عزلة يعيشها الفرد، ومعاناة يترجمها صمت كبار السن، ولهو مر تتجرعه براءة الأطفال، حوار صامت وتواصل مبتور وعالم خيالي ومجتمع رديف، حياة افتراضية ودراما فاترة تقوم بأدوارها برامج التواصل الاجتماعي عامة وبطلها الحقيقي برنامج (واتس اب) الذي وجد لفائدة البشرية في التواصل وتداول كل مفيد، ولكن للأسف أساء كثير من أفراد مجتمعنا استخدامه، فكلنا يرى ويشاهد ما يسببه استخدام الواتس اب من عزلة اجتماعية حطت بظلال سلبياتها على المجتمع والفرد والأسرة والعمل على حد سواء، فلم يعد يستغرب المرء مشاهدة موظف يعمل في استقبال جمهور المراجعين وهو ينهي معاملة أمامه فيما يكتب بيده الأخرى على جهازه الذكي نكتة أو يمرر شائعة أو فضيحة، وهكذا امتد ضرر هذه البرامج على عدة جوانب بينها الجانب الأمني فكم من شائعة مغرضة وخبر كاذب وافتراءات حاقدة مررت عبر مجموعات الواتس اب أو ما يسمى (قروبات). وتداول مثل هذه الأمور السلبية من شأنه إرهاب العامة واللعب على عقول السذج ومن يطير في عجة (يقولون) وخير شاهد على سرعة انتشار الشائعة عبر وسائل التقنية الحديثة التي على رأسها «الواتس» هو تلك الرسائل المصاحبة لبعض الأحداث البسيطة التي تحدث في كل المجتمعات البشرية وتهويل أمرها عبر رسائل «الواتس» كما كان في احداث تسلل الإثيوبيين لجنوب البلاد وما أعقبها من تداولات ورسائل أرهبت المواطنين، كما كان «الواتس اب» بطلا سلبيا في باقي الأحداث، ناهيك عما أشيع من فضائح مختلفة وكشف ستر الغافلين من الناس والمصابين، وببالغ الأسى وصل الحد ببعض شبابنا لتصوير عورات النساء في حوادث سير أليمة ليتم تداولها عبر «الواتس» وباقي برامج التواصل، ومن جانب آخر يشكل التواصل بهذا البرنامج عزلة اجتماعية بين كل انساق المجتمع فداخل البيت وفي السيارة وفي المجالس والمناسبات الكل مطأطئ رأسه ليكتب ويرسل، ويستقبل ويمرر ليظل الصمت داخل هذه الاجتماعات هو سيد الموقف سوى من نظرات بسيطة ونفس عميق ليعود المستخدم إلى غياهب عالم «الواتس» ويصل يبعضهم الحديث مع من يجلس بجانبه وفي نفس المكان عبر «الواتس» حتى الضحكات أصبحت عبر «الواتس»، ابتسامات جافة خالية من طعم الفرح استبدلت حقيقتها بأيقونات تبتسم بدلا عنك، يحتدم النقاش في عالمة الوهمي، وتختلف الآراء، وتنكشف شخصيات وتتنفس الأخرى صعداء الحرية، فكم من صامت لا يكل من الحديث عبر «الواتس» وكم من متزن كشفت رسائله ومحتوياتها من مقاطع وصور ما تكتنفه أركان تلك الشخصية من خلل وتباين بين واقعة الظاهر وبين تجاذباته الداخلية، وهذا مؤشر لوجود خلل في سيكولوجية المستخدم، وليس الضرر الصحي بأقل من الأضرار السابقة، كما دخل استخدامه أثناء القيادة على خط مسببات الحوادث، ولا يسع المقام لكل الكلام. ياسر أحمد اليوبي