صحيفة المدينة-الجمعة 08/11/2013 عند توديع عام، والترحيب بعام جديد، نحتاج أن نقف وقفة صادقة مع النفس، والحياة، والآخرين.. وقد أحببت أن أقف هذا العام هذه الوقفة مع مجموعة من الأصدقاء، والمعارف المقرّبين، لنفكّر معًا بشأن خططنا المستقبلية للعام الجديد. فمن الضروري -خاصة في زمنٍ كزمننا- أن نعيد النظر في حياتنا وعلاقاتنا وخطواتنا، نجاحاتنا وإخفاقاتنا. وأن نُقيّم ما نملك من أشياء. وقد خرجنا من لقائنا بالقناعة بوجود كراكيب في حياتنا، تحتاج لأن نتخلّص منها. فكم من علاقة يظن المرء حين يقيّمها أنها إضافة لحياته، وثراء للجانب الإنساني والعاطفي، وتحفة تستحق الاحتفاظ بها. ثم ما تلبث الأيام أن تكشف له في مزادات العلاقات الإنسانية أنها ليست إلاّ (كراكيب) لا بد من التخلّص منها. ففي زمن ندر فيه أن نجد قيمة أصيلة، وإحساسًا صادقًا، وموقفًا نبيلاً، أصبح من الضروري أن يقوم المرء بعملية تطهير واسعة لحياته، يميّز فيها الطيّب من الخبيث، فيبقي على الطيّب، ويتخلّص من الخبيث الذي أصبح كثيرًا في زمن الزيف الذي نعيشه، والذي أصبح كل ما فيه مزيفًا. فهناك من باعوا ضمائرهم، وهناك أمهات آذين أبناءهنّ، وأبناء نكّلوا بآبائهم، وأحبّة خانوا، ورفاق باعوا، ووجوه تنكّرت، ونفوس تجبّرت، وقلوب تحجّرت، ونفوس ضعيفة جعلت النفاق والكذب والرياء سلعتها، وهناك جلود تُغيّر لونها كالحرباء، وهناك مشاعر تراجعت، وتغيّرت، وتبدّلت، ومواقف تقزّم فيها من كنّا نظنّهم عمالقة!!. وفي خضم كل ذلك يجد الإنسان أنه يواجه واقعًا ينبغي له معه أن يقف وقفة صدق، يعيد فيها تقييم نفسه وسلوكه وعواطفه وأفكاره. ويعيد فيها النظر في قائمة أرقام هاتفه التي ربما تحتاج لأن تحذف منها أرقام بعض الأشخاص؛ الذين سقطوا في اختبارات العلاقات الصادقة. ومع إطلالة العام الجديد نحتاج أن نصدق مع أنفسنا في تقييم أحوالنا، ودراسة أسباب نجاحنا وفشلنا، كي لا نُكرّر أخطاءنا فنعود ونندم.. وقد تكون أخطاؤنا أننا أعطينا حينما بخل الآخرون، وتسامحنا فأسرف الآخرون في الخيانة، لكنها الأخطاء الوحيدة التي ينبغي عدم الندم عليها. ففي أحيان كثيرة يكفي المرء فخرًا أن يشعر أنه مختلف عن الآخرين؛ في الأخلاق والسلوك والصفات. كما يكفيه عزاء أن يشعر بالاحترام لنفسه. إن العيب ليس في العطاء، بل فيمن نُقدّم لهم العطاء وهم لا يستحقونه.. لذا فإن حياتنا مليئة بالكراكيب التي ينبغي التخلّص منها. وبداية عام جديد خير مناسبة لإجراء عملية الترتيب والتنظيف لحياتنا لنتخلّص من كل ما لا يستحق شرف البقاء فيها. فإذا كان زحام الناس يصيبنا بالاختناق والدوار. فإن زحام (الكراكيب) في حياتنا يفقدنا القدرة على متابعة مسيرتها بالشكل الصحيح!. فلينظر كل منّا إلى زوايا حياته.. وليخلّصها من (الكراكيب) التي يمكن أن تكون: أفكارًا سيّئة، معتقدات ضالة، رؤى سوداوية، أو طباعًا فظة، وسلوكيات مرفوضة، أو جهلاً ممقوتًا.. كما يمكن أن تكون أهدافًا خاطئة، أو خططًا فاسدة، أو علاقات مرهقة، أو أوقاتًا ضائعة فيما لا يفيد. فلتتسلّح بالقوّة، وتشحن طاقتك وعزيمتك لتتخلّص من (كراكيبك).. وانفض الغبار عن حياتك.. وعش عامك وأنت بألف خير. [email protected] http://jaridat.com/newspaper.aspx?p=5