في شهر أبريل من العام 1938 دوت صرخة عنيفة هزت أرجاء المعمورة منذرة بقدوم الأمين العام السابع للأمم المتحدة، احتار ذووه في الاسم، تباحثوا كثيراً ومن ثم قرروا أن يطلقوا عليه اسم «الجمعة الرابعة»، والجمعة في اللغة الغانية «من غانا» تعني «كوفي»، وسُمي بذلك لمصادفة ولادته في ذلك اليوم، أما «أنان» فتعني الرابع وهو ترتيبه بين إخوته، هكذا قيل، وعلى الله فليتوكل المتوكلون. «أنان» ذو ال«74 ربيعاً» لم يقتنع بأن الإنسان مع تقدمه في السن يعود إلى الطفولة، وعدم اقتناعه هذا قد يقوده إلى ألزهايمر الذي بدأت ملامحه تظهر في الأفق، فمن الأعراض الأولى لهذا المرض التفكير الخاطئ ومظاهر الإجهاد وترديد كلمات اختزنها في ذاكرته، وعلى رغم أنني لست طبيباً لكنني أستطيع أن أقول وبثقة إن الرجل على حافة ألزهايمر، وهو بحاجة لرعاية طبية تحفظ ماء وجهه على الأقل، أما سبب قولي هذا فهو يعود لإصرار المبعوث الدولي العربي المشترك على ترديد اسطوانة إشراك إيران في حل الأوضاع في سورية! شخصياً بحثت عن سبب واحد يقنعنا لإشراك إيران في أي مسعى دولي لحلحلة الأوضاع في سورية فلم أجد، فلا توجد بين إيران وسورية أي حدود مشتركة، مثل العراق على الأقل، كما أن إيران ليست عضواً بالجامعة العربية، بخلاف أنه لا توجد بين البلدين قومية موحدة لنلتف على ما سبق، بل إن إيران ليست عربية حتى تكون طرفاً في حل نزاع داخلي لدولة عربية، فهل يكون الدافع لإشراكها هو تورطها في جزء كبير مما يحدث في سورية من خلال دعمها للنظام السوري؟ ربما، لكن للمرة الأولى أسمع عن مكافأة المتورط، ومع تمسك «آية الله الجمعة الرابعة» بإشراكها فإن ذلك يمسح كل علامة استفهام أعقبت تصريحاته، ويُعطي مبرراً للمزيد من سقوط الضحايا الأبرياء على يد الأدوات الإيرانية التي تقبع في مخابئها. أنان الذي يكتب فصول نهايته السياسية بفشل ذريع، لا يهمنا في واقع الأمر، فذلك شأنه، ما يهمنا هو الشعب السوري الذي يقتل بالعشرات في كل يوم منذ أكثر من 15 شهراً، وبعد سقوط هذا الكم الكبير من الضحايا لم يعد الأسد قادراً على فرض شروطه على الأرض، وأنان الذي يدرك ذلك يعود ويردد علينا أن لدى الأسد خطة، وأن إيران لا بد أن تشارك في الحل. الحل اليوم لا يكمن في خطة الأسد، فخطته تقضي أن يتم وضع منهج تدريجي يبدأ من المناطق التي شهدت أسوأ الأعمال، ما يعني باختصار أن حله أمنياً، وهو أمر مرفوض لأسباب عدة، أبرزها أن الأسد لم يعد مقبولاً من شعبه ولا من محيطه العربي، لذلك واختصاراً للوقت، فمن الواضح أن أي حل لا يتضمن رحيل الأسد هو حل فاشل، وإنما يسوق لمنحه المزيد من الوقت. أما على الضفة الأخرى، وأقصد هنا المعارضة، فبعد هذا العدد الكبير من الضحايا، وبالمثل الاجتماعات والمؤتمرات، آن لها أن تنضج وأن تتعامل بحجم الكارثة، نحن نفهم أن اختلافهم في جانب منه ظاهرة صحية، لكن لا نفهم أن يستمر هذا الخلاف الذي أضعف من صورتهم في الداخل قبل الخارج لا يزال مستمراً. ما زالت أمام المعارضة السورية فرصة لانتشال بلدهم ومواطنيهم من ظلم وجور الأسد باتفاقهم على ضرورة إسقاطه ورد الاعتبار لكل شهيد عملاً لا قولاً، أمامهم فرصة أن يفرضوا الحل الذي يطمحون إليه بوحدة صفهم ووحدة كلمتهم، عندها لن تجد إيران وسواها فرصة لتسويق قضاياها بحجة الحل السوري، وأيضاً لن تجد روسيا فرصة لها لتصريف خردتها العسكرية لتعزيز مكاسبها. المعارضة السورية، وتحديداً الجيش الحر الذي لازلنا نرى أن تسليحه هو أنسب الحلول بعد التخبط الدولي الواضح، أمامهم أيضاً فرصة لوضع حد لزهايمر أنان، برفض وساطته التي تحولت بقدرة قادر من حل الأوضاع في سورية إلى تلميع إيران والمطالبة بإشراكها في أي حل سوري. أما «أنان» فلديه فرصة لكتابة فصل جديد من التاريخ، ولا ينقصه لفعل ذلك إلا أن يظهر على قناة «العالم» ليحدثنا عن فضائل الوقوف في طهران!