الزهد والتقشف وترك مفاتن الحياة كلمات يؤمن بها الشيخ سليمان الراجحي الملياردير السعودي الذي كثيرا ما جاء اسمه في مراكز متقدمة بقائمة "فوربس" لأثرياء العالم، كما جاء أيضا في قائمة أغنى الأغنياء على مستوى الوطن العربي. فطالما انتقد الملياردير مظاهر البذخ في المجتمع السعودي معتبرها سببا رئيسيا من أسباب الغلاء وعدم التقدم الاقتصادي. ونقلا عن شبكة " محيط " الإماراتية فإنه في خطوة غريبة من نوعها تؤكد على مدى زهده في الحياة ، أعلن الشيخ سليمان الراجحي تخليه عن أمواله وثروته ليبهر الجميع بتحوله من ملياردير إلى رجل بسيط لا يمتلك في دنياه سوى ملابسه في ظل سعى الكثيرون لتكوين جزء قليل من تلك الثروة المهولة. خطوة غير مسبوقة بالنسبة للراجحي ، لم تكن فكرة تقسيم الثروة وليدة يوم وليلة بل سيطرت على فكره كثيرا ،حيث لاحظ أن أي خلاف أو عداوة بين أخوين سببها الرئيسي الصراع على المال ، بالإضافة إلى خوفه من وفاة أحد أفراد أسرته قبله مما يعني حرمانه وأبنائه من الميراث وكذلك زوجاته. وبعد حوار طويل مع النفس واستشارة كبار علماء الدين وسؤالهم حول شرعية تلك الخطوة أو عدمها، بالإضافة إلى أخذ رأي ذويه فيما ينوي الإقدام عليه، أعلنها الملياردير صراحة في لقاء نظمته الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بداية الأسبوع الجاري قائلا: "لم أعد أملك من مال الدنيا شيئا .. لم أعد أملك ريالا واحدا, كل ما لدى إما أن يكون وقفا لله واشترطت أن آكل منه بالمعروف وأن أتصدق منه وإذا حانت المنية انقطع هذا الشرط ، والقسم الآخر هبة بقسمة المواريث لأبنائي وبناتي وزوجاتي". أوجه الخير أراد الشيخ سليمان الراجحي أن تذهب أمواله للأعمال الخيرية في جهات مختلفة بحيث لا تقتصر على جانب واحد فقط من أوجه الخير وتغفل جوانب أخرى. هكذا خصص الراجحي جزء كبير من ثروته في : تقديم خدمات اجتماعية تخص ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والمحتاجين، إنشاء جامعة ومستشفى لخدمة المواطنين، بالإضافة إلى العمل على إيجاد مشروع لتربية الشباب اقتصاديا. ويأتي من ضمن الأعمال الخيرية التي يسعى الراجحي إليها دعم بنوك الدم، تقديم الرعاية الاجتماعية والطبية، رعاية الأيتام، إنشاء مراكز طبية شاملة، تأمين الأجهزة الطبية، ودعم حركات الدعوة وتوعية الجاليات والعناية بموتى المسلمين ومقابرهم من تكفين ودفن ، وصيانة الجوامع في الطرق السريعة. بداية من الصفر بدأ الشيخ سليمان مشواره من الصفر ليصبح فيما بعد أحد أثرياء العالم فهو نموذج للرجل العصامي بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، أبهرته التجارة منذ نعومة أظافره فترك تعليمه في التاسعة من عمره، مكتفيا بدراسة الصف الثاني الابتدائي ، ليعمل بعدها في العديد من المهن البسيطة بدأها بشراء الجاز وبيعه حيث لم يكن هناك كهرباء في تلك الفترة ثم تطورت الأمور فعمل كحمال لأغراض الآخرين في مقابل تلقيه نصف قرش كأجر لنقلها من حي إلى حي ، كما عمل لفترة لم تستمر طويلا كطباخ لإحدى الشركات التي تعمل في مشاريع الدولة. هكذا قضى الشيخ سليمان فترة طفولته في العمل الشاق ولم يكتف هذا الطفل بذلك بل كان يدخر معظم دخله ولا يسرف في مأكله ولا يشترى الجديد من الملابس على الرغم من افتقاره إليها، وهكذا تكونت بداية ثروته التي بلغت وقتها 400 ريال وحينها قرر استغلالها والاستفادة منها فاستقل بعمله وافتتح محلا صغيرا خاصا به حين بلغ الخامسة عشر من عمره. هكذا بدأت الأموال تتزايد في يديه فأراد أن يضاعفها ففكر في العمل بالصرافة حيث كانت بدايته في هذا المجال تتمثل في شراء وبيع العملات للحجاج. مشاريع متعددة يعد سليمان الراجحي من رواد المشاريع المصرفية، حيث أسس مصرف الراجحي أكبر مصرف إسلامي في العالم تبلغ أرصدته الإجمالية 44 مليار دولار وقيمته السوقية 26 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك قبل عام، إلى جانب امتلاكه ل "الوطنية للدواجن" وهي واحدة من أكبر مشاريع الدواجن في الشرق الأوسط. وكذلك مشروع تربية الأغنام في الجوف, ومشروع شركة الروبيان الوطنية التي تعتبر من أكبر الشركات محليا وعالميا.بالإضافة إلى اهتمامه بالاستثمار في إنتاج الأسمنت والزراعة العضوية. ولم تكن مشاريع الراجحي مشاريع دنيوية فقط حيث اهتم أيضا بالاستثمار لآخرته ففاقت مشاريعه في أوجه الخير عدد شركاته. فهو مؤسس لمنشأة SAAR الخيرية التي تقدم الدعم المادي والعيني للأعمال الخيرية المتمثلة في الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية والإنسانية. ومؤسس "صندوق العائلة" وهو الصندوق الخيري الخاص بعائلة "الرواجح"، فضلا عن قيامه بناء المساجد وتشييد المساكن للفقراء ورعاية الأسر المحتاجة.