الاقتصادية - السعودية عندما سُئلت عن أهم التغيرات التي قد يشهدها قطاع أسواق المال السعودي بعد دخول الأجانب المباشر في سوق الأسهم السعودية "التاريخ المحدد هو 15 يونيو 2015" كانت لدي عدة ملاحظات أهمها يتعلق بشفافية الطرح الإعلامي وكفاءته في إبراز المعلومة. ويبدو أن تعليقي لم يلق استحسان المذيع، فسألني: ماذا تقصدين بتحسن الطرح الإعلامي؟ فذكرت بصراحة أن ما نقرؤه حاليا في الصحف الاقتصادية من أخبار اقتصادية ينقسم في الأغلب إلى فئتين: إما أخبارا منقولة عن تصريح رسمي وإما تحليلا مفصلا يصعب فهمه للقارئ العادي. لنبدأ بالخبر العادي المطروح للقراءة وعلى سبيل المثال ما جاء أمس في موقع أرقام عن إعلان هيئة المساحة الجيولوجية السعودية وجود امتدادات كبيرة لمعدن النحاس "البوريفيري"، ولأول مرة في السعودية في محافظة الدوادمي. أكملت قراءة الخبر على أمل أن أصل إلى ماهية "النحاس البوريفيري" واستخداماته الصناعية وأهميته الاقتصادية عالميا ومحليا لكنني لم أجد أي معلومة كافية أو وافية. في أي خبر مماثل لأي شبكة إخبارية دولية مثل "رويترز" أو "بلومبرج" أو "الفاينانشيال تايمز" نجد أن الخبر قلما ينشر دون التعريف بلب الموضوع وأهميته الاقتصادية أو الاستراتيجية والبلاد والمواقع ذات العلاقة وهكذا. وبمناسبة هذا الخبر فإن عملية التعدين هي استخلاص المعادن القيمة، أو أي مواد جيولوجية أخرى من باطن الأرض. وتتضمن المواد التي نحصل عليها بالتعدين البوكسيت، الفحم، النحاس، الذهب، الفضة، الألماس، الحديد وغيرها، وأي مادة لا يمكن تنميتها بالزراعة، أو استصناعها في معمل عادة يتم الحصول عليها بالتعدين. ووفقا لموقع وزارة البترول والثروة المعدنية فإن المملكة تتمتع بنحو 30 حزاما معدنيا "أماكن وجود المعادن" تراوح مساحتها بين 500 و3000 كيلو متر مربع. ويوجد معدن النحاس في 75 في المائة من هذه المواقع الغنية أيضا بالمعادن الأخرى مثل الحديد والذهب والرصاص. صناعيا يدخل عنصر النحاس في صناعات خمس أساسية: بناء المنشآت، والأجهزة الكهربية والإلكترونية، ومعدات النقل، والسلع الاستهلاكية، والمعدات الصناعية. اقتصاديا، فإن معدل العرض والطلب على النحاس شهد ارتفاعا قويا على مدى الخمس وعشرين سنة الماضية. وتعتبر منطقة أمريكا الجنوبية الأكثر ثراء بهذا المعدن بنصيب 45 في المائة من الإنتاج العالمي في عام 2007. ومن حكمة الخالق أن توزيع النحاس جغرافيا متوازن ولا يتركز في منطقة محددة، وبالتالي فإن مخاطر انحسار العرض لا تعتبر عالية ولو حدث ذلك فإن الأثر يكون ضخما لتعدد استخداماته الصناعية. أما استثماريا فهناك عدة صناديق متداولة ETF تتبع تحرك معدن النحاس في البورصات العالمية وأبرزها JJC وCPER وCUPM التي شهدت انخفاضا سعريا بأكثر من 20 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية. كل هذه المعلومات مهمة عند صنع القرار الاستثماري والتجاري والقارئ المطلع يحتاج إلى المعلومة الشاملة ماعدا في حالة التصريحات الإعلامية المختصرة. وأنا أناشد الصحف المحلية والمؤسسات الإعلامية بالاستثمار الجاد في بعض الإخوة الصحافيين والإعلاميين الاقتصاديين "خاصة الجدد" بداية من دراسة مبادئ الاقتصاد والعلوم المالية حتى محركات البحث السريع واستعراض المعلومة التي تساعد القارئ بشمولية ودقة كافية. والله الموفق.