نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول تطورات الوضع اليمني والتغييرات التي طرأت على الموقف السعودي، وقال إن المملكة فضلت تعليق عملياتها العسكرية في اليمن، وأعلنت نهاية المرحلة الأولى المسماة "عاصفة الحزم" وبداية مرحلة جديدة تحت اسم "إعادة الأمل". وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، إن موجة القصف الجوي المكثف الموجهة ضد الميليشيات الحوثية والوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح، سيتم تعويضها بحملة جديدة أقل قوة، ومركزة -بحسب الرياض- "لفرض الأمن ومكافحة الإرهاب والبحث عن حل سياسي". وأوردت الصحيفة أن المتحدث باسم التحالف العربي الذي تقوده السعودية، الجنرال أحمد العسيري، صرح بأن "التحالف سيواصل منع الميليشيات الحوثية من التحرك وشن الهجمات داخل اليمن"، وهو ما يعني ضمنيا بأن الغارات الجوية يمكن أن تتواصل ولكن بدقة أكبر وأقل كثافة، ما يشير إلى انتقال العمليات، بحسب تعبير دبلوماسي غربي يعمل في الرياض، من النطاق العسكري إلى النطاق السياسي العسكري. وأضافت أن المعسكر المعادي للحوثيين سارع إلى اعتبار توقف العمليات إعلان انتصار من طرفهم، حيث صرح وزير الدفاع السعودي بأن "ضربات التحالف نجحت في تحييد الأخطار التي كانت تهدد أمن المملكة والدول المجاورة لها". كما نقلت عن الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور، المقيم في الرياض، تعهده "بتحقيق نصر قريب والعودة لوطنه في عدن في الجنوب وفي العاصمة صنعاء". وذكر التقرير أن صحيفة "الشرق الأوسط" المملوكة لعائلة الملك سلمان، أشارت إلى تدمير منصات إطلاق صواريخ بالستية، وأسلحة ثقيلة تم الاستيلاء عليها من مخازن الجيش النظامي، كما أشارت إلى إعلان اللواء عبد الرحمن الحليلي، قائد المنطقة العسكرية الأولى التي تضم 25 ألف جندي، دعمه للرئيس هادي. من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى تطور آخر سيؤدي لإضعاف الحوثيين وسيصب في مصلحة الرياض، وهو دعم "حزب المؤتمر الشعبي العام" التابع لعلي عبد الله صالح، لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الصادر في الرابع عشر من نيسان/ أبريل الجاري، ويلزم الحوثيين بالانسحاب من المناطق التي استولوا عليها في الأشهر الأخيرة. ونقلت عن سلمان الدوسري، رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط، قوله إن "العمليات نجحت في تحقيق أهدافها بأقل ما يمكن من الخسائر، ليس فقط في صفوف الجيش بل أيضا في صفوف المدنيين اليمنيين". وأفادت الصحيفة بأن ردود الفعل السعودية المعبرة عن الرضا عن نتائج عاصفة الحزم تركت الدبلوماسيين في مقر الأممالمتحدة في نيويورك في حيرة من أمرهم، فعندما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يوم الاثنين الماضي، لوقف إطلاق نار فوري، تجاهل ممثل السعودية عبد الله المعلمي هذه الدعوة، وقال إنه يتمنى وقفا سريعا للحرب ولكن أكد في ذات الوقت على أن هذا القرار مرتبط بأهداف تم تحديديها مسبقا ويجب بلوغها قبل إنهاء العمليات. كما أشارت إلى أنه، على عكس ما ورد في وثيقة الأممالمتحدة، لم يغادر المقاتلون الزيديون مدينتي صنعاء وتعز، أكبر مدينتين واقعتين تحت سيطرتهم، ولم يبدوا أي استعداد لإخلاء هاتين المدينتين أو التخلي عن مواقعهم في مدينة عدن، التي شهدت في الأسابيع الماضية معارك ضارية بينهم وبين القوات الموالية للرئيس هادي. ورأت الصحيفة أن هذا التحول المفاجئ في الموقف السعودي يعود بشكل أساسي إلى الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمن، والتي تفاقمت بسبب القصف الجوي المتواصل. فقد حذرت الأممالمتحدة مؤخرا من فداحة الخسائر البشرية التي وصلت حسب تقديراتها إلى قرابة الألف قتيل وأكثر من ثلاثة آلاف جريح، بالإضافة لأوضاع إنسانية كارثية في ظل معاناة السكان من نقص المياه والغذاء والمواد الطبية والكهرباء. وأضافت بأن غارتين جويتين شنهما التحالف، يوم الثلاثاء، على جسر في وسط البلاد ومركز أمني في الشمال أدتا، بحسب مصادر طبية، إلى سقوط أربعين قتيلا أغلبهم من المدنيين. وأفادت بأن المملكة السعودية التي تدرك بأن التدخل البري في اليمن يوشك أن يصبح أمرا لا مفر منه، فضلت منح الفرصة للعمل الدبلوماسي. وأشارت إلى ثلاثة عوامل رئيسية دفعتها نحو هذا الخيار: هي امتناع روسيا عن التصويت للقرار 2216، واقتراب تعيين الموريتاني إسماعيل ولد شيخ أحمد في منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن، خلفا للمغربي جمال بن عمر الذي فقد ثقة الرياض، وهو ما يمكن أن يضع هذا الهيكل الأممي في قلب محادثات الملف اليمني، وأخيرا تعيين رئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح بمنصب نائب الرئيس. ورأت الصحيفة أن خالد بحاح، المنحدر من محافظة حضرموت في شرق البلاد والسفير السابق لدى الأممالمتحدة، يُنظر إليه على أنه الرجل السياسي القادر على صنع التوافق. وذكرت بأنه تمت تسميته على رأس الحكومة في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، في خضم الأزمة اليمنية. وبعد الاتفاق الموقع في كانون الثاني/ يناير بين الرئيس هادي والحوثيين، اشترط هؤلاء بقاء بحاح في منصبه. ونقلت في هذا السياق عن دبلوماسي غربي قوله: "بالنسبة لنا يعد بحاح ورقة مهمة، لأن الرئيس هادي أصيب بالإرهاق وتأثر بالأزمة الأخيرة، ولهذا فإن دور بحاح سيكون أهم في المستقبل، بفضل ما يمتلكه من بعد نظر وقوة شخصية وإصرار، ولكن ليس من المؤكد أن هذه الصفات ستكون كافية، بالنظر لمدى تعقيد الوضع في اليمن". وفي الختام قالت الصحيفة إن الأوساط الدبلوماسية تؤكد أن "السعودية يمكن أن توقف غاراتها الجوية، وتواصل في نفس الوقت تسليح المجموعات التي تقاتل الحوثيين، وهو أمر سبق أن قامت به في الماضي".