تسبب تعهد أطلقه الرجل الثاني في جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية زكي بني ارشيد بعودة ضخ الغاز المصري إلى المملكة أمس، بحال من الانزعاج داخل مؤسسات الحكم المختلفة في عمان، كما في مكتب «الإرشاد العالمي» الذي يتخذ من العاصمة المصرية مقراً له، ويعتبر أعلى هيئة تنظيمية لدى «الإخوان» المنتشرين في جميع الأقطار. وجاء هذا التعهد عقب دعوة «مفاجئة» وجهها وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى الجماعة تتضمن طلباً صريحاً بالتدخل لدى جماعتهم الأم لاستئناف ضخ الغاز المصري إلى المملكة بالكميات المتفق عليها بين البلدين سابقاً. وكان الأنبوب الذي يزود الأردن وإسرائيل بالغاز المصري تعرض في 22 تموز (يوليو) الماضي لتفجير هو الخامس عشر منذ شباط (فبراير) عام 2011. وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية أردنية أن تعهد «الإخوان» أدى إلى «توبيخ» جودة من جانب مرجعيات عليا في الدولة، ما اضطره لاحقاً إلى إصدار بيان يشير فيه إلى أن «المملكة تلقت تأكيدات مصرية على أعلى المستويات ببحث استئناف ضخ الغاز المصري للمملكة وبالكميات المتفق عليها». كما علمت «الحياة» أن التعهد المذكور تسبب أيضاً بحال من الحرج لدى جماعة «الإخوان» المصرية التي أكدت مراراً عدم تدخلها في إدارة أمور البلاد التي يتزعمها الرئيس محمد مرسي القادم إلى سدة الحكم من حضن الجماعة. ودفع هذا الحرج على ما يبدو قيادات في «مكتب الإرشاد» إلى التواصل مع فرعها الأردني أمس والطلب من قيادته التراجع عن الوساطة المذكورة في الوقت الراهن، وذلك بحسب مصادر «إخوانية» أردنية تحدثت إليها «الحياة». لكن قيادة الجماعة نفت هذه المعلومات واكتفت بإصدار بيان تقول فيه إن «حض الحكومة المصرية على إعادة ضخ الغاز لم يعد له مكان بعد اتفاق الحكومتين على حل المشكلة». وكان بني ارشيد قال ل «الحياة» أمس إن «وفداً إخوانياً سيغادر إلى القاهرة برئاسة المراقب العام للجماعة همام سعيد لبحث تزويد الأردن الغاز المصري بناء على طلب وزير الخارجية الأردني». وربط أحد المواقع الإلكترونية المقربة من الحكومة الأردنية زيارة «الإخوان» الملغاة للقاهرة بقرار لمكتب «الإرشاد العالمي» يقضي بحل القيادة الحالية للجماعة الأردنية واستبدالها بمكتب جديد يضم ممثلين عن التيارات «الإخوانية» المختلفة، الأمر الذي نفاه بني ارشيد قائلاً ل «الحياة» إنه «خبر عار عن الصحة». لكن مصادر فاعلة داخل الفرع الأردني أكدت ل «الحياة» أن عدداً ممن يعرفون ب «حكماء الإخوان»، طالب «مكتب الإرشاد» بالتدخل لدى القيادة الحالية أخيراً لثنيها عن قرار مقاطعة الانتخابات المقررة مطلع العام المقبل، منتقداً إصرارها على وضع التعديلات الدستورية شرطاً للمشاركة في الانتخابات. في هذا الصدد، أوضحت قيادات «إخوانية» تحدثت إليها «الحياة» أن «مكتب الإرشاد العالمي لم يتردد طيلة الفترة الماضية في حض الجماعة على خوض الانتخابات النيابية المقبلة، والوصول إلى تفاهمات مرضية بينها وبين السلطات». انتخابات «الاخوان» والمال السياسي وكشفت هذه القيادات عن شكاوى تقدمت بها لجنة خاصة ب «حكماء الإخوان» إلى الجماعة الأم في مصر تتضمن التشكيك في نتائج الانتخابات التي أفرزت القيادة الحالية، وتتهمها باللجوء إلى «المال السياسي» في مقابل الوصول إلى سدة الجماعة. كما علمت «الحياة» أن مكتب الإرشاد الذي لا يملك سلطة الحل لقيادة «الإخوان» الأردنية، كان نصح بانتخاب قيادة جديدة أخيراً للخروج من حال «الانقسام الداخلي». وكانت «الحياة» نشرت أول من أمس تفاصيل مبادرة قدمها «حكماء الإخوان» تتضمن حل القيادة الحالية التي يسيطر عليها التيار المتشدد، والسعي إلى «تحسين شروط التفاوض» مع الدولة، للمشاركة في الانتخابات النيابية، عبر جدولة مطالبهم «الإصلاحية» والاكتفاء بإجراء تعديلات على قانون الانتخاب. ويطالب الإسلاميون الذين قاطعوا الانتخابات النيابية عام 2010، بتعديلات دستورية من شأنها المس بصلاحيات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وكان الملك عبدالله أكد في أيلول (سبتمبر) الماضي أن «الإخوان يسيئون تقدير حساباتهم بشكل كبير» عبر مقاطعتهم الانتخابات.