لم يصدق المئات من الشباب ورجال الأعمال الذين احتشدوا منذ وقت مبكر في قاعة المحاضرات بمركز معارض الرياض حتى ضاقت بهم، أن الشيخ الملياردير سليمان الراجحي الذي جاءوا ليعرفوا قصته مع المال أصبح لا يملك ريالا واحدا!! بعد أن وقف نصف أملاكه وقسم النصف الآخر من ثروته على أبنائه بطريقة المواريث، أما المفاجأة الثانية التي لفتت انتباه الكثير من الحضور ولم يخفض بريقها كثرة الفلاشات الصادرة من عدسات المصورين، تمثلت في تواضع الشيخ وزهده في المال، الذي قال عنه «إنه مال الله وأمانة في عنقنا نشكره أن هدانا إلى أن نتصرف فيه وفقا لما يرضاه». جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمته لجنة لشباب الأعمال بغرفة الرياض مع الشيخ سليمان الراجحي في قاعة المحاضرات بمركز معارض الرياض، الذي شهد حضور كبيراً امتلأت فيه جنبات قاعة مركز معارض الرياض الدولي، وكانت محاور اللقاء أربعة كما ذكرهن فهد الشميمري رئيس شركة موطن القابضة، الذي أدار دفة الحوار حيث جاءت المحاور مركزة على اكتشاف الجديد في حياة الملياردير الذي بلغ الأربعة والثمانين عاماً ولا يزال يتدفق عطاء في متابعة أعماله حيث انه قال إنه لا يزال يعمل يوميا ما بين 14 و15 ساعة يومياً، عازيا سر هذا التوفيق والنشاط إلى تمسكه بأداء عبادته بانتظام حيث انه يحافظ على قيام الليل والصلاة وفي وقتها وتلاوة القرآن الكريم في أسفاره والتي قال عنها إنها سر احتفاظه بذاكرته حتى اليوم. الراجحي في صورة تذكارية مع لجنة شباب الأعمال وتحدث عبدالعزيز العجلان نائب رئيس مجلس غرفة الرياض، عن ذكريات لشيء من ماض عاشه وسط رجال عاصروا والده في المجال التجاري في منطقة وسط الديرة التي قال إنها خرجت الأفذاذ من رجال الأعمال متناولا السيرة العطرة للكثيرين منهم وكيف كانت العلاقات والمعاملات في المجال التجاري بينهم، ثم تحدث عن صلة العلاقة التي تربطهم بال الراحجي وقال إنها علاقة تمتد إلى جذور بعيدة وصلات وثيقة ربطت والده بالشيخ صالح الراجحي، ثم تحدث عن الشيخ سليمان الراجحي وقال في حقه الكثير مشيرا إلى أنه دخل دنيا المال لا يملك شيئا، ونظرا لحبه للعمل وكده واجتهاده وقبل ذلك مراعاة الله في كل أمور حياته حتى حباه الله بهذا النعيم، مضيفا أنه مدرسة في الصدق والأمانة وحسن إدارة المال وفقا لما يرضي الله، مبينا أن ما أعلنه من مشاريع وقفية وخدمية عمل رائع وتجربة ينبغي للجميع الاستفادة منها. حضور مكثف للاستماع الى تجربة الراجحي أما الأستاذ فهد الثنيان عضو مجلس إدارة الغرفة رئيس لجنة شباب الأعمال فقال «إن تجربة الشيخ سليمان الراجحي في عالم التجارة تجربة ثرة تتضمن معاني وقيما ومفاهيم ينبغي للشباب الوقوف عليها والاستفادة منها، ولهذا كان هذا اللقاء مع الشيخ سليمان ليكون محفزا ودافعا للكثيرين للاستفادة من تجربة الشيخ في طريقة إدارة أعماله وقبل ذلك من حسن علاقته بربه التي كانت سببا فيما وصل إليه، وأضاف أن ما يميز مسيرة الشيخ سليمان في دنيا المال والأعمال أنها اتسمت بالنزاهة والأمانة والصدق ومخافة الله فيما استخلف عليه من مال، حيث تقف مشاريعه الخيرية شاهدا على حسن تعامله وتصرفه في هذه النعمة. وعقب ذلك تحدث الشيخ سليمان الراجحي عن فكرة الهبة بطريقة المواريث وقال إن الفكرة لم تأت بين يوم وليلة، وهي وليدة معرفة وإدراك بان المال مال الله وان الإنسان يسال عنه، وقال حين قررت تطبيق هذه الفكرة جلست كثيرا أفكر حولها واستخرت الله ثم بعض العلماء واهتديت إلى تطبيقها حتى لا يكون المال فتنة بين الأبناء، مشيرا إلى أن الكثير من المنازعات التي تنشأ بين الأبناء والأسر يرجع السبب فيها إلى الخلافات حول المال والميراث، قائلا «لذلك قررت تطبيق الفكرة، ثم تحدث عن فوائد تقسيم الإرث قبل الوفاة، مبيناً بأنه يحمي من حدوث مشاكل وتفكك أسري في المستقبل، كما أنه يحفظ حق من قد يتوفى من الأبناء أو الزوجات قبل الأب دون الحصول على حقها الذي يتحول إلى أبناء الابن وذريته. وسرد الراجحي تفاصيل توزيع ثروته حيث بين بأنه اجتمع بأسرته من أبناء وبنات وزوجات واتفق معهم على ذلك، وشكل لجانا أسرية بدأت بالعمل معه ليبدأ مرحلة التقسيم التي فسرها بأنها على صفة الهبة وتقسيم المواريث، واعتمد في تقسيم العقارات على أسرته عن طريق «القرعة النبوية» معللاً سبب ذلك بأنه تقدير قيمة الأرض أمر صعب ويخشى أن تكون قيمة الأراضي متفاوتة بين الأبناء مما قد يولد في نفوسهم الضغينة، مضيفاً بأن الجميع رضي بأن تكون العقارات من خلال «القرعة». أما فيما يخص الجزء الثاني من ثروته فبين الراجحي بأنه خصصه كوقف لله، مضيفاً بأنه وضع شروطا لا تجوز لغيره في المال الذي أوقفه لله تعالى، حيث يجوز له الأكل والشرب والصرف على نفسه والهبات، وتنتهي هذه الصلاحية بوفاته. قائلا: لذلك فإني لا املك ريالا واحدا «كما تحدث عن مشاريع الوقف وقال إنها كثيرة ومتعددة تشمل كفالة اليتيم وإنشاء الجوامع المراكز الطبية الرعاية الصحية، العناية بموتى المسلمين وغيرها من المشاريع الخدمية والتي منها مشروع العناية بالمساجد ودورات المياه في الطرقات السريعة. ثم لم ينس الشيخ سليمان الراجحي أن يسدي بعض النصائح والتوجيهات إلى أصحاب المشاريع من الشباب حيث قال إن الأمانة والصدق ومخافة الله أمور هامة لتحقيق النجاح موضحا أن قراءة القرآن وطاعة الله والقيام آخر الليل هي عبادات هامة تقوى الإنسان وتعينه على أمور حياته وتحقق له النجاح، مؤكدا أن الاهتمام بالوقت يعد أمرا مهما يساعد الفرد على اقتناص الفرص، كما دعا الشباب إلى عدم تضييع المال والبعد عن التبذير مشيدا في هذا الإطار بالفرص الواعدة التي يشهدها الاقتصاد السعودي وما تنعم به المملكة من استقرار قائلا إنها كلها عوامل تفتح المزيد من فرص النجاح. ومن ضمن المداخلات التي جرت خلال اللقاء قدم الشيخ عبدالمحسن الحكير شكره للراجحي على صراحته وعرض تجربته للجميع، منادياً رجال الأعمال بالاقتداء فيه بحب عمل الخير بالزكاة والصدقة والتمعن بتجربته في تقسيم الثروة من أجل عدم حدوث خلاف أو تفكك أسري بين الأبناء والبنات.