د. رشود الخريف الاقتصادية - السعودية تشهد مدننا الكبيرة حركة تنموية هائلة، تتمثل في تحسين الطرق والبنية التحتية أو صيانتها. وهذا ما يحدث في مدينة الرياض التي أصبحت أشبه ما تكون بورشة كبيرة. فهي تشهد استكمال مشروعات الصرف الصحي، وتحسين بعض الطرق، وإنشاء الأنفاق، إضافة إلى أعمال مشروع النقل العام. ولا شك أن إنجاز هذه المشروعات العملاقة في أسرع وقت، استغلالاً لوفرة الموارد المالية هو طموح يقدر ويحمد للمسؤولين. ولكن الخشية أن يُؤدي هذا الطموح وهذه الرغبة إلى اختناق المدينة وصعوبة العيش فيها. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك تنسيق بين إدارات مشروعات أمانة مدينة الرياض، ومشروعات خدمات الكهرباء والهاتف، ومشروعات وزارة النقل، ومشروعات شركات النقل العام؟ أطرح هذا التساؤل؛ لأن معظم الشوارع الرئيسة المتجاورة تشهد حركة أعمال و"حفريات"! فبجوار جامعة الملك سعود– على سبيل المثال- توجد أعمال الحفر والبناء في جميع الطرق المجاورة في وقت متزامن، وهي طريق الملك عبد الله، وطريق الإمام تركي، وطريق التخصصي، وطريق الإمام محمد بن سعود، وطريق العروبة. وهذا قد يُسبب اختناقات مرورية في أوقات الذروة، خاصة مع عدم وجود طرق بديلة لقائدي المركبات. ولتفادي اختناق المدينة، لعل من المناسب إنشاء إدارة للأشغال العامة في أمانة مدينة الرياض، أو تفعيل وكالة التعمير والمشاريع لتقوم بالتخطيط والتنسيق ليس فقط بين المشروعات التابعة للأمانة، وإنما بين جميع المشروعات التي تنفذ في مدينة الرياض من أجل توزيعها مكانياً، والتنسيق فيما بينها بهدف توفير التكاليف، وتخفيف الاختناقات، والحد من إزعاج سكان المدينة، وكذلك متابعة تنفيذ بعض المشروعات التي تستغرق وقتاً طويلاً، كما هو الحال بالنسبة لتطوير الجزء الشمالي من طريق الإمام تركي الذي استغرق العمل فيه ما يربو على أربع سنوات. وما دام حديثنا حول الاختناقات، لعلي أشير إلى أن رضا سكان مدينة الرياض وسعادتهم وتعزيز نوعية حياتهم (quality of life) يتطلب بعض الجهود لاستكمال جمال المدينة ورقي خدماتها، وذلك من خلال الاستفادة من أرض مطار الرياض القديم، ليكون حديقة كبيرة تحتوي على متاحف للعلوم والتقنية، وأخرى للتراث، وحدائق لإبراز الحياة الفطرية في المملكة، إلى جانب حديقة حيوان كبيرة. وإذا كان استخدام أرض المطار ليس ممكناً في الوقت الحاضر، فيمكن النظر في نزع الملكيات الواقعة في المربع المحاط بشارع الوشم شمالا وطريق الملك فهد غرباً، وطريق الملك فيصل شرقاً، وشارع الخزان جنوباً، ليكون مركزاً تراثياً وثقافياً وترفيهيا واسعا. والحاجة ماسة لزيادة الأماكن المخصصة لممارسة رياضة المشي في مدينة الرياض، خاصة مع تزايد الإصابة بالسكري وأمراض السمنة، مع ضرورة تجهيز تلك المرافق بالكاميرات، لزيادة الشعور بالأمان لدى الأسر والأطفال والنساء، والحاجة أكثر لإنشاء مراكز للأحياء تحتوي على مراكز للترفيه، ومكتبة صغيرة تهتم بالتثقيف وتركز على الكتب المسموعة، وكذلك أماكن لممارسة مختلف أنواع الرياضة، ويمكن أن يكون على أساس شراكة بين القطاع العام ومنشآت القطاع الخاص. واختتم بالقول إن زيادة كفاءة إدارة المرور ودعمها بالقوى البشرية والتجهيزات الحديثة سيسهم في تخفيف الاختناقات وتعديل سلوكيات قائدي المركبات بإذن لله.