نجد الكثير اعتمدوا هذه الرواية رغم تناقضها مع القرآن الكريم, وراويها لا تقبل شهادته, ورواية الحديث شهادة على الله ورسوله, فحرّموا على المرأة الولاية, لأنّ الحديث رواه البخاري!! د. سهيلة زين العابدين حماد - المدينة السعودية ليس في الإسلام ما يحرم ولاية المرأة ،إنّ ولاية المرأة سواء على نفسها أو على غيرها، ولاية صغرى كانت أو ولاية العامة، لم يرد في القرآن الكريم ما يحرمها على المرأة. بل إنّ الآيات القرآنية نصّت على المساواة بين الرجال والنساء في تولى مسؤولية الولاية، يقول الله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) . فالمؤمنون والمؤمنات فيها سواء كما يقول الدكتور هيثم الخيّاط كما تدل على ذلك إحدى القصص التي يقصها علينا القرآن الكريم لنعتبر بها ونستدل, قصة امرأة قوية كانت في قمة السلطة, وقدّمها القرآن نموذجًا حيًا للمرأة التي هي أعقل من الرجال ... ألا وهي ملكة سبأ التي عندما جاءها كتاب سليمان كان من حصافتها وحُسن فهمها أن عدّته كتابًا كريمًا برغم ما انطوى عليه من تحذير وتهديد, وسرعان ما جمعت المَلأَ [ مجلس المستشارين] وعَرضت الأمر عليهم, يقول تعالى عن ملكة سبأ:( قالت يَا أَيُّها المَلأُ أفْتُوُنِيِ فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُون .قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ والأمْرُ إليكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُريِن)[ النمل: 32- 33.] فهنا لم ينكر جل شأنه على قوم سبأ تولي أمرهم امرأة، ولو كان لا ولاية لامرأة لبيَّن الخالق ذلك في هذه الآيات، بل نجد سيدنا سليمان عليه السلام قد أقر بلقيس ملكة سبأ على حكم اليمن بعد إسلامها. ويؤكد منح الإسلام المرأة حق الولاية منحه لها حق البيعة في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ الله إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )[ الممتحنة:12], ومادام لها أن تُبايِع لها أن تُبايع مثلها مثل الرجل تمامًا. أمَّا حديث» ما أفلح قوم ولوْا أمرهم امرأة» لم يروِه البخاري وغيره إلّا عن طريق أبي بكرة, وهذه رواية مفردة, والروايات المفردة لا يُعتد بها في الأحكام, إضافة إلى أنّ أبا بكرة محدود حدّ القذف ولم يتُبْ, وقد قال الله عزّ وجل عمن حُدّ حدّ القذف( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا ... إلّا الذين تابوا )[ النور : 4-5.] وقد قال له عمر رضي الله عنه:» تُبْ أقبل شهادتك»[ابن تيمية: دقائق التفسير, 4/ 426.] فلا يصح الأخذ بروايته أصلًا حتى لو كان الحديث صحيحًا, فإنّه لا يُؤخذ على ظاهره, لئلا يُعارض ظاهر القرآن الكريم.[د.هيثم الخيّاط: المرأة المسلمة وقضايا العصر, ص 107.] ومع هذا نجد الكثير اعتمدوا هذه الرواية رغم تناقضها مع القرآن الكريم, وراويها لا تقبل شهادته, ورواية الحديث شهادة على الله ورسوله, فحرّموا على المرأة الولاية, لأنّ الحديث رواه البخاري!! ومنهم من أباح ولاية المرأة بقول إنّ الحديث جاء بخصوص السبب, وليس بعموم اللفظ, ولكن محرّمين عليها الولاية الكبرى, وانقسم الفقهاء في مسألة ولاية المرأة بين مؤيد ومعارض, غير أنّ قوة الحجة وسلامة المنطق ميزا موقف التأييد لما فيه من انسجام مع نصوص القرآن الكريم وأحكامه؛ إذ لا يصح تجاوز الآيات القرآنية قطعية الدلالة والثبوت إلى نصوص حديثية ظنية الثبوت والدلالة معًا. ومن الآراء المؤيدة لولاية المرأة نقرأ في كتاب» أحكام القرآن» لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن عربي، ص 483 ما يلي» وقد تناظر في هذه المسألة القاضي أبو بكر بن الطيب المالكي الأشعري مع أبي الفرج بن طرار شيخ الشافعية ببغداد في مجلس السلطان الأعظم عضد الدولة، فماحل ونصر ابن طرار لما ينسب إلى ابن جرير[ الطبري] على عادة القوم التجادل على المذاهب، وإن لم يقولوا بها استخراجاً للأدلة وتمرنا في الاستنباط للمعاني، فقال أبو الفرج بن طرار» الدليل على أنّ المرأة يجوز لها أن تحكم. إنّ الغرض من الأحكام تنفيذ القاضي لها، وسماع البيِّنة عليها، والفصل بين الخصوم فيها، وذلك يمكن من المرأة كإمكانه من الرجل.» ومع هذا نجد من يُحرّم على المرأة الولاية حتى على مالها إن كانت تملك مؤسسة, أو شركة كبيرة , فتُلزم بتوكيل من يتولى إدارتها, فمتى يمنح المخلوق المرأة حق الولاية الذي منحه لها الخالق؟