مكة أون لاين - السعودية قبل فترة قصيرة حلت الذكرى الثانية عشرة لاعتداءات 12 مايو الإرهابية التي شهدتها العاصمة الرياض، والتي استمرت بعدها التهديدات الإرهابية لبعض الوقت قبل أن تخبو ويصبح الإرهاب أقل خطرا وأكثر هامشية في المجال العام السعودي. هذا ليس مقالا عن السياسة ولا الدين ولا الأخلاق، ولكنه محاولة لاستعراض السؤال التالي: هل الإرهاب مشكلة أخلاقية أم سياسية أم دينية؟ معرفة كنه المشكلة - ولا أعرف أحدا قد يجادل بأن الإرهاب لا يمثل مشكلة - وأسبابها تعني القدرة على حلها. نحتاج أولا فقط إلى تعريف الإرهاب. ما نعنيه بالإرهاب هنا هو العنف المرتبط بالتطرف الديني والمستند إلى تراث ديني وفي مجتمعنا، مثل ما حدث في مايو 2003 في العاصمة الرياض. الإرهاب بوصفه فعلا هو باختصار محاولة لتغيير المجتمع عن طريق العنف. الإرهابي - أيا تكن دوافعه - شخص فقد الأمل في إمكانية إحداث أي تغيير في المجتمع. لنفترض أن الإرهابي متشبع بالتراث الديني ولا يرى في الحياة إلا انحرافا عن الدين وأن حافزه الوحيد والواحد هو الدين. في هذه الحالة علينا أن نعرف ما هي تلك النصوص بالذات التي قادته للإرهاب لأن كل شيء يتأسس على منظومة أخلاق تبرره، وهذه يفترض أنها تنتقل عبر النص. فما الذي يوجد في المجتمع من الناحية الدينية يحفز الإرهابي على التحرك؟ الإرهاب الذي نتحدث عنه هو العنف بمسوغ ديني بوصفة خاصية داخلية في المجتمع بمعنى أننا غير مهتمين بالإرهاب العابر للحدود والمتداخلة بنيته مع السياسات الدولية وألعاب المخابرات. من الناحية السياسية فإن الإرهاب هو محاولة لتغيير الواقع في المجتمع (بغض النظر في أي اتجاه يكون هذا التغيير) عن طريق العنف. وهذا يطرح تساؤلين، أولا: ما الذي في الواقع السياسي يتطلب تغييرا؟ وثانيا: لماذا كان العنف هو الطريق إلى التغيير؟ من وجهة النظر الأخلاقية فإن الإرهاب انحطاط أخلاقي، استباحة العنف لفرض شيء على مجموعة من الناس أو على مجتمع كامل هي قمة الانهيار الأخلاقي. في القرآن الكريم نجد تصويرا لهذا الانحطاط في قصة هابيل وقابيل، ابني آدم، حينما لم يحالف الحظ أحدهما قرر قتل الآخر. ليس لدينا أرقام (وهذه مشكلة عويصة في مجتمعنا فنحن مثل من يتلمس في الظلام) ولكن يبدو أن قلة قد تلجأ للعنف، لكن يظل السؤال قائما: ما الظروف التي تقود هذه القلة للعنف؟ [email protected]