تشتهر محافظة حفر الباطن، (شمال شرقي السعودية)، بوجود أكبر سوق للماشية في البلاد. وتشهد هذه السوق انتعاشا غير طبيعي مع بداية دخول فصل الصيف من كل عام، نتيجة قيام أصحاب الماشية بجز أغنامهم؛ ما ينتج منه كميات كبيرة من الصوف، وذلك بهدف بيعها للتجار الذين يتوافدون في مثل هذه الأيام بكثرة على المحافظة من جميع الجنسيات. وتبدأ عملية جز الصوف في أواخر الربيع وبداية الصيف؛ لأن الطقس يكون ملائما للماشية. وتتم عملية الجز إما يدويا باستخدام بعض المقصات الخاصة بهذه العملية تحديدا، أو ميكانيكيا باستخدام ماكينة خاصة لهذا الغرض، وهي الأفضل كونها أسرع وآمن من المقصات اليدوية. تصدير لأوروبا ويعتبر مصنع الخليج هو المصنع الأول للأصواف بمحافظة حفر الباطن، والمصنع الوحيد المنتج فعليا بالسعودية، حسب كلام صاحبه سعيد بن لافي المطيري. وأوضح المطيري أن مصنعه بدأ تشغيله الفعلي منذ عام، وعدد عماله 22 عاملا. وأضاف أن مصنعه يشتري الصوف من بعض مدن السعودية مثل عرعر وحائل والقصيم، إضافة إلى ما يشتريه من أهالي البادية بمحافظة حفر الباطن. وأشار المطيري إلى أن الصوف الذي يجلب من مدينة عرعر يعتبر من أفضل أنواع الصوف والأكثر طلبا من الدول المستوردة؛ “كونه يحمل مادة دهنية تسهم بشكل كبير في جودته”. وعلل ذلك بنظافة التربة والأعشاب التي تتغذى عليها الماشية هناك. وأضاف: “نصدِّر الصوف إلى بعض الدول بعد أن يتم غسله ومعالجته كيميائيا”. وأوضح المطيري أن مصنعه ينظف الصوف فقط بعد شرائه من التجار، بغسله بمواد خاصة ومعالجته كيميائيا ليصبح جاهزا للتصدير إلى كثير من الدول. وقال إن باكستان والهند وبريطانيا، هي الأكثر طلبا ثم تأتي بعدها هولندا وفرنسا وإيطاليا. وأبدى المطيري تذمره مما يواجهه من صعوبات كبيرة لدى الجمارك السعودية وتحديدا الرقعي. وأشار إلى توقف مصنعه عن الإنتاج منذ أسبوعين بسبب احتجاز المنظفات الكيماوية التي كان قد استوردها من الكويت. وقال إن الجمارك طلبت منه إحضار أمر فسح من الأمن العام. وأوضح أن هذا يتطلب مزيدا من الوقت، ما يؤدي إلى تكبده خسائر مادية فادحة على حد وصفه. وطالب المطيري وزارة التجارة والصناعة بإصدار قرار يمنع تصدير الصوف الخام “إلا بعد أن تتم معالجته أسوة بقرارها الخاص بمنع تصدير الجلود الخام إلا بعد معالجتها”. جز وتصدير وحول كيفية إجراء عملية جز الصوف، أوضح بدر بن سعود العنزي أنه “يجب أولا إزالة الأوساخ والشوائب من على الصوف باليد قبل البدء في عملية الجز”. وأضاف: “لا بد أن يكون الصوف جافا، وبعد ذلك تبدأ عملية الجز”. وقال: “لا بد من تجنب المرور على المكان مرتين، تلافيا لإحداث أي جروح بالحيوان”. وذكر أنه يجب “الابتعاد عن منطقة الضرع خوفا من إصابته بأذى”. وأوضح أنه “تجب حماية الحيوان بعد جزه من التعرض للهواء البارد، لمدة يوم واحد على الأقل”. وذكر أن وزن الجزة الواحدة يتراوح بين كيلوجرامين وثلاثة كيلوجرامات، وسعرها يتراوح بين ثلاثة وخمسة ريالات للجزة الواحدة. وعن كيفية بيع الصوف وتصديره إلى البلدان المستوردة له، أوضح العنزي: “يشتري عدد من المندوبين الكميات التي يرغبون فيها من الصوف، ثم ينقلونه عن طريق شاحنات إلى بلدانهم من خلال ميناء المنطقة الشرقية، وهناك يتم استثماره حسب الحاجة المطلوبة في بلدانهم”. النعيمي يكسب وأوضح إبراهيم محمد عودة، (أحد المستثمرين الأجانب، سوري الجنسية)، أنه ظلّ ما يقارب خمسة أشهر مقيما بمحافظة حفر الباطن، وتحديدا بموقع تجميع الصوف وبيعه، برفقة عدد من أقاربه. وأضاف أنهم يشترون الصوف من أصحاب الماشية بعد جزها. وذكر أن سعر الجزة التي يشترونها يتراوح بين ريالين وثلاثة ريالات للجزة الواحدة. وأشار إلى أن هذا بالنسبة إلى الصوف الخالي من الشوك (الحسك). وذكر عودة أن الصوف (المحسوك) يبلغ سعر الجزة الواحدة منه ريالا واحدا فقط. وأضاف أنه يصدِّر الصوف بعد شرائه إلى باكستان وتركيا. وعن أفضل أنواع الصوف، أوضح أن صوف النعيمي الأبيض أفضل وأكثر طلبا؛ نظرا إلى كثرة استخداماته، خصوصا في صناعة السجاد اليدوي والملابس. وقال: “أما الصوف الأسود فالطلب عليه قليل؛ نظرا إلى قلة استخداماته، وهو يستخدم عادة في صناعة بيوت الشعر”. الكساد الاقتصادي وقال عبدالله أبو إسماعيل، (مستثمر سوري الجنسية، ويعمل منذ ثلاث سنوات بهذه المهنة)، إنه “يفضل بيع الصوف هنا؛ كونه يقبض نقدا عكس تصديره؛ حيث إنه يعاني من تسديد التجار له فيما بعد”. وأوضح أن ربحه في الطن الواحد يتراوح بين 100 و300 ريال. وذكر أبو إسماعيل أنه “باع الطن الواحد العام الماضي ب2400 ريال”. وأضاف: “أما هذا العام فقد تراوح سعر الطن الواحد بين ألف و1200 ريال”. وعزا انخفاض السعر إلى حالة الكساد الاقتصادي. وعن المعدات التي يحتاج إليها لتجهيز وإتمام عملية البيع، قال أبو إسماعيل: “لدي موتور وشوكية ومكبس للصوف وأسيام لربط البالات، وأكياس خاصة أشتريها من الرياض”. وعن إجمالي ما تم تصديره من محافظة حفر الباطن هذا العام، أوضح أنه يتراوح بين 500 وستة آلاف طن من الصوف الخام. وأضاف أنه “بعد تجميع الصوف نكبسه بواسطة آلات خاصة، ليصبح بعد ذلك على شكل بالات، يبلغ سعر الواحدة منها ما يقارب ألفي ريال”.