وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    خام برنت يصعد 1.3% ويصل إلى 75.17 دولار للبرميل    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    6 فرق تتنافس على لقب بطل «نهائي الرياض»    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    استقالة مارتينو مدرب إنتر ميامي بعد توديع تصفيات الدوري الأمريكي    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    الهلال يفقد خدمات مالكوم امام الخليج    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوء التنسيق بين الجهات أجهض الكثير من المشاريع
نشر في عكاظ يوم 16 - 04 - 2013

نواصل في الجزء الثاني من ندوة «عكاظ» البحث عن إجابة شافية على السؤالين اللذين طرحناهما بالأمس: لماذا تتعثر المشاريع في بلادنا ؟ ، ولماذا تكلفة المشاريع العامة لدينا أعلى من نظيراتها في الدول الأخرى؟..
ونحاول إيجاد وصفة دواء حقيقية ودقيقة لداءين عضالين يثقلان كاهل الوطن ويستنزفان المال العام.
ونسعى مع الخبراء والمختصين لتحديد المسؤولية، هل تقع على عاتق وزارة المالية، أم على المقاولين الذين ينفذون المشاريع، أم على الوزارات والجهات الحكومية نفسها، أين هو مكمن الخلل؟..
«عكاظ».. والسؤال للدكتور صدقة، ما دور مجلس الشورى في معالجة مشكلة تعثر المشاريع ؟ ، ثم إن لدينا نموذجا واضحا لظهور شيء مفاجئ في مشروع ما قد يتسبب في تعثره لسنوات كما أشرنا سابقا كالكيبل أو الأنبوب، وهو ما حدث تحديدا في نفق تقاطع طريق الأمير ماجد مع طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز «التحلية» في جدة، والمشروع متوقف منذ سنوات، من المسؤول ؟، ومن يملك صلاحية إلزام الشركة بتحمل نفقات إزالة الأنبوب الذي أعاق المشروع ولم تفصح للأمانة عنه ؟.
• د. صدقة فاضل: المجلس يقوم بدور نشط، إلى درجة أننا في كل سنة شورية نصيغ ما لا يقل عن 20 أو 30 قانونا جديدا، والدكتور نبيل عباس ذكر نقطة مهمة، هي أن لدينا فقرا في القوانين، والآن هناك محاولات لتغطية هذا الفقر وتجاوزه، وأتذكر مثلا أننا صغنا نظاما جديدا للمرور قبل 5 سنوات، وبدأ العمل به قبل 4 سنوات، قبلها كان هناك نظام مرور صدر عام 1367ه، وكنا نعيش على نظام غريب جدا، هناك فقر في القوانين، ولكن أعتقد ليس لأني منتسب إلى مجلس الشورى أن المجلس يحاول بجدية، وهذا شيء قد لا يراه المواطن، وإذا لم تكن للمجلس أي ميزة أو نشاط إلا أنه يصيغ قوانين جديدة تغطي أو تحاول تجاوز الفقر القانوني الذي تحدث عنه الدكتور نبيل لكفى.
أما بالنسبة للنموذج الذي طرحته، فالتعثر بسبب البيئة أو الوسط، إذن نحن مقدما نعرف أن التعثر يأتي من الطرف الحكومي أو من المقاول أو من البيئة أو الوسط، إذن لا بد من قوانين، وأعتقد أن عقد فيديك يراعي هذه الفكرة، وفي حالة وجود مستجدات ومعطيات من البيئة يجب أن تكون هناك نصوص في كل مشروع، ونتوقع أن تظهر في كل مشروع عقبات من الوسط وليس بسبب إرادة الطرف الحكومي وليس المقاول ويجب معالجته مقدما ووضع احتياطات له في كل اتفاقية، بهذه الطريقة لو وجدنا مثلا الكيبل الكهربائي، فعلى شركة الكهرباء أن تحول مسار هذا الكيبل على حسابها، هذه منفعة عامة، ويجب أن يتم ذلك في وقت محدد.
وهناك نقطة أخرى، ليست المشكلة في وجود أو عدم وجود قانون، فوجود القوانين شيء أساسي في الحياة العامة، ولا يمكن للحياة العامة المتحضرة أن تسير بدونها في كل صغيرة وكبيرة، ولكن الأهم أن توجد آلية وإمكانات وقوة لتنفيذ هذه القوانين.
ويضيف: أنا مع إلغاء وزارة الأشغال العامة، وهي ألغيت بالفعل منذ زمن، لأن وجودها معناه حصر المشاريع تحت جهة مركزية، وأنا مع أن الجهات المعنية هي التي تشرف على التنفيذ، وأعتقد أن من الضروري وجود جهة مركزية جديدة تشرف على هذا، لكن الإشراف يجب أن يكون من قبل الجهة التي هي كما تفضل الدكتور عبدالملك صاحبة المشروع.
المسؤول هو المسؤول
• د. وديع كابلي، متداخلا: جميع النسب التي نتحدث عنها بالنسبة لنظام المرور أو غيره نسب عالمية ومعروفة، لكن السؤال: من المسؤول؟ ، كلنا هنا نحاول أن نلبس الجرس لشخص معين، وكلنا بتنا نعرف توصيف الحالة، والجواب هو: المسؤول هو المسؤول، المسؤول في وزارة المالية هو وزير المالية، والمسؤول في وزارة الصحة هو وزير الصحة، وهكذا كل وزير مسؤول عن وزارته بالكامل، ولكن هل كل مسؤول عندنا مسؤول؟ حتى مجلس الشورى لا يستطيع أن يسأله، لا يوجد لدينا استجواب، مجرد أن المسؤول يحضر للمجلس ويلقي خطبة، ويذكر إنجازات وزارته، ويقدم التقرير السنوي، وإذا كان هناك قليل من المناقشة ثم يغادر المجلس، أما المسؤولية بمعنى المسؤولية فهي مفقودة، وعندما نقول مثلا إن كيبل شركة الكهرباء أو أنبوب شركة أرامكو أعاق مشروعا، يجب أن نسأل: من هو مسؤول شركة الكهرباء؟ .. والجواب هو: مدير أو رئيس الشركة بالطبع، ونواجهه ونقول له: أنت هنا تأخذ راتبا من الدولة لتعلم عن وجود الكيبل أو الأنبوب، سيقول: والله أنا لا أعرف عن كل كيبل أو أنبوب في البلد، نقول له: نعم، هذا كلام صحيح، لكن عندك الجهات التي تعرف، أحضر لنا الشخص المسؤول عن الكيابل في البلد وعاقبه؛ لأنك أنت مسؤول عن كل الشركة وكل موظفيها، ودائما هناك مسؤول يجب أن يسأل.
ويضيف: أما بالنسبة إلى كلمة فقر في القوانين، في الحقيقة عندنا تخمة في القوانين، المسألة ليست مسألة قوانين، ولكن عندنا فقر كبير في التنفيذ، لدينا قوانين كثيرة لا تنفذ نهائيا، وتركن على الرفوف لسنوات طويلة، وهنا المشكلة.
الرقابة السلبية
• د. نبيل عباس، متداخلا: لدي تعقيب بسيط على تعريف، التعثر: هو أي انحراف عن المخطط له، إما في المواصفات والجودة، وإما في الوقت أو التكلفة، ولو وضعنا مقياسا من 100 سنحصل على مقياس للتعثر، والتأخير هو نوع من التعثر، لكنه يعتمد على مقدار التأخير، وأعطيكم مثالا، أحد المسؤولين الكبار في وزارة التربية والتعليم قال إن عنده 2400 مشروع متعثر، ووزارة أخرى خدمية قالت إن عندها 600 مشروع متعثر، بعض هذه المشروعات المتعثرة أصبح قيمتها (10 ملايين ريال)، ومشكلة من هذا النوع هي نتيجة تراكمات كثيرة جدا وقديمة، ونتيجة ضعف التعامل الفني والإداري الجيد مع المشاريع، فتراكمت بشكل كبير جدا، وهذه الحلول آنية تتحسن بتحسن المناخ الإداري البيروقراطي، والتحسين البيروقراطي يبدأ بإعطاء كل مسؤول الصلاحية، وأغلب الوزراء في مشروعات وزاراتهم لا يريدون أن يستعملوا صلاحياتهم في إعفاء المقاول الذي يستحق الإعفاء من غرامة التأخير نتيجة تأخر الوزارة، وحتى لا يقال إنه وقف مع المقاول، يقول له إذهب إلى المحكمة، وأصبح القاضي هو المسؤول الإداري للوزارات، هو الذي يقول اعفوا المقاول من الغرامة أو اعطوا له تعويضا مناسبا، والوزراء أصبحوا لا يفعلون ذلك كي لا يتعرضوا للمساءلة من ديوان المراقبة العامة أو من الأجهزة الرقابية الأخرى.
ويضيف: أما مسألة عودة وزارة الأشغال العامة وكونها مفيدة أم لا ؟ ، فوزارة الأشغال كانت مفيدة في الطفرة الأولى، حيث لم يكن عندنا عدد كافٍ من المهندسين السعوديين، وكان عدد المشروعات أقل نسبيا من الآن، وكانت الوزارات غير مجهزة للإشراف على مشروعاتها، أما الآن تغيرت الأحوال، وأصبح لدينا مهندسون سعوديون بعدد كبير، وأصبحت المشروعات كثيرة جدا، وأصبحت هناك أجهزة لدى كل وزارة يمكنها أن تشرف على مشروعاتها.
ويضيف: هناك أفكار جيدة ضمن نطاق كبير جدا، وأرجو أن يتحسن النطاق البيروقراطي في البلد كله، ويتحسن أداء الناس، وأن نقلل من القوانين المقيدة للعمل، وأن نخفف من مسألة الرقابة على الناس بشكل خاطئ ، وسأعطيكم مثالا: أحد زملائي في جامعة الملك عبدالعزيز تقدم له مقاول في أحد المشروعات، يريد أن ينفذ مشروعا داخل الجامعة، وهذا المقاول ليس لديه مكتب وليس لديه أي تليفون وليس لديه أي شيء يمكن أن تعتمد عليه، وعندما اتصل عليه وجد أن الهاتف الذي أعطاه له خاص ببيت المقاول ورد عليه أطفاله، فمنعوه من أن يأخذ المشروع لهذا السبب، ولكن الذي حصل أن هذا المقاول اشتكاهم لدى الجهات الرقابية وفتحت تلك الجهات تحقيقات طويلة عريضة!، وهذا نوع من الرقابة السلبية، المراقبة جيدة، ولكن الرقابة السلبية قد تأتي بنتائج عكسية، وقد تمنع وكيل الوزارة أو الوزير من استخدام صلاحياتهم، وأصبح المقاولون يحولون الناس إلى المحكمة؛ لأنه الخيار الآمن، والمشكلة الأخرى أن عدد القضاة لدينا قليل جدا بالنسبة لعدد القضايا، ونحن من أقل دول العالم في عدد القضاة بالنسبة لعدد المواطنين، وبالتالي الوزارات تكوم قضاياها وترسلها إلى المحاكم فتتكوم هناك أيضا.
والمشكلة الأخرى أن لدينا عدم رغبة كبيرة في مواكبة التغيرات العالمية، فعقد الأشغال الذي وضعته وزارة المالية عمره 35 سنة، وقد تغيرت الدنيا وقامت اقتصادات وانهارت اقتصادات وتغير العالم ودخلت أفكار جديدة وهذا العقد كما هو ، والعقود الدولية تتغير كل 5 سنوات ويدخل فيها أحدث ما وصل إليه الناس في مسائل البيئة ومكافحة الرشوة ومكافحة الجريمة، وحتى موضوعات مثل الصحة العامة والإيدز دخلت في العقود الدولية.
المجالس البلدية
• د. عبد الملك الجنيدي، متداخلا: في المجلس البلدي بمحافظة جدة، لدينا لقاء شهري مع كافة القطاعات التي لها علاقة بالبنية التحتية، وهذه كانت مبادرة من المجلس تقدم بها الدكتور أيمن فاضل رئيس المجلس، وقد عمدت بعض القطاعات مثل الأمانة للاستعانة ببعض الجهات التنفيذية كالمحافظة والإمارة لإجبار الشركات التي تدعي أنه ليس لديها كيبل على هذه الآلية، لكن أتمنى من مجلس الشورى أن يناقش أنظمة وقوانين لإيجاد آلية أكثر صرامة.
ويضيف: المجلس البلدي صلاحياته محدودة تشمل إلى حد ما القيام بدور الرقابة، لكن الغالب هو الصبغة الاستشارية للأمانة، والمجلس له صلاحية اعتماد ميزانية الأمانة، رفع التقارير المالية، متابعة المشاريع، والتواصل مع كافة الجهات، ولكنها ليست بالصورة المثالية ؛ لأن الإمكانات المكتبية محدودة، لكن على الأقل في مجال التنسيق والمتابعات الإدارية ممكن، وفي النهاية المجلس صبغته استشارية إشرافية أو رقابية وليس بالصورة التي نطمح إليها، وأعتقد أن المجالس البلدية في الدورة الأولى رفعوا لمجلس الشورى تصورا وأتوقع أن المجلس أقر التعديل، والتعديل الجديد للمجالس يعطيها صلاحيات أكثر في المتابعة.
ويضيف: بعض المشكلات الموجودة تتمثل في المالك، مثلا نأتي لوزارة الصحة لديها مشروع بناء مستوصف في مدينة جدة، وهناك قدرات فنية محدودة عند الزملاء في إدارة المشاريع، يعني «حي الله مهندس» بالمرتبة السادسة أو السابعة اشتغل سنة أو سنتين وتوكل إليه الإدارة أو الإشراف على مشروع ب 200 أو 300 مليون ريال، ولا يوجد تدريب لهم، وخلفياتهم الإدارية بدون تدريب جيد، وخبراتهم محدودة، ولا توجد حوافز لهم ليشرف أحدهم على مشروع أو اثنين أو حتى ثلاثة، والتعديلات المتكررة على التصميم، بمعنى أن الوزارة نفسها تصمم مشروعا وبعد ترسيته يأتي مدير جديد ويغير في التصميم، وفي النهاية يتعثر المشروع؛ لأن المصمم أو المستفيد غير التصميم، وبالتأكيد تأخير صرف السيولة جزء منها.
أما بالنسبة للمقاول، فعندنا مشكلة، أتى الدكتور نبيل على ذكر جزء منها، فالإدارة العليا والمتوسطة عندنا ضعيفة، حيث تجد رجل الأعمال الذي يتولى إدارة المشروع في أحيان كثيرة ليس لديه خلفية أو يعتمد على غير السعوديين، كذلك شح السيولة لا تكون كافية لتشغيل المشروع إلى أن تأتي مستحقاته المالية، نوعية العمالة أو وفرتها، نقص الخبرة، وأيضا التزاماته التعاقدية، حيث لا يوجد الآن سقف يحدد عدد المشاريع التي يسمح للمقاول بالتعاقد عليها، وتجده يأخذ مشروعا في الصحة، وثانيا في الكهرباء، وثالثا في القطاع الخاص ورابعا في البلدية، وهكذا !.
وبالنسبة لسوق البناء، هناك عدة عوامل تتسبب في تعثر المشاريع منها: ندرة المواد، تقلب الأسعار، نقص الأيدي الماهرة، صعوبات التسهيلات، وللمعلومية مثلا الخط الرئيسي لشبكة الصرف الصحي في الخمرة متوقف منذ عدة أشهر بسبب أنهم يحتاجون لحفر النفق تحت أرض تابعة لأرامكو ، ولا يقدرون على مخاطبة أرامكو ، وهذا مشروع حيوي لمدينة جدة يتعثر وتتوقف الخدمة عن 30 في المائة من الأحياء بسبب انتظار موافقة شركة أرامكو على فتح النفق ، هناك آليات يمكن اعتمادها لنضمن تطور الأداء الصناعي وما إلى ذلك ، لكن هناك سوء تنسيق بين الوزارات.
استجواب الوزراء
«عكاظ»: يفترض أن مجلس الشورى هو جهة تشريعية في البلد، لكن هناك من يقول بأن المجلس يجامل الوزراء ويطبطب عليهم، فإذا كنتم تقولون إن نظام العقود هذا مجحف، لماذا لا تواجهون وزير المالية بالاختلالات وتلزمون وزارته بتغيير العقود ، أين المشكلة؟.
• د. صدقة فاضل: أنا لست متحدثا باسم مجلس الشورى، ولست مدافعا عنه ، لكن طالما أنني جزء منه، وأنت ذكرت بعض الملاحظات، أقول لك إن المجلس ليس لديه صلاحيات كافية، ولكن لم يرد لنا تقرير لوزارة أو لهيئة أو لمؤسسة إلا وخرج بانتقادات وتوصيات من 7 إلى 8 صفحات، ولكن الصلاحيات ليست أبعد من ذلك.
المجلس تأتيه التقارير السنوية من الوزارات والمؤسسات والهيئات وتحول إلى اللجان المتخصصة، واللجان تعمل بكل جودة على تقييم كل وزارة وأداء كل وزارة ووضع واستدعاء أي شخص دون الوزير، لأن الوزير لا تقدر أن تستدعيه إلا بأمر من الملك.
ويضيف: على سبيل المثال لا الحصر طالبنا في الشورى بتغيير النظام الصحي من أساسه، وطالبنا بمطار في مكة، هل قالت هيئة الطيران المدني لا «مثلا» ، والله لا يمكن؟ ، هنا يحتكم إلى المقام السامي، وأنا أقول إن مجلس الشورى لديه دور تشريعي ورقابي محدود بالنسبة للوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، والتقارير السنوية لهذه الأجهزة الحكومية تأتي إلى مجلس الشورى كما ذكرت ويقوم بدراستها وإبداء الملاحظات، لقد أمضيت 9 سنوات في المجلس وسأستمر إلى 12 سنة إن شاء الله، ولم ألحظ أي إطراء لأية وزارة، إلا قليل جدا من بعض الزملاء، وبعضهم يطري شيئا نفذته الوزارة واستفاد شخصيا منها، ولكن في نفس المحضر والله لا يمكن أن تجد لا إطراء ولا إشادة، وهذا هو المفروض به أن يحصل ولا نشكره عليه، لكن أن المجلس «يطبطب» على الوزراء ، لا والله ما حصل، المجلس يوصي بما يرى أنه يجب على الجهة الحكومية أن تعمله في المستقبل القريب، ونحن نضع التوصيات وتذهب للجهات العليا وللمقام السامي وهو الذي يقرر، حتى هيئة الخبراء ليس لها أي دور في ذلك، نحن مرجعنا ومجلس الشورى هو الملك، وهيئة الخبراء هي ذراع لمجلس الوزراء، حتى عندما يرفع تقرير فإنه لا يرفع باسم الهيئة، بل باسم مجلس الوزراء، وبالتالي عندما يكون هناك رأي لمجلس الشورى ورأي لمجلس الوزراء وأنا لا أدافع، ولكني أقول ما الذي يحدث بالضبط ويكون هناك اختلاف، فإن الملك هو من يفصل فيه.
التبريرات والأعذار
• د. وديع كابلي، متداخلا: لا نريد لهذه الندوة أن تكون ندوة التبريرات والأعذار، المجلس البلدي لديه تبريرات، ومجلس الشورى لديه تبريرات، وحتى عندما تسائل الوزير أيضا تجد لديه تبريرات، وفي النهاية يقول لك الوزير نفسه: إنه ليس عنده صلاحيات!!، ونقول له.. إذن ماذا تعمل في موقعك؟.. إذا أنت لم تقدر على أن تقوم بهذا العمل ولا تملك صلاحيات، فالمفروض بك أنك تعتزل، وتقول أنا بصراحة لست قادرا على تحمل المسؤولية، كيف يرضى الإنسان على نفسه أن يتحمل مسؤولية بدون أن يكون له صلاحية؟، ولو أن كل مسؤول في البلد قال لنفسه: إذا لم أستطع أن أؤدي واجبي ووجدت العوائق أمامي يجب أن أعتذر، عندها لن تجد التسيب الذي يحدث لدى بعض المسؤولين الآن، وكل واحد منهم يرمي بالمسؤولية على غيره، وكل واحد منهم يوجد لك أعذارا وأسبابا لتقصيره، وفي النهاية تجد أن هذا معذور، وذاك معذور، وأنهم كلهم معذورون والحالة تتدهور زيادة.
مسؤوليات متفاوتة
• د. نبيل عباس: كل من له علاقة بصناعة التشييد وبالاقتصاد وبالقانون وبالقضاء في المملكة هو مسؤول، بدرجة مسؤوليات متفاوتة، هناك مسؤول كبير جدا وهناك مسؤول صغير جدا، المقاول مسؤول بأن يحسن أداءه، ونفس الشيء بالنسبة للاستشاريين، ونفس الشيء بالنسبة للنواحي الاقتصادية، كالبنوك الممولة للمقاولين، ونظام الاقتصاد الذي يساهم في دفع هذه العجلة، وبطبيعة الحال المسؤول الأكبر هو الدولة، لأنها هي التي تستطيع تغيير النظام وتغيير اللوائح وتغيير الإجراءات وتحسين أداء العاملين لديها والموظفين فيها، وكل من يعمل في هذا القطاع هو مسؤول، حتى المهندس الصغير الذي يعمل في الحكومة مسؤول، وعلى سبيل المثال: أنت كسائق مسؤول عن أدائك في المرور، لكن نظام المرور تضعه الدولة، وعليها مراقبته، وأنت كفرد لن تكون عليك مسؤولية كبيرة جدا، مسؤوليتك أن لا تخالف، ولكن فرض النظام هو مسؤولية الدولة.
تداعيات الأزمة
• د. وديع كابلي: بصفتي رجلا اقتصاديا أنظر إلى الصورة بشمولية، ولإدارة الاقتصاد الوطني بشكل كامل بما يتضمن كل الوزارات وكل الجهات التابعة للدولة والتي لها عليها سلطة، لذلك ليس هناك أي دولة في العالم إلا ولديها خطة واستراتيجيات وأهداف محددة تطمح في الوصول إليها، وتحدد لنفسها مسارا للوصول إلى تلك الأهداف. والاستراتيجيات العامة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، كلها ضمن تخطيط الدولة، ويتم تنفيذها على مراحل، لكن المهم أن يكون هناك أهداف لنعرف في أي اتجاه نسير، ونحن بحاجة لأن نعرف على الأقل في إدارة الاقتصاد الوطني، فالاقتصاد الوطني كان يدار بطريقة تعتبر إلى حد ما مقبولة من عام 1975 إلى 1985م، ولكن عندما انخفضت أسعار البترول وحصلت الأزمة المالية، أدى إلى تأثر في الاتجاهات التنموية في البلد، وظهور المشكلات التي مانزال نعايشها إلى الآن، مثل مشكلة التعليم في عدم كفاية المدارس، الأراضي، الجامعات، عدد الخريجين، البطالة، الإسكان، الرعاية الصحية، كل ذلك بسبب أننا في فترة ما أوقفنا المشاريع بدون النظر إلى أنها مشاريع حيوية، وهذه خلاصة كل المشكلات التي نواجهها اليوم نتيجة لفقد الاتجاه وعدم تحديد أين نريد أن نصل بالضبط،.
ويجب أن نبحث بدقة أسباب تعطيل المشاريع وتعثرها، وتعديل العقود لأنها بالصيغة الحالية لن تجد من يتقدم لك لتنفيذها.
التوصيات:
دعم مجلس الشورى وزيادة صلاحياته؛ ليكون بمثابة جهاز وطني محوري لديه رقابة عامة وسلطة تشريعية.
تحديث الأنظمة والقوانين التي تضمن التزام كل الأطراف الرئيسة فيما يتعلق بالمشاريع العامة بما يحقق مبدأ الجودة وتنفيذ كل مشروع وفق الخطط الموضوعة.
حصر صلاحية وزارة المالية في دفع المستحقات بعد التأكد من سلامة وحسن التنفيذ.
إقامة حملة وطنية شاملة لمكافحة الفساد الإداري بما في ذلك المحسوبية والواسطة ... إلخ..
تطوير القضاء الإداري وجعله ذراعا قويا لتحقيق العدالة لكل المعنيين بتنفيذ المشاريع والتعاقد عليها، وبما يضمن حقوق الشركات العالمية لتسهيل دخولها وعملها في المملكة.
مراعاة الدقة والجدية في تنفيذ الأنظمة والقوانين المتعلقة بالنشاط الحكومي عامة.
تشديد الرقابة على المقاولين للقضاء على مقاولات الباطن والتأكد أن المقاول الموقع معه هو من ينفذ المشروع، وفرض عقوبات وغرامات كبيرة على من يكتشف تعاقده مع آخر من الباطن.
إعادة النظر في نظام المشتريات والمنفذات الحكومية.
إعادة إنشاء وزارة للأشغال العامة. « اختلِف على التوصية ».
اعتماد عقد «فيديك» أو نسخة معدلة منه.
اعتماد نظام المظروفين الفني والمالي في المنافسات وترسية المشاريع.
وضع معايير موحدة لتصميم المشاريع يتم الالتزام بها في كل مناطق المملكة.
تطوير وتدريب مهندسي القطاع العام وزيادة مخصصاتهم ليهتموا بالمشاريع التي يشرفون عليها.
إسناد إدارة المشاريع للقطاع الخاص بدلا عن القطاعات الحكومية.
إنشاء بنك للتعمير، يفهم دورة المشروع والدعم، ويعرف كيف ومتى تحصل الأموال للمقاول ويصبح هو الممول للمقاولين في بداية أعمالهم.
عمل قاعدة بيانات وطنية للمقاولين المتعثرين "قائمة سوداء"، تحول دون التعاقد معه في أي قطاع آخر في الدولة.
وضع سقف أعلى للمشاريع التي يمكن للمقاول أن يتعاقد عليها بما يتفق مع إمكاناته الفعلية.
دمج شركات المقاولات للخروج بكيان ضخم قادر على تنفيذ المشاريع أيا كان حجمها.
تسهيل الحصول على العمالة، وتركيز الدولة على تدريب كفاءات مهنية وطنية لإحلالها مستقبلا.
تسهيل دخول شركات عالمية للعمل في المملكة، واعتماد تجربة وزارة النقل التي قدمت أفضل المواصفات باعتمادها على الشركات العالمية.
مراقبة سوق مواد البناء وضبط عمليات التلاعب في الأسعار ومحاصرة عمليات تجفيف السوق والإغراق.
المشاركون في الندوة:
- أ.د. صدقة فاضل – عضو مجلس الشورى.
- د. وديع كابلي – أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز.
- د. نبيل عباس – زميل معهد المحكمين البريطانيين وعضو معهد المعماريين الأمريكي.
- د. عبدالملك الجنيدي – عضو المجلس البلدي بمحافظة جدة.
- (هاتفيا) د. صالح بن سبعان – أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز.
غداً:
نائب وزير المالية يرد
على الاتهامات ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.