أخشى من يوم تصبح فيه عبارات «الشفافية» و «الإفصاح» و«المصارحة» و«المكاشفة»من أدبيات (الهلس والمراوغة والمخاتلة) في العرف الإداري المحلي، بل إن بعض الأجهزة الخدمية والاقتصادية باتت تترنم بها واقعا كشعارات لتحطيم طوابير علامات الاستفهام والأسئلة التي ارتسمت في ظل تعثر الجهد التنموي. هذه الثقافة المستغربة هي التي دعت العديد من قادة الرأي الى مناشدة الوزراء لنشر تفاصيل موازنات وزاراتهم والأجهزة والإدارات التي يرأسونها، تلك (الطلبة القينانية) لم ينقصها إلا رمي «الشماغ» على عادة العرف الجهوي..! إن تلك المماطلات المستهجنة هي التي تدعونا جميعا ليس لمناشدة المترددين في الاستجابة للتوجيه الملكي بالإعلان عن تفاصيل الموازنة العامة، بل بضرورة أن يقوم مجلس الشورى المشكل حديثا بالإطلاع على مشروع الموازنة العامة ككل واستدعاء الوزراء والمسئولين إن تلك المماطلات المستهجنة هي التي تدعونا جميعا ليس لمناشدة المترددين في الاستجابة للتوجيه الملكي بالإعلان عن تفاصيل الموازنة العامة، بل بضرورة أن يقوم مجلس الشورى المشكل حديثا بالإطلاع على مشروع الموازنة العامة ككل واستدعاء الوزراء والمسئولين للإطلاع على خطط التنفيذ والإنجاز ومن ثم منحه (أي المجلس) دورا أوسع في مراقبة الأداء ومحاسبة التقصير لدى الهيئات والمؤسسات القضائية. برأيي فإن السيطرة على التحديات التي تواجه مشاريع التنمية ومعالجتها ، بل والقضاء على ممارسات وأوجه الفساد لا يقع على هيئة مكافحة الفساد أو ديوان المراقبة وحسب، بل إن الدور الفاعل والأكثر مهنية وفاعلية هو إسناد دور حيوي لمجلس الشورى بهذا الصدد عبر الانتقال بعملية الإصلاح الى أفق جديد من خلال منح صلاحيات الرقابة والمحاسبة للمجلس الذي يبدو ان القيادة الرشيدة تنهج سياسة التدرج في منحه أدوار السلطة التشريعية وهي سياسة أثبتت نجاحها، ويبدو ان الظروف والمرحلة مواتية جدا للدفع بها نحو هذا التطور . إن ممارسات الإفصاح لا يمكن أن تكون عنوانا لأي إدارة أو جهاز دون أن تكون انعكاسا لما يملكه ذلك الجهاز من تنظيم إداري ومنهج عملي مرتكز على القيم والمفاهيم التي تنشد الإنجاز والخدمة المثالية وأسس العمل الإداري المحترف، وكل هذا لا يمكن خلقه في غمضة عين، بل إن الحاجة ملحة لإدخال أسس الإدارة الحديثة ومبادئ الجودة وإعمال مبادئ النزاهة والمراقبة، وكذلك تفعيل قيم التقدير ، كل تلك المنظومة إلى جانب السلطات الثلاث ستنتج في محصلتها مؤسسات حكومية قادرة على قطار التنمية بكل إقتدار لتعكس واقع التنمية المنشودة وتسهم إسهاما حقيقيا في التوزيع العادل للثروات وقيادة المستقبل بشكل أكثر احترافا. @alyamik: twitter