(1) من المفارقات العجيبة في رحلة العمر أنني أفنيتُ 11 عاماً من العمر بحثاً عن «مولود»، بينما أرى الناس، والأصدقاء، والأقارب، في حال يرثى لها وهم «يكابدون» الحياة ومتطلباتها، والتربية ومستلزماتها! هناك أصدقاء يقاربونني في العمر، يبدون في السبعين من العمر، وهناك من هو أصغر وبدت عليه آثار الشيخوخة، ومع ذلك كنتُ أسعى ل«مولود»، كنتُ جامحاً، ذا حيوية، وقوة، حتى رزقتُ بطفلتي، لم أكن مستعداً لأكون أبًا، فسقط «السور»، لينفرد «القلق» بروحي، وجسدي، وينهشهما من كل جانب! (2) سُئلت: كنتَ قلقاً في معركة البحث عن مولود، ماذا عن اليوم؟! فأجبت: لقد تعاظم القلق بشكل يمنع «الأكسجين» من الوصول للدماغ!، ذات ليلة اقترحتُ على زوجتي حينما كانت طفلتي «رضيعة» أن نكتفي ب«المغذي» للطفلة حتى لا تختنق ب«لقمة»، ثم اقترحتُ ألا نخرج أبداً ونملأ البيت بالألعاب، وكانت تتجاهلني في كل مرة، حتى اقترحتُ ألا تذهب الطفلة للمدرسة، فهرعت وبلّغتْ والدها، ووالدي، وأشقائي، وكادت تتصل بمستشفى الأمراض العقلية. (3) في «Psychology Today» كتبت د. سوزان بولاك (دكتوراه في التربية) ما نصه: «أصدر الجراح العام الأمريكي مؤخراً تحذيراً أثار دهشة ملايين الناس، مدعياً أن تربية الأبناء قد تُشكل خطراً على الصحة. وبحسب فهمي للتقرير، يرى أن الأخطار تكمن في التأثير الضار للتوتر، والعزلة الاجتماعية، والضغوط المالية»! في هذه المرحلة من التاريخ البشري، التي أصبح كل شيء ممكناً وفي تناول الأطفال والمراهقين- من الجنسين- أصبحت التربية قطعة من عذاب. (4) الآباء «الحقيقيون» المتورطون في المعرفة و«الحس التربوي»، يكبرون كل يوم، ومعرضون للجنون، والأمراض، في ظل أوضاع اقتصادية مرتبكة، وعالم معقد، إلى حد أنهم يغبطون أولئك الذين يتمتعون بالبرود، والبلادة، لأنهم - الآباء الحقيقيون - يدركون أن التربية كمفهوم «أعمق» من الملابس، والأكل، و«عيب يا ولد»! (5) الآباء الحقيقيون مطالبون بالاهتمام بالنفس قبل وقوع الكارثة، ومطالبون بالهدوء، والمنطقية، والإيمان، والسفر.. من أجلهم، ومن أجل من يعولون.