كلما تأملت أنماط العمارة المشيدة بها بيوتنا السعودية استبان لي أننا نعيش أزمة ثقة فيمن حولنا، أسوار منازلنا ليست مجرد أسوار بقدر ماهي متاريس قلاع حصينة ذات ارتفاعات شاهقة، البعض لا يكتفي بمقاييس البناء للوحدات السكنية في المملكة فيزيد ارتفاع أسواره بسياجات معدنية تجعلها بعلو أربعة أو خمسة أمتار ! يحدث هذا في الوقت الذي باتت كل البنوك بكل مافيها من أموال تستغني عن الجدران وتستبدلها بواجهات زجاجية لتحقق الأمن، يحدث هذا في الوقت الذي يتحدث فيه المجتمع عن نعمة الأمن والأمان التي يعيشها، ويحدث هذا مع اعتزازه بكونه البلد المسلم المحافظ، ومع وجود الجار الذي اختاره قبل الدار، ومع كل تلك الضمانات والأمانات مازال البعض يصر على تحصين منزله بأسوار توشك أن تطاول أسوار السجون ! كم من الضحايا قضوا نحبهم داخل تلك البيوت بسبب حريق كان من الممكن الفرار منه لولا مايسمى: (شباك الحرامي) الذي وقف لهم بالمرصاد ،ولو سألتم رجال الدفاع المدني لحدّثوكم بما يُدمي القلب ! ليس هذا فحسب بل الأسوأ حين يلجأ البعض إلى جعل منزله سجناً داخل القلعة التي اعتقله داخلها، من خلال إغلاق نوافذه بالقضبان الفولاذية التي يسميها:»شباك الحرامي»وهي خدعة ذهنية تجعل صاحب المنزل يحافظ على مقتنيات منزله من السرقة ،لكن لو حدث حريق -لا سمح الله- وكان أفضل المخارج لأطفاله ونسائه الخروج من تلك الشبابيك فسيتعذر عليهم ذلك لوجود تلك القضبان الحديدية، والسبب أنه فكّر في الحفاظ على مقتنيات منزله أكثر ممّا فكّر في سلامة أبنائه وأهل بيته ! كم من الضحايا قضوا نحبهم داخل تلك البيوت بسبب حريق كان من الممكن الفرار منه لولا مايسمى: (شباك الحرامي) الذي وقف لهم بالمرصاد ،ولو سألتم رجال الدفاع المدني لحدّثوكم بما يُدمي القلب ! تحصين المنازل بتلك الطريقة ليس حِرصاً بقدر ماهو وساوس وهلع لا مبرّر لهما، تقديم سوء الظن وافتراض الأسوأ من الجيران يتنافى مع حسن الجوار، وإذا مابدر من جارٍ أذى فهناك أكثر من طريقة لكفِّ آذاه دون أن تُعاقِب نفسك وتعتقل منزلك بتلك الطريقة البشعة !