أين محافظ الهيئة العامة للاستثمار؟ في الحقيقة لم أسمع «في ما أعتقد» أنا وكثير مثلي عنه أي شيء منذ أن تولى سدة منصبه، وعسى المانع يكون خيراً. فلا خبر ولا لقاء ولا تصريح، ولا إعلان عن عقود وصفقات واستثمارات تم جلبها بعملتها الأجنبية الصعبة، وبخبراتها العميقة للاقتصاد المحلي، الذي يبدو للكثيرين عطشان جداً لتنويع مصادر دخله، ومتطلعاً لمحركات كبرى تولد الفرص الوظيفية لأبنائه وبناته، وفرصاً أكثر أمام التجار وأصحاب الأعمال المحليين. وللأمانة فإن الهيئة العامة للاستثمار كانت ملء السمع والبصر «إعلامياً» على الأقل، أيام محافظها السابق، لكن هذا الاختفاء المريب «بالمعنى الإيجابي للكلمة»، إن كان بالإمكان وصفه بذلك، يدفعنا لسؤال المحافظ مجموعة من الأسئلة. هل تُحضرون مفاجآت كبرى للسعوديين، مسؤولين ومواطنين؟ ومن أجل ذلك تختفون حتى تضمنوا لأنفسكم الوقت الكافي، بعيداً من ملاحقة الإعلام وانتقاداته الدائمة، للخروج يوماً ما، «نتمنى» أن يكون قريباً، للإعلان عن برنامج استثماري طموح يعيد للمملكة مكانتها الاستثمارية، ويتخطى سمعة المدن الاقتصادية. أو أن نظرتكم الجديدة تتطلب عملاً داخلياً يستغرق وقتاً طويلاً لإعادة هيكلة الهيئة، وتعديل مسارها، إثر الانتقادات الهائلة التي وجهت لها خلال الأعوام الماضية، خصوصاً ما يتعلق بالاستثمارات الطفيلية التي استقطبت، مع الأسف، مستثمري ومتستري الداخل، بدلاً من دور كان يفترض أن تقوم به الهيئة لخلق بيئة استثمار جاذبة ومنافسة في المنطقة. وليست بالتأكيد تلك الاستثمارات الهامشية، التي أتاحت، مع الأسف، لمهمشي الأعمال في المملكة، الحصول على مميزات المستثمر الأجنبي، بعدما وجدوا الطريق سالكةً للتحول من مجرد مُتستر عليه إلى مستثمر يشار له بالبنان، مقابل إجراءات وخدمات وشروط يسيرة جداً. أو لعل دوركم الجديد يتطلب هذا الصمت عن سبع مدن اقتصادية، أشهرت بالتأكيد قبل توليكم، لكنها من ضمن مسؤولياتكم الحالية، من دون أن نرى لها أثراً على أرض الواقع. ولأكون محايداً ذهبت «للشيخ غوغل» لأبحث في أرشيفه الضخم عن أي أخبار لهيئة الاستثمار خلال الفترة الماضية، خصوصاً منذ تولي معاليه منصبه، فوجدت أن أبرز خبر للهيئة هو توجيهه برقية تهنئة بمناسبة اليوم الوطني، وهو أمر جيد، لكنه لا يمكن أن يكون أبرز أعمال الهيئة، التي نتطلع لها باعتبارها أحد أذرع الإنقاذ التي تمد يدها بالمال لأوردة وشرايين الاقتصاد المحلي. ولأن الأعمال قبل الأقوال، فإنني أتمنى على المحافظ، الذي نقدر المهام الجسام والتركة الكبيرة التي ورثها، أن يضع أمام المواطنين، خصوصاً أولئك الذين أسهموا في المدن الاقتصادية، جدولاً لعشرة أو 20 عاماً مقبلة بالحلول الحقيقية والواقعية لتلك المدن، ومتى تعمل، وماذا ستوفر من فرص وظيفية لهم ولأبنائهم، وناتجها المتوقع، وكذلك الحلول التي يتم الإعداد لها لجذب استثمارات الشركات والمصانع الكبرى من حول العالم، وليست تلك الأسماء التي تعلن في ساعات الاحتفال ثم تختفي مع فقرات الحفل الأخرى.