أعلن الموفد الدولي-العربي الخاص إلى سورية كوفي أنان، أنه اتفق مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي التقاه في دمشق أمس، على طرح للحل سيناقشه مع «المعارضة المسلحة» من أجل وقف أعمال العنف المستمرة على وتيرتها التصعيدية في البلاد. ولم يفصِّل أنان الطرح الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع «الصريح والبنّاء»، إلا أنه شدد على أهمية المضي في «الحوار السياسي الذي يوافق عليه» الأسد. وعقب انتهاء محادثاته في دمشق، توجه انان إلى طهران، حيث كان مقرراً ان يبحث الازمة السورية مع وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي ومسؤولين امنيين، وفق ما نقلت قناة العالم الايرانية الناطقة بالعربية. وقال أنان للصحافيين لدى عودته إلى الفندق الذي ينزل فيه بدمشق: «أجريت للتو محادثات بناءة وصريحة جداً مع الرئيس الأسد». وأضاف: «ناقشنا الحاجة إلى وقف العنف والطرق والوسائل المؤدية إلى ذلك، واتفقنا على طرح سأتشاركه مع المعارضة المسلحة»، مشدداً «على أهمية المضي قدماً في الحوار السياسي الذي يوافق عليه الأسد». وذكر أنان في نهاية زيارته الثالثة إلى دمشق منذ بدء الاضطرابات قبل 16 شهراً، التي أدت إلى مقتل أكثر من 17 ألف شخص حتى الآن، أنه سيغادر سورية «لكن حوارنا سيستمر» مشيراً إلى أن الفريق الموجود على الأرض سيواصل العمل من أجل هذا الحوار. وكانت صحيفة «الوطن» السورية الخاصة والمقربة من السلطة، نقلت في عددها الصادر أمس عن مصادر لم تسمِّها، أنه سيتم في المحادثات مع أنان «بحْثُ آلية تنفيذ ما توصلت إليه مجموعة العمل لحل الأزمة السورية من خلال تأليف حكومة انتقالية في سورية تضم ممثلين عن السلطة والمعارضة، من دون الإشارة إلى رحيل الأسد». وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) من جهتها، بأن الأسد وأنان بحثا تطورات الأوضاع في سورية «وضرورة وضع الآليات الناجعة والمقاربات المدروسة للتخفيف من حدة العنف في سورية وصولاً إلى استعادة الأمن كاملاً»، كما تمت مناقشة الآليات التي يمكن أن تتبناها بعثة المراقبين بالتعاون مع الحكومة السورية لتحقيق «هذا الهدف المهم»، وفق الوكالة. وذكرت الوكالة أن النقاش تناول خلق بيئة للحوار «مع التأكيد على أن الحوار هو حوار بين السوريين ويقوده سوريون». وأشارت إلى أن المحادثات أكدت أن نجاح خطة أنان «يتوقف إلى حد كبير على وقف تسليح الأعمال الإرهابية وتمويلها، ووجود التزام دولي وإرادة صادقة لوقف العنف في سورية». وأضافت «سانا» أن اللقاء «شكّل فرصة لوضع المبعوث الخاص بصورة آخر التطورات بالنسبة للإجراءات المتخذة من قبل الحكومة في موضوع الحوار، وتم الاتفاق على استمرار التنسيق مع بعثة المراقبين والحكومة السورية من أجل التوصل إلى الهدف المنشود»، موضحة أن المحادثات استُكملت بلقاء موسع في وزارة الخارجية مع الوزير المعلم. وأوضح الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي في تعليق على المحادثات مع أنان على حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على الإنترنت، أن الطرفين يعتبران أن مؤتمر جنيف، الذي أقرَّ في 30 حزيران (يونيو) اقتراحَ أنان حول الحكومة الانتقالية «هو خطوة مهمة لإعطاء دفع للعملية السياسية وإيجاد مناخ للحوار». وقال مقدسي إن اجتماع الأسد وأنان كان «بنّاءً وجيداً»، مشيراً إلى أن الموفد الدولي التقى أيضاً وزير الخارجية وليد المعلم. وقال مقدسي «في الاجتماعين، أكدنا لأنان التزام سورية تطبيق خطة النقاط الست، وعبرنا عن أملنا في أن يكون الطرف الآخر ملتزماً أيضاً». وكان الأسد استقبل أنان بحضور المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان. إلى ذلك، قال احمد فوزي الناطق باسم أنان، إن المبعوث الدولي سيتوجه إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين حول الأزمة. كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية والتلفزيون الإيراني أن أنان «يزور اليوم طهران... بعد زيارته سورية التي دامت يومين». وقال تلفزيون العالم إن انان سيلتقي اضافة الى صالحي سعيد جليلي الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي. واعلنت الخارجية الايرانية ان مؤتمرا صحافيا مشتركا سيعقد اليوم بين انان وصالحي. وقال انان بعيد وصوله بحسب ما اعلن الناطق باسمه احمد فوزي «انا هنا لمناقشة الوضع في سورية- كما تعرفون حصل اجتماع لمجموعة الاتصال حول سورية في نهاية الشهر الماضي في جنيف- ولنرى كيفية العمل معا للمساعدة في تسوية الوضع في سورية». ودعا أنان مراراً الغربيين إلى إشراك إيران في المحادثات الدولية حول سورية، معتبراً أنها قادرة على التأثير على نظام دمشق حليفها الرئيسي. وأعلن أنان نيته «إطلاع» القادة الإيرانيين على نتائج اجتماع «مجموعة العمل حول سورية» التي ضمت في 30 حزيران في جنيف الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودولاً عدة تمثل الجامعة العربية وتركيا. وقال أنان إن «إيران لاعب، وينبغي أن تكون جزءاً من الحل، لديها نفوذ ولا يمكننا تجاهلها». وأعلن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أول من أمس، أن إيران «قدّمت مقترحات لأنان»، وأنها «قد تكون جزءاً من الحل للمشكلة السورية». ووصف المسؤول الإيراني فكرة حمل الرئيس السوري على الاستقالة بالقوة أو إرغامه على الذهاب إلى المنفى بأنها «دعابة»، وقال إن «إيران تؤيد خطط الأسد الإصلاحية، والمفاوضات التي تهدف إلى إرغامه على الذهاب إلى المنفى مهزلة». وأكد المسؤول الإيراني أن «تدخلاً عسكرياً في سورية ليس ممكناًَ، وإذا ما حصل ذلك ستكون خطوة غبية، وسورية يمكن أن تدافع عن نفسها بمفردها ومن دون مساعدة إيران، وأي حل غير سياسي سيكون كارثياً للمنطقة بأكملها». وأضاف نائب وزير الخارجية الإيراني: «أعتقد أن الاجتماعات حول سورية التي تعقد في بلدان أخرى، تهدف إلى التأكيد أن الأزمة في سورية مستمرة. على السوريين أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم». وقال إن «إيران تدعم بكل قواها البحث عن حل للأزمة وتساعد في تطبيق إصلاحات الأسد». وإيران حليف أساسي لسورية في المنطقة، وتقدم لها مساعدة إنسانية ومالية. ودعمت طهران على الدوام نظام الأسد منذ اندلاع أعمال العنف، لكنها أكدت أنها لا تساعده عسكرياً، كما تتهمها المعارضة السورية وواشنطن، في قمع المعارضين. وكان الرئيس السوري اتهم في مقابلة بثها التلفزيون الألماني «إيه أر دي» أولَ من أمس، الولاياتالمتحدة بدعم المعارضين المسلحين في بلاده بهدف «زعزعة استقرار» سورية. وقال إن «الأميركيين طرف منحاز في النزاع، وإنهم يوفرون حماية ودعماً سياسياً لهذه العصابات (المعارضين) لزعزعة استقرار سورية». وأفاد الأسد بأنه لا يخشى أن يواجه مصير الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي قتل بعد إلقاء القبض عليه، أو الرئيس المصري حسني مبارك، الذي أطيح به وحكم عليه بالسجن المؤبد، مجدِّداً قوله إنه مازال في السلطة لأنه يتمتع بتأييد شعبه. وقال الأسد إن معظم الضحايا في الانتفاضة المستمرة منذ 16 شهراً من مؤيدي الحكومة. وأضاف أنه من واقع القائمة التي لدى السلطات السورية ومن واقع الأسماء التي لديها، فإن أعلى نسبة هي للأشخاص الذين قتلتهم «عصابات» مختلفة. وتابع قائلاً إنه لدى الحديث عن مؤيدي الحكومة وعن الضحايا من الأمن والجيش تجد أنهم أكثر من الضحايا المدنيين. وتحدث الأسد عن خطة أنان فقال: «نعرف أن أنان يواجه عقبات لا حصر لها لكن يتعين عدم السماح بفشل خطته... إنها خطة جيدة للغاية». وقال: «العقبة الكبرى هي أن كثيراً من الدول لا تريد لهذه الخطة أن تنجح، ولذلك تقدِّم الدعم السياسي للإرهابيين في سورية وتواصل تزويدهم المال والسلاح»، وبالتالي هي تريد إفشالها بهذه الطريقة. وكرر الأسد استعداده للتحدث مع أي شخص بشأن التوصل إلى حل سياسي للأزمة. ووصف الرئيس السوري قوات المعارضة بأنها مزيج وخليط من القاعدة ومتطرفين آخرين ليسوا بالضرورة من القاعدة وخارجين على القانون فروا من الشرطة منذ سنوات ومعظمهم يقومون بتهريب المخدرات من أوروبا إلى الخليج وآخرين صدرت عليهم أحكام بالسجن في قضايا مختلفة وبالتالي هم خليط من جهات مختلفة. وقال إن البعض ليس لديه دافع سياسي بل تُدفع لهم أموال، وأحياناً يخضعون للتهديد، وأحياناً أخرى لأوهام وضلالات، وبالتالي فإنهم ليسوا جميعاً إرهابيين. وأضاف أنه طالما يتم تقديم أي نوع من الدعم لإرهابيين فإن من يقدّم هذا الدعم هو شريك، سواء ارسل لهم أسلحة أو أموالاً أو دعماً عاماً أو دعماً سياسياً في الأممالمتحدة أو في أي مكان. وقال إن أي نوع من الدعم هو تواطؤ.