الشرق - السعودية إذا قدِمتَ إلى سوق حفرالباطن للأغنام ذات صباح ربما ستصيبك الدهشة من حجم هذا السوق وقدرته على تحديد الأسعار على مستوى المملكة. فهذا السوق يعتبر أكبر سوق شرق أوسطية للأغنام، حيث يقدر عددها في المحافظة بثلاثة ملايين رأس، ولكن المؤسف أن كل هذه الثروة التي تراها أمام ناظريك لا يتم استثمارها بشكل كامل ولا يستفاد من عوائدها إلا النزر اليسير. إن ثروة حيوانية بهذا الحجم تحتاج إلى استثمار كافة صناعاتها التحويلية دون هدر لأي مورد من مواردها الخصبة. والمراقب الفاحص يرى بشكل واضح هذا الهدر لعديد من الثروات الناتجة عن تربية الغنم بسبب انعدام التدريب والخبرات الصناعية الأساسية في هذا المجال. فالأصواف تباع بأسعار زهيدة من قبل المربين إلى أصحاب المكابس الذين يكبسونها على شكل مكعبات ويرسلونها إلى خارج الوطن لتعود إلينا على شكل سجاد وملابس بأثمان باهظة. والجلود تُعطى بالمجان لأصحاب المسالخ، بالإضافة إلى تكلفة الذبح والسلخ، ومع ذلك لا نرى منتجاً وطنياً من هذا العدد الضخم من الجلود. أما منتجات الألبان فالعجيب أن بعض المواطنين يمتلك آلاف الرؤوس من الأغنام ويشتري الزبادي والجبنة والزبدة من البقالات بسبب افتقارهم إلى بعض المهارات التصنيعية البسيطة، التي يمتلكها المزارعون العاديون في كافة أنحاء العالم. ليس هذا فحسب بل إن عديدا من الحيوانات تصاب بالتهاب الضرع لأنها لا تُحلب مطلقاً. فالمربون ليس لديهم فكرة عن المحالب الآلية المتنقلة الحديثة. إنني على قناعة أن الحفراويين يستطيعون إيقاف الزيادة غير المبررة لأسعار الحليب المجفف من قبل الشركات المصنّعة، إذا استطاعوا إقامة مصنع لهذا الغرض، يستقبل الحليب الخام من المربين ويعيد إنتاجه على شكل بودرة حليب. هذه المرة سأناشد الإخوة في الغرفة التجارية بحفرالباطن لإقامة بعض الدورات التأهيلية القصيرة للمربين، وذلك بالتعاقد مع المتخصصين في الصناعات التحويلية الخفيفة لمنتجات الألبان والأصواف. فحفرالباطن أرض مدرة للإنتاج وإذا استثمرنا ثروتها فربما لن نلبس الصوف المستورد ولن نأكل الجبنة الأجنبية.