وسط الحرب الطائفية المشتعلة عبر وسائل الإعلام، والتصعيد الطائفي من قبل بعض الناشطين والفوضويين على شبكة الإنترنت، كل ما سبق يعكس حالة من الصراع الطائفي المرتبط بمصالح سياسية وإقليمية في المنطقة العربية؛ جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب مقره العاصمة الرياض. المبادرة جميلة، وستكون نواة لتأصيل الحوار بين المذاهب الإسلامية المختلفة، ورأب صدع الخلاف، الذي يزداد يوماً بعد يوم. قبل إنشاء المركز والشروع في تجهيزه واختيار القائمين عليه، هناك خطوات عملية بإمكانها تخفيف عملية الاحتقان الطائفي، أولها منع الدعاة والخطباء في المساجد من الدعاء على أي مذهب إسلامي مخالف، فالمسجد، الذي هو بيت من بيوت الله، ومكانه الآمن لجميع المسلمين، أصبح البعض يستخدمه لتأجيج الصراع المذهبي والطائفي، مقدماً مصلحته ورؤيته الخاصة على مصلحة الأمة الإسلامية تحديداً. هناك من يقودون التأجيج الطائفي، معروفون بأسمائهم، لن تستغرق مهمة البحث عنهم وقتاً طويلاً، كل ما يمكن فعله أن يتم تجريم هؤلاء بعد أن يتم سن القوانين والأنظمة التي من خلالها يمكن تخفيف الطائفية - العلنية على الأقل عبر المنابر العامة - وتجفيفها، والتشهير بعقوبات تتخذ بحق من يخالف نظام تجريم الطائفية. كل مذهب وكل طائفة تريد أن تلغي الأخرى، وتقدم نفسها على أنها الطائفة المنصورة، أو الفرقة الناجية، ولن يتم هذا إلا باجترار التاريخ الذي كتبه المؤرخون بعقلية السياسي، فحتى التاريخ الإسلامي تختلف الروايات فيه باختلاف هوية ومذهب من يقوم بتدوينه. كل المتناحرين ينطلقون من منطلق الثأر لتاريخ لم يعاصروه، والمدنية وحدها هي القادرة على جعلنا نتجاوز هذه المرحلة من الصراع الطائفي والمذهبي، الذي تجاوز الخلاف فيه مرحلة الإقصاء، حتى وصل إلى التكفير والإخراج من الملة، كل ذلك يتم بشكل علني، سواءً في المسجد أو على الشاشة أو في شبكات التواصل الاجتماعي.. إنه زمن الإقصاء المجاني، والطائفية النتنة التي لن يتم القضاء عليها في مقابل إتاحة الفرصة لمشعلي الفتن.