الاقتصادية - السعودية يمكن أن يكون أداء الأجهزة الحكومية عندنا أفضل لو تعاونت فيما بينها بشكل يذلل العقبات. هذه البدهية السهلة، من المفترض أن تسعى لها كل القطاعات. لكن تقاطع الصلاحيات والنفوذ بين هذه الوزارة وتلك يجعل الحلول المباشرة عصية ومؤجلة. لقد كانت هذه وما تزال أبرز وأعقد مهام ملف الإصلاح الإداري، وهذه الآفة تتفاوت من بلد إلى آخر، لكنها دوما تمثل معضلة تعيق التنمية. إن بعض الوزارات والهيئات عندنا مثلا تشكو مر الشكوى من تعثر مشروعاتها لأنها تتقاطع مع جهات أخرى، وهذه تؤدي إلى ظهور مشاريع بصورة مختلفة عن الصورة الأصلية وربما لا تظهر أيضا. لقد ألمحت وزارات عدة إلى أن تعثر خططها مرتبط بتباطؤ أو عدم تعاون وزارات أخرى. والشيء اللافت أن هامش الشفافية والمصارحة بين الوزارات لا يظهر بالشكل الحقيقي للرأي العام. وهنا يتم صب الغضب على هذه الوزارة أو تلك، ويظل المسؤول يفضل أن يقول كل شيء إلا الحقيقة، ولسان حاله يردد: في فمي ماء. ولا شك أن دور مجلس الشورى أن يسعى لإكمال مسيرة الإصلاح الإداري، من خلال استعراض الملفات المتعثرة – الإسكان مثلا – ويسعى للبحث في الأسباب الحقيقية والجهات التي تسهم في هذا التعثر. إن هناك أمثلة كثيرة، لها ارتباطات بالبلديات والصحة والمالية والتعليم إلى آخره. من الضروري التعامل بتكريس مبدأ الشراكة بين القطاعات الحكومية لصالح المواطن. هذه أحيانا يسهم الروتين القاسي في تعطيلها. لا شك أن مجلس الوزراء يسهم بشكل مستمر في معالجة هذه الأمور. حتى هيئة مكافحة الفساد لها دور في ذلك، فليس شرطا أن يكون الفساد المقصود هنا ماليا، لكنه فساد روتيني وفساد صراع صلاحيات تعززه بعض العقليات التي تتوكأ على أنظمة وضعها المشرع أساسا لتحقيق مصالح الناس لا لتعطيلها.