لم يمنعها الحياء من أن تتقدم بطلب للزواج منه.. ليس لكونه فتى وسيما أنيقا يحرص على اقتناء آخر صيحات الموضة في الملبس والمركب، بل على العكس فإن الفتى ذا البشرة السمراء محروم حتى من الوقوف على قدميه؛ لإصابته بشلل كامل، ولكن السبب الرئيس الذي دفعها لهذه الخطوة الجريئة ما لمسته في حديثه عبر إحدى الفضائيات من "اجتهاد في الدعوة إلى الله". هذا هو ملخص قصة زواج الداعية السعودي الشهير عبد الله بانعمة، وهو من ذوي الاحتياجات أو التحديات الخاصة، بحسب توصيف زوجته التي احتفل بزفافه إليها في مدينة جدة الليلة الماضية، وفق صحيفة "عكاظ" السعودية اليوم الثلاثاء 16-2-2010. بدأت القصة حين ظهر بانعمة في برنامج في قناة فضائية للحديث عن طرق وأساليب الدعوة للإسلام التي اتبعها خلال زياراته لأصقاع الأرض، برغم شلل جسده بالكامل. وفي ذلك اليوم قررت تلك الفتاة السعودية (لم تذكر الصحيفة اسمها) أن تتخلى عن أحلام الفتيات المتمثلة في عريس يتجسد بصورة فارس يمتطي صهوة جواد أبيض، ولم تخجل من إبلاغ والدها برغبتها في الزواج من الرجل الذي قهر المرض حتى ينشر الرسالة المحمدية في بلدان العالم. من جانبه، قال والد الفتاة الشيخ ضيف الله بن سعد الغامدي إن ابنته المعلمة في مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم "هي من اختارت ورغبت في عبد الله دون فرض أو وصاية، وبإصرار وإرادة لا مثيل لهما"، فلم يكن أمامه سوى مباركة هذا الرباط الأسري المقدس. وعن أسباب إصرارها على الزواج من بانعمة، أوضح الغامدي أن السبب هو رغبتها في "أن يعينها على ذكر الله، وأن يجتهدا سويا في الدعوة له سبحانه؛ وهو ما أدى إلى أن يتم الزواج دون شرط". بدوره، أعرب الداعية عبد الله بانعمة عن فرحته قائلا: "في بداية الأمر فوجئت برغبة زوجتي، لكني أكبرت فيها إصرارها الجميل أن تكون زوجتي في الدنيا والآخرة، وأدعو الله أن نوفق في حياتنا". وأضاف قائلا: "أعتبر هذه الليلة كبيرة، وبالأخص وأنا أرى مئات البشر يتسابقون للمباركة وزفي إلى عروسي". والد العريس الشيخ عمر بانعمة لم تختلف مشاعره عن مشاعر ولده، معربا عن فرحته بالزواج، وأمله في أن يطول به العمر حتى يشرف على تربية أبنائهما بالقول: "أدعو الله أن أشرف على تربية أبنائه بنفسي، وأن أرى في ذريته ما حرم منه، ألا وهي الحركة". وكان الداعية عبد الله بانعمة قد تعرض لحادث غرق في مسبح ظل يصارع في عمقه المياه طوال 15 دقيقة دون تنفس حتى تم إنقاذه، ولكن كان من تداعيات ذلك إصابته بالشلل الذي حول حياته 180 درجة من دهاليز الضياع إلى طريق الخير والنجاح، على حد وصفه.