أعلنت مجموعة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الأردن الاثنين، قبول الحكومة الأردنية طلبا لها "بإعادة تصويب أوضاع الجماعة القانونية ، دون الحصول على موافقة مسبقة من قيادة الإخوان،" وسطت تحذيرات الأخيرة من التدخل في شؤون الجماعة "أو العبث بالوضع التنظيمي للجماعة"، في خطوة وصفتها بعض القواعد الإخوانية "بالانقلاب." وجاء إعلان المجموعة التي عرفت "باللجنة التحضيرية لإصلاح الجماعة" ، عقب مرور أقل من شهر، على طلب رفعه للحكومة الأردنية، عبد المجيد الذنيبات المراقب الأسبق للجماعة، وعضو مكتب الارشاد العالمي، قبل أن يصدر مجلس شورى الجماعة قرارا بالفصل التنظيمي بحقه وبحق من وقع معه على طلب التصويب في 14 شباط/ فبراير المنصرم، فيما كان الطلب قد قدم في الثامن من الشهر ذاته. وتعود أزمة الإخوان الداخلية التي وصلت إلى أروقة الحكومة، إلى أكثر من عام ونصف، بسبب خلافات حادة عصفت بين قيادة الجماعة التي يسيطر عليها تيار ما يسمى بالصقور، وبين تيار يوصف بالحمائم، طلب فيها الأخير عزل القيادة الحالية، وانتخاب قيادة جديدة، إثر مزاعم بوجود تنظيم سري داخل الإخوان، يرتبط بحركة حماس، وإقصاء تيارها عن مواقع القرار، إلى جانب تشكيل مبادرة سياسية حملت اسم "زمزم" لبعض من تلك القيادات الإخوانية خارج إطار التنظيم. وشهدت الأسابيع المنصرمة، لقاءات مكثفة بين المجموعة وأطراف حكومية عديدة، للتباحث في طلب "التصويب"، وهو ما أكده في تصريح علني وحيد سابق للناطق باسم الحكومة محمد المومني، عبر شاشة التلفزيون الأردني الثلاثاء المنصرم. واستندت مجموعة الذنيبات في طلبها للحكومة، إلى وثائق ترخيص الجماعة الحالية، تعود إلى أعوام 1946 و1953 والتي أشارت إلى أن الجماعة رخصت بموجب قرار مجلس وزراء كفرع لجماعة الإخوان المسملين في مصر. ومن هنا، أحالت الحكومة الأردنية التي اعتذر عدد من المسؤولين فيها مرارا عن التعليق على تطورات القضية لوسائل إعلام محلية وأجنبية، الطلب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التي تتولى الإشراف على ترخيص الجمعيات الجديدة، بحسب ما أكد الذنيبات في تصريحات لموقع CNN بالعربية. وبحسب الذنيبات، فإن إجراءات "إعادة تسجيل" الجماعة سارية ، وأن ما جرى "هو تصحيح لمسار الجماعة وليس انقلابا،" بحسب تعبيره. وقال الذنيبات لموقع CNN بالعربية ":الآن يمكن التكلم بكل صراحة، ما جرى هو تصحيح للمسار الحالي، فبعد حل جماعة الإخوان المسلمين في مصر كان لا بد من حماية إخوان الأردن، وقد حاولنا مرارا التخاطب مع الجماعة عبر مؤتمرات خاصة دون أن يكون هناك استجابة." ويستدعي طلب التصويب، بحسب إعلان مجموعة الذنيبات، "الإطاحة بالقيادة الحالية والإبقاء على الشعب والهيئات الادارية كمرحلة انتقالية لإجراء انتخابات لقيادة جديدة،" فيما نص بيان صدر باسمها أن الجماعة "ستصبح هيئة أردنية" وحركة دعوية لكل الأردنيين،" مع طلب "تجديد البيعة." وفي تعليق للذنيبات حول حدوث صدام محتمل بين كوادر الجماعة وهيئتها الجديدة، أضاف :"لن يكون هناك صدام لأننا سنكون بثوب شرعي ومن يستنكف عن الالتزام معنا في الجماعة فأمره للدولة، وسيصبح حينها أي نشاط يمارس خارج هذا الإطار غير قانوني، وسنعزل القيادة الحالية أولا." وبشأن استمرار ارتباطه بمكتب الارشاد العالمي، وهو العضو الوحيد ممثلا عن الأردن فيه، ما يتناقض مع "مبدأ الدعوة لفصل التنظيم" أردف الذنيبات قائلا:" لم يعد لي اهتمام بمكتب الإرشاد وهو مجرد هيئة استشارية." من جانبها، نددت جماعة الإخوان المسلمين بشدة "إجراءات التصويب،" محذرة من المس" بشرعية الجماعة" وقيادتها، ومؤكدة الالتفاف عليها. وعبرت الجماعة في بيان صدر عن مجلس الشورى فيها ليل الاثنين، "عن استهجان قبول الحكومة للطلب المقدم بخصوص تصويب أوضاع الجماعة" ورفض التدخل في شؤونها الداخلية. وقالت الجماعة في البيان الذي تلقى موقع CNN بالعربية نسخة منه":إن العبث بالمركز القانوني المحفوظ للجماعة ووضعها التنظيمي المستقر هو مخاطرة ومجازفة ستترك آثارا عميقة على الوطن الأردني قبل أن تصيب الجماعة بأي ضرر." وينتظر صدور القرار الرسمي النهائي بقبول تسجيل الجماعة التي تشهد قيادتها الحالية حالة من الجفاء مع السلطات الرسمية، خلال أيام، وسط تحذيرات من حدوث ارتدادات للإجراء. ونشر موقع البوصلة المحسوب على الإخوان الوثائق الأصلية للتراخيص الأولى الصادرة باسم الجماعة وبموافقة مجلس الوزراء، ونصت على صدور موافقة بالترخيص في عهد الملك عبد الله الأول المؤسس، كجمعية للإخوان المسلمين في "شرق الأردن" واعتبارها فرعا للقاهرة، إلا أن التصويب الثاني في 1953 لم يأت على ذكر "القاهرة" في المراسلات الحكومية وترخيصها كجماعة للإخوان المسلمين. ويتوقع مراقبون، أن يتحول النزاع القائم" إلى نزاع على الشرعية" كمقدمة لحل ناعم لجماعة الإخوان، حيث رجحت بعض المصادر لجوء الجماعة إلى القضاء في وقت لاحق. وشاركت جماعة الإخوان المسلمين بحكومات سابقة ومجالس برلمانية عديدة، ترأس خلالها قيادات فيها بعض هذه المجالس، كما مثل عدد منهم الجماعة في عدة لقاءات جمعتهم بالعاهل الأردني. وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في مقابلة مع شبكة PBS الأمريكية أواخر العام الماضي، "أن الإخوان في بلاده هم "جماعة سياسية منظمة"، رغم قوله بأن الإخوان اختظفت الربيع العربي في المنطقة. ويعمل الذراع السياسية للجماعة، حزب "جبهة العمل الإسلامي" بموجب قانون الأحزاب السياسية في البلاد، الذي لم يعرف للآن مدى حجم تأثره بالتطورات الأخيرة.