في الوقت الذي لا تمانع فيه إدارة صحة البيئة ببلدية الأحساء في إصدار تراخيص رسمية لمزاولة بيع الحليب، شريطة توفير أجهزة "بسترة" وتطبيق بعض اللوائح والاشتراطات الصحية، يطالب مربو الأبقار في مزارع "واحة الأحساء" الجهات المعنية في وزارتي البلدية والشؤون القروية والزراعة باستصدار قرار رسمي يلزم جميع مصانع الألبان بشراء الحليب الطازج من المزارعين. وتأتي هذه المطالب حال تطبيقها وفق ضوابط واشتراطات صحية محددة، على أن يتضمن القرار تحديد سعر الكيلو جرام من الحليب لمنع التلاعب بالأسعار، وتحديد الكمية لكل مصنع لحل مشكلة تسويق وتصريف الكميات الكبيرة الفائضة من الحليب التي في أحيان كثيرة لا يستفاد منها، ويتم إتلافها وهدرها أو توزيعها بالمجان، مؤكدين خلال حديثهم أمس ل "الوطن" أن هذا القرار من شأنه حماية إنتاجهم من الحليب، ويعوضهم جزءا من الخسائر المادية الكبيرة التي يدفعونها لتربية الأبقار، ويشجعهم على الاستمرار في تربية المواشي. وأشار المزارع عبدالحميد بن زيد الحليبي ل "الوطن" أمس، إلى ضرورة قيام جهات الاختصاص في الدولة والكليات المتخصصة بإعداد دراسة متعمقة في طرق الاستفادة من فائض كميات الحليب الطازج من مربي الأبقار في المزارع، لا سيما أن أعداداً كثيرة من المزارعين في واحة الأحساء وفي مختلف مناطق ومحافظات المملكة لهم اهتمامهم الكبير في تربية الأبقار، مضيفا "إلا أنه للأسف لا يستفاد من حليب أبقارهم". وشدد الحليبي على أن أحد أبرز حلول تلك المشكلة هو إيقاف استيراد الحليب "المجفف" لمصانع الألبان في المملكة، وإلزام تلك المصانع بشراء الحليب الطازج يومياً من المزارعين، كما كان معمولاً فيه سابقاً، أو إصدار تنظيم جديد يسمح لمربي الأبقار بافتتاح محلات لتسويق إنتاجهم من الحليب وفق اشتراطات صحية مناسبة، وإخضاع حظائر الأبقار للمراقبة البيطرية بشكل دوري تجنباً لبعض الإصابات المرضية وبما ينعكس إيجابياً على نوعية الحليب لضمان جودة المنتج. وأوضح الحليبي أن المعدل اليومي لإنتاج الحليب من البقرة الواحدة ما بين 20 كيلو جراما إلى 30 كيلو جراما، مبيناً أن عمليات التحفيز من شأنها تشجيع المزارعين على اقتناء الأبقار ذات الفصائل والمواصفات الجيدة، لا سيما أن كثيرا من المزارعين في الأحساء يربون أبقارا سويسرية وألمانية ذات سلالات أصيلة بجانب الأبقار المحلية. من جهته اقترح المزارع علي الجاسم على جهات الاختصاص في وزارة الزراعة، إنشاء مصنع للألبان على غرار مصنع تعبئة التمور، يتم في هذا المصنع تجميع كميات الحليب من المزارعين، بغرض تعبئتها وبيعها كحليب طازج، وصناعات تحويلية من مشتقات الحليب، مبيناً أن هذا المصنع سيحقق أهدافاً عديدة منها تشجيع المربين على الاستمرار في تربية الأبقار بسبب ارتفاع تكاليف شراء البقرة والعناية بها وقلة المردود المادي منها، وإتاحة فرص العمل لتشغيل أعداد كبيرة من العمالة الوطنية في المصنع، وتشجيع الصناعات الوطنية في الحليب ومشتقاته، والابتعاد عن الحليب المجفف، والتركيز على الحليب الطازج لفوائده الغذائية. من جانبه أكد المزارع عبدالله السعيد أن إشكالية فائض الحليب عند المزارعين، ترتفع إلى نسب كبيرة خلال أيام فصل الشتاء، فكميات كبيرة من الحليب تهدر ولا يستفاد منها، مشيراً إلى أنه أكثر من مرة، توجه لأحد المصانع في الأحساء لبيع حليبه بعد التأكد من سلامته إلا أن المصنع يرفض استقباله، بحجة أن ثلاجات المصنع لا تستوعب مخزون الحليب الإضافي، فيضطر إلى توزيعه بالمجان لا سيما أن مزاولة بيعه أو عرضه في الأسواق وفي نقاط البيع ممنوعة بالرغم من اهتمامه بسلامة وصحة أبقار حظيرته بحسب تعبيره. "الوطن" من جهتها وضعت صباح أمس معاناة هؤلاء المزارعين أمام وكيل أمين الأحساء للخدمات المهندس عبدالله بن محمد العرفج، الذي أكد أن إدارة صحة البيئة في إدارته لا تمانع في إصدار تراخيص رسمية لمزاولة بيع الحليب، شريطة توفير أجهزة "بسترة"، وتطبيق اللوائح والاشتراطات الصحية، بالإضافة إلى اقتطاع جزء من المزرعة وتحويله إلى محل تجاري لبيع منتجه من الحليب، مؤكداً أن الأمانة ليست جهة مخولة بإلزام مصانع الألبان بشراء الحليب من المزارعين.