لا شك أن التواصل الاجتماعي عبر الهواتف الذكية بمختلف أشكاله شاغل العالم، تزايدت النوافذ واستحوذت على حيز لا يستهان به من أوقات الناس. البعض يستخدمها لأسباب اجتماعية، والبعض الآخر لأسباب مهنية، وهناك من وجد في هذه الأماكن فرصا إيجابية لإثبات الذات، وقد شهدنا أصواتا مميزة وأقلاما لافتة ومواهب رائعة ضمن شرائح الفتيان والفتيات. لكن رغم كل هذا فإن واقع الحال يكشف أن خصوصية يومك لم تعد كما كانت. البعض يصحو من نومه ليستعرض الإشعارات الموجودة على هاتفه: "تويتر"، "فيسبوك"، "إنستجرام"، "باث" ... إلخ. ثم يطلق ردود فعله على ما يقرأ، سواء من خلال تدوينة عبر هذه الوسائل أو من خلال البلاكبيري أو الواتس أب وسواها من وسائل التراسل النصي والصوتي. حالة أقرب إلى الاستحواذ والإدمان، انعكست على شريحة من البشر في مختلف أرجاء العالم، ووضعت الأصدقاء في دائرة تواصل وهمي، إذ هم يتواصلون عبر هذه الوسائل، وحتى حينما يلتقون يستمر تواصلهم واستخدامهم لهذه الوسائل. قبل بضعة أيام قرأت عبر "تويتر" تغريدة تتحدث عن عودة بعد انقطاع عن كل وسائل التواصل الاجتماعي. كانت التغريدة لعبد الله فدعق الكاتب في صحيفة "الوطن". وكان يتحدث فيها عن إيجابية اعتزال هذه المواقع من فينة إلى أخرى. قبلها قرأت مقالة في "الفاينانشيال تايمز" لكاتبة تتحدث فيها عن أخطاء يقع فيها الإنسان بسبب طغيان الهواتف الذكية التي تسرق من الإنسان لحظاته الحقيقية دون أن يشعر بذلك. وكانت تقول إن من الخطأ أن ينجز المرء واجبات العمل من خلال البريد الإلكتروني خلال إجازته. الجمعة الماضية؛ قررت خوض تجربتي الخاصة بإغلاق كل وسائل التواصل الاجتماعي. والعودة إلى التعامل مع الهاتف كوسيلة اتصال وتلقي للرسائل المهمة فقط، أو تصفح الصحف والكتب الإلكترونية. رغم حداثة التجربة التي أتمنى أن تستغرق أطول وقت ممكن، اكتشفت أن هذا الفعل مع إيقاعه الغريب نوعا ما، يمنح المرء فرصة جيدة للتخلص ولو قليلا من عبودية التقنيات الحديثة. أنا على يقين بأن لكل إنسان تجربته مع هذه الوسائل، وطريقته في التعامل معها. وأظن أن الحديث عنها أمر جيد حتى يضيف إليها الآخرون من تجاربهم وتتحقق الفائدة للجميع.