في العيش، نحن لم نعش ظلمة أو ضلالا حتى تأتي هذه الصحوة، لكن هذا مصطلح أريد به أن يكون خيمة للفكر الذي يعمل تحته كيلا ينتبه الناس إلى أن هذه الدعوة وافدة وتنتمي لجماعات وافدة، كما أنه يقصد من خلالها إيهام الناس بأن هذه الدعوة إصلاحية وسليمة ليثقوا بدعاتها وتوجهاتهم وهذا ما حصل بالضبط في تلك الفترة، استخدموا هذا المصطلح لعلمهم أن المجتمع لا يقبل بأي حال أن ينتمي لجماعة وافدة معادية لهذه البلاد، وكان في هذا الأمر تغطية وتجييش للناس حتى يتأثروا بهذا الفكر، ولذلك نجد كثيرا من العامة يعتقدون أن هؤلاء على صواب ومنهجهم صحيح ويدافعون عنه. توضيح الخلل • ما الدافع وراء وقوفك ضد كثير من الإسلاميين على مختلف الأصعدة؟ أردت أن أبين الخلل فقط، وما تحويه مثل هذه المناشط وبعض الجمعيات وأردت أن أبين أنها مخترقة وأن هناك رموزا يستثمرونها ويهيئونها لأهداف فكرية تنظيمية، فكل ما كتبته ليس من بنيات أفكاري بل مما نقلته عن كتب رموزهم وقيادييهم من أمثال محمد الراشد صاحب كتاب صناعة الحياة والمنطلق الذين قرروا هذا الأمر، ودعوا إلى استغلال هذه المناشط والجمعيات لاحتضان الأموال لتكون موارد مالية لدعم منظمات فكرية وجماعات تتوافق معهم في المنهج نفسه وتلتقي في التنظيم نفسه وهذا حاصل، فقد حدثني أحد رؤساء الجامعات السلفية في بعض الدول الإسلامية جنوب شرق آسيا، أنهم طلبوا من هذه المؤسسات والجمعيات دعما فلم يجدوا درهما واحدا بينما ثبت أنهم يدعمون منظمات حزبية بشيكات لا تقل عن مليون ريال. • انتقدت أيضا بعض المؤسسات الخيرية ووصفتها بأنها انتقائية، فسر هذا الوصف؟ بعض هذه الجمعيات يهيمن عليها حزبيون، كما أن بعض المشرفين عليها لديهم انتماءات فكرية، فيستغلون كثيرا من الأموال والتبرعات لدعم منظمات وجماعات حزبية مماثلة، كما يدل على ذلك أن دورا كثيرا من هذه الجمعيات في معالجة مشكلة الفقر لدينا ضعيفة جدا، ولو أن نصف ميزانية هذه الجمعيات قسمت على فقراء المملكة ما بقي فقير واحد فأين تصرف هذه الملايين وربما المليارات؟ الأناشيد الحماسية • شنعت في إحدى مقالاتك على الأناشيد، هل تقصد عمومها أم بعضها؟ أنا مسبوق في مثل هذا الأمر من كثير من كبار علمائنا ومنهم الشيخ صالح الفوزان الذي قال ببدعة الأناشيد واعتبرها ليست من الدين في شيء، وكذلك ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله وغيرهم من مشايخنا الكبار، واستندت في مثل هذه الفتاوى على أن هذه الأناشيد إنما فعلت وأوجدت من أجل التأثير على الشباب، كما أن البعض منها حماسي وجهادي وله تأثير واضح على الشباب مما أودى بهم في المهالك وجعلهم قنابل موقوتة في العراق وأوصلتهم إلى السجون العالمية، وهو ما أعنيه وأحذر منه، أما الأناشيد الوطنية وغيرها فليست المقصودة. دموع الدعاة • ذكرت أيضا في مقال آخر عن أن بعض الدعاة يتظاهر بالدموع ليستقطب جمهوره، كيف توصلت إلى ذلك وهل أنت متأكد من ذلك؟ توصلت إلى ذلك برواية من أحد مشايخنا الكبار عندما سأل أحد هؤلاء الرموز بنفسه «نراك تذرف الدموع كثيرا» فأجابه بقوله: «هي دمعة نحشد بها الجماهير»، ومن خلال هذا أردت أن أبين أنه يفترض على الداعية أن يكون مخلصا ويقصد الله عز وجل في أعماله مبتعدا عن الرياء والسمعة، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأئمة السلف وعلمائنا الكبار الذين لم يعرفوا بمثل هذه الانفعالات، كما عليه ألا يفتعل البكاء من أجل حشد الناس إليه وكسب إعجاب الناس به وثنائهم عليه وحصوله على الشهرة وغيرها. وقد قال لي أحد الدعاة إنه عندما أراد أن يفتتح محاضرة لداعية مشهور: كنت أقرأ أمامي وقفات كتبها هذا الداعية، فبعد كل ثلاثة أسطر كتب «هنا بكاء»، الأمر الذي أثار استغرابي وألمي. كما بنيت مقالي على روايات وردتني من دعاة ثقات أصحاب منهج سليم، وذكرت فيها استراتيجية بعض مشاهير الصحوة المعتمدة على أسلوب الحشد الجماهيري وتجميع الناس. • هل تقصد أن بعض الدعاة يبحثون عن أهداف أخرى؟ نعم، بعضهم يميل إلى حب الشهرة والبحث عنها والآخرون يبحثون عن أمور مادية وغيرها. • هل يعني كلامك أن الوسط الدعوي يعاني من بعض أفراده؟ لاشك، أنا أؤكد لك ذلك، فهناك مشكلات وقضايا موجودة، فالوسط الدعوي يعج بالغث والسمين، كما أن أعدادا من بعض الرموز والمشاهير لديهم خلل وتعاطف وانتماءات وغيرها، ولا شك أن من الأسلم والأصوب الاكتفاء بالعلماء الكبار الذين اختارهم ولي الأمر دعاة وعلماء ومفتين ففيهم الخير الكثير والبركة. • من تقصد بهؤلاء الرموز؟ رموز التيارات والانتماءات الوافدة سواء الصحوة أو غيرها ممن عندهم انتماء لجماعات وافدة أو تنظيمات خارجية أو تعاطف معها. العلاقة بالجامعة • بعد أن بينت كل هذه الحقائق، كيف هي علاقتك مع الجامعة وطلابها؟ العلاقة أخوية ومتميزة مبنية على التعاون والثقة سواء من الزملاء في الجامعة أو إدارتها أو الطلاب، ولا يوجد شيء سوى ذلك فما أقوله هو ما أدين الله به، كما أني أوضح لطلابي دائما المنهج الصحيح عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) ومن باب إقامة الحجة والمساهمة في الحد من التأثر من بعض الأفكار الأخرى سواء عبر المنتديات أو القنوات أو غيرها. • ألا تجد مضايقات من بعض طلاب الجامعة بعد أن سلكت هذا الخط الذي ارتضيته لنفسك؟ لا توجد مضايقات تذكر، ومع وجود نوع من التأفف والانزعاج من بعضهم إلا أن هذا لا يعني لي شيئا ولا يضيرني؛ لأن بعضهم يلبس عليه فيظن أنني على خلل أو أخدم توجهات وتيارات معينة. • هناك من رد على مقالاتك وقال إنك لست باحثا شرعيا ووصفك بالدعي، بم ترد عليهم؟ كما ذكرت لك من قبل فالتصنيف واتهام المخالف والتقليل من شأنه منهج متبع لديهم للتقليل من دوره في التأثير، ولا يخفى أن القاعدة لديهم «إن لم تكن معي فأنت ضدي»، أنا لا أصنف نفسي بأني من العلماء الكبار ولكني أكاديمي وأستاذ مشارك في قسم الدعوة والاحتساب في جامعة شرعية ولا أزكي نفسي. تناقض الآراء • ذكرت أن لدي البعض تناقضا في المواقف والآراء، ماذا تقصد بذلك؟ وجدت من رموزهم طيلة 50 عاما من يخفي رأيه أمام العامة، فيقول في منبره ودرسه رأيا ثم يناقضه في مجلسه الخاص، ويقول للحاضرين إن ما قلته خاص بالعامة، والصواب كذا وكذا، وهذا معروف ومحفوظ ومسجل. فوضى الاحتساب • ساهم بعض المنتمين للوسط الدعوي في إنشاء لجان احتسابية غير رسمية ودعمها، ما الموقف الشرعي من ذلك؟ هذا يعتبر نوعا من الإفتئات على ولي الأمر والاعتداء على أنظمة الدولة ومخالفتها، إذ توجد هيئات رسمية مصرح لها بالأعمال الاحتسابية، كما أن الجهات الرسمية تمنع ما سوى ذلك من الأنشطة التطوعية، فهؤلاء يخالفون التوجيهات والتعليمات، وفعلهم هذا يؤدي إلى إثارة الفتن والفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار. البيانات الجماعية • في كل حادثة وواقعة يظهر لنا بيان جماعي يوقعه عدد من الدعاة والمشايخ، هل لهذه البيانات مستند شرعي؟ لا شك أن فكرة هذه البيانات مستقاة من بعض التنظيمات الخارجية كتنظيم الإخوان المسلمين والقاعدة، ومن أهدافها نزع ثقة عامة الناس بكبار مسؤولي المؤسسات الدينية عندنا، فهم بذلك متجاوزون على علمائنا الكبار. الإيقاف عن الخطابة • في مقال بعد إيقافك من الخطابة ذكرت، بأنك لا تستحق كل العقوبات التي وردت بحقك، وقلت إن الذين يستحقون هذه العقوبات هم المتعاطفون مع الفكر التكفيري، فهل كان هذا ناتجا عن غضبك أم أن له مستندا صحيحا؟ أوقفت منذ أربع سنوات، كما أن بعضا ممن ردوا علي عبر مقالات منها (إبراهيم المطلق وغثائية الطرح) تضمن استعداء بعض المسؤولين علي باتهامي لهم بالتخوين، وهو لا شك أسلوب عدائي سافر. كل ما حصل لأني كتبت مقالا بعنوان (خفافيش ظلام بعض أئمة مساجدنا) وانتقدت من خلاله تعيين أئمة لبعض المساجد ممن لديهم تطرف فكري. • في إحدى مقالاتك طالبت بتمكين المرأة من العمل في كافة الميادين، ووصفت الممانعين لذلك بأنهم مزدوجون فكريا، ماذا تقصد بذلك؟ كتبت ذلك بعد أن رأيت ضغوط بعض المتشددين حول قضايا المرأة، فالمرأة نصف المجتمع أو تزيد، فهم يحذرون من شغل المرأة لبعض الوظائف ويمانعون في الأخرى. على سبيل المثال يوجد في عدد من المؤسسات والفنادق من تشغل الوظائف من النساء إما في الاستقبال أو الرد على الاتصالات بينما يحظر عمل المرأة في مؤسسات أخرى يتطلب فيها وجود المرأة لخدمة العنصر النسائي، ففي تصوري أن الاستفادة منهن في ذلك مهم جدا كالحجز في الخطوط السعودية أو شركات الاتصالات وغيرها. يجب أن تشارك المرأة في صنع التنمية والتطور، فدورها مطلوب، ولا يخفى على الجميع أن كثيرا من الخريجات لا يجدن وظائف لهن، وأشرت في مقالي إلى ضرورة الاستفادة منهن لإعانتهن ومساعدتهن في شؤون حياتهن. قضايا المرأة • عند ذكر قضايا المرأة التي تثار بين الفينة والأخرى، نجد من يتصدى لها بقوة بحجة أنها مخطط تغريبي، ما تعليقك؟ في تصوري أن هذا نتاج تشدد في الخطاب الديني وغلو فكري، وحقيقة الأمر أن مثل هذه القضايا من بيع المرأة للملابس الخاصة أو تخصيص محال لهن بحيث تبيع المرأة على بنات جنسها حاجاتها الخاصة التي لا ينبغي أن يبيعها سواهن بعيدا عن الفتن والاختلاط بالرجال، أمر لا بد من البت فيه، كما في تصوري أننا نحتاج إلى إعادة القراءة للمصالح والمفاسد المتعلقة بقيادة المرأة للسيارة وإصدار فتاوى جديدة تتناسب مع العصر وحاجة الناس وتقضي على كثير من المفاسد الناتجة عن الخدم والسائقين. كما أن المرأة بحاجة إلى السماح لها بمزاولة اللياقة البدنية والرياضة الجسمية في مراكز نسائية مخصصة يقوم على إدارتها نساء، ففي ذلك حفظ للمرأة من البحث عن اللياقة في أماكن المشي العامة التي تعرضهن للمضايقات وعوامل البيئة من حرارة الشمس المؤذية والرياح التي تبرز مفاتنها أحيانا والأتربة والأمطار ونحوها.