طالب أحمد فوزي، المتحدث باسم المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان، الرئيس السوري بشار الأسد بالتنفيذ الفوري لخطة أنان لحل الأزمة السورية، رغم أنه أوضح أنه لا يوجد إطار زمني محدد لقيام الحكومة السورية بتنفيذ الخطة.. وهو ما يأتي بالتزامن مع إعلان الأسد أمس أن دمشق «تجاوبت» مع مهمة كوفي أنان و«لن توفر جهدا» في إنجاحها، وذلك رغم سقوط أكثر من 150 قتيلا في سوريا منذ أعلنت دمشق قبولها بنود الخطة يوم الثلاثاء الماضي. وقال فوزي في تصريحات خاصة ل«الشرق الأوسط»: «نتوقع من الحكومة السورية والمعارضة التنفيذ الفوري للخطة»، مشيرا إلى أن أنان سيقدم إفادة شاملة حول جهوده مع الحكومة السورية وكل من روسيا والصين في شهادته أمام مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل. وحول المناقشات مع المعارضة السورية، رفض فوزي الإشارة إلى أسماء المعارضين السوريين الذين يتم التشاور والتفاوض معهم، وقال: «نحن نجري اتصالات مع المعارضة السورية بطرق مختلفة، الأكثر وضوحا هو ما يجريه السيد ناصر القدوة وفريق من مكتب أنان، والذي سيشارك في حضور مؤتمر أصدقاء سوريا المقرر عقده في اسطنبول». ورفض فوزي التعليق على استمرار الاشتباكات وأحداث العنف في سوريا بعد مرور ثلاثة أيام من إعلان الحكومة السورية الموافقة على الخطة، والتي تتضمن بشكل واضح وقف العنف وسحب الآليات العسكرية من المناطق السكنية، وقال «هذا السؤال يجب توجيهه إلى السوريين». يأتي ذلك في وقت وجه فيه الرئيس السوري بشار الأسد أمس رسالة إلى قمة قادة دول «البريكس» في العاصمة الهندية نيودلهي، وأشارت وكالة الأنباء السورية (سانا) إلى أن الأسد أعرب فيها عن تقدير سوريا لمواقف قادة المجموعة في تعزيز مبدأ احترام سيادة الدول واستقلالها وإرساء العمل الدولي متعدد الأطراف بديلا لسياسات الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتطلع إلى مزيد من التعاون نحو بناء عالم متعدد الأقطاب مبني على قيم العلاقات الديمقراطية بين الدول. وعرض الأسد «عوامل الأزمة التي تتعرض لها سوريا وارتباطاتها الإقليمية والدولية والخطوات التي اتخذتها الدولة للتعامل معها واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد وتحقيق تطلعات الشعب السوري عبر إصدار سلة قوانين توجت باعتماد دستور جديد للبلاد يحقق حرية العمل السياسي والتعددية السياسية ومبادئ العمل الديمقراطي»، مشيرا إلى أنه «على الرغم من ذلك تم تأجيج الأوضاع في سوريا بفعل الحملات الإعلامية المضللة واستمرار عمليات الاغتيالات والإرهاب المدعومة من قوى لجأت إلى تقديم السلاح والدعم المالي للمتطرفين وحاولت استخدام المنابر الدولية لاستصدار قرارات لا تنسجم مع ميثاق الأممالمتحدة، وتحميل الحكومة السورية مسؤولية ما يجري». وأوضح الأسد أن «سوريا، وفي إطار استراتيجيتها لوضع حد للأزمة، تجاوبت مع المهمة التي كلف بها السيد كوفي أنان كممثل خاص للأمم المتحدة إلى سوريا، وتؤكد أنها لن توفر جهدا في إنجاح هذه المهمة التي تأمل أن تسهم في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد»، معربا عن أمله «في أن يتعامل أنان بشكل شمولي مع عناصر الأزمة، لا سيما الدولية منها والإقليمية». وأكد الأسد أنه «لا بد لإنجاح مهمة أنان من أن يركز على تجفيف منابع دعم الإرهاب الموجه ضد سوريا، خاصة من قبل الدول التي أعلنت على لسان مسؤوليها أنها تقوم بتمويل وتسليح المجموعات الإرهابية في سوريا»، موضحا أنه «مقابل الالتزام الرسمي بإنجاح مهمة أنان من الضروري أن يحصل على التزامات من قبل الأطراف الأخرى بوقف الأعمال الإرهابية من قبل المجموعات المسلحة، وسحب أسلحة هذه المجموعات ودعوتها إلى وقف أعمالها الإرهابية وخطف الأبرياء وقتلهم وتدمير البنى التحتية للقطاعين العام والخاص». وأشار الأسد إلى «ضرورة إقناع الدول التي تدعم المجموعات المسلحة بالمال والسلاح بالتوقف عن ذلك فورا، بما في ذلك دول الجوار التي تحتضن هذه المجموعات وتقوم بتسهيل عملياتها الإرهابية ضد سوريا». ولفت الأسد إلى أن «سوريا تعتزم خلال فترة قصيرة جدا البدء بحوار وطني، تشارك فيه كل الفئات التي تعمل من أجل أمن واستقرار البلاد»، معربا عن أمله في «أن تقدم دول (بريكس) كل جهد ممكن لتحقيق هذا الهدف، وأن سوريا ترحب بالجهود التي تبذلها بعض دول المجموعة في هذا الإطار». وأوضح الأسد أن «سوريا أعلمت أنان بموافقتها على الخطة التي تقدم بها مع ملاحظاتها حولها»، داعيا إلى «إجراء مشاورات شاملة حول التفاصيل المتعلقة بالانتقال إلى تطبيق هذه العناصر وفق تفاهم مشترك، كي لا تستغل المجموعات المسلحة أجواء تنفيذ الحكومة لالتزاماتها، كما حدث أثناء التزام سوريا التام بتطبيق خطة العمل العربية التي أفشلتها الجامعة العربية، بعد أن صدر تقرير بعثة المراقبين العرب وأثبت وجود عناصر إرهابية مسلحة مسؤولة عن العنف والقتل في سوريا». وفي غضون ذلك، جدد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف تأكيده مناهضة أي تدخل عسكري ضد سوريا، مشيرا إلى اتفاقه في الرأي مع نظرائه رؤساء الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا حول ضرورة اعتماد الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، بوصفه السبيل الوحيد الأنسب للخروج من المأزق الراهن هناك. وطالب ميدفيديف في ختام اجتماعات مجموعة «بريكس» التي تضم البلدان ال5، والتي جرت في نيودلهي أمس، بسرعة تقديم أوجه العون والدعم الإنساني للشعب السوري ومساعدة الأطراف المعنية للجلوس إلى طاولة الحوار والعمل من أجل الحيلولة دون أي تدخل خارجي، مشيرا إلى «أهمية عدم السماح بتدخل خارجي في الشؤون السورية، وإفساح المجال أمام الحكومة من جانب والمعارضة من الجانب الآخر للدخول في حوار، وعدم إفشاله»، فيما أكد أن «القول بأن الحوار فاشل، وإنه لا يمكن إعادة الأمور إلى طبيعتها إلا من خلال الوسائل العسكرية، فإن ذلك يعبر عن موقف قصير النظر مفعم بكل أشكال الخطر». وأضاف: «نحن سنعمل على إنجاح هذا الحوار». ومن جهته، أعلن رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ: «إننا متفقون على أن الحل في سوريا (وإيران) لا يمكن إيجاده إلا عبر الحوار». وأعربت الدول الخمس في «بيان نيودلهي» الذي اتفقت عليه أمس (الخميس) عن «قلقها العميق من الوضع في سوريا» ودعت «إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد».. لكن الدول الخمس أجمعت على دعم خطة الموفد الدولي كوفي أنان لتسوية الأزمة السورية. إلى ذلك، كان نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس قد أكد في تصريحات للصحافيين على موقف بلاده من ضرورة رحيل الأسد، وقال «توجد الآن قاعدة أساسية للمناقشة مع روسيا والصين لما يمكن القيام به لدعم مهمة أنان، وأعتقد أننا نشعر أننا أحرزنا تقدما فيما يتعلق بسوريا. يوجد الآن إطار للتعاون من خلال مبادرة أنان التي توفر إطارا لوقف العنف والبدء في توصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوري والشروع في مرحلة انتقالية». وشدد رودس على ضرورة تنحي الأسد، وقال: «مرة أخرى نعتقد أن القيام بعملية انتقال يجب أن تنطوي على مغادرة الأسد للسلطة». وقال مايكل أوهانلون الخبير العسكري في معهد بروكنغز «إن التركيز على خطة أنان من قبل الدول العربية والمجتمع الدولي ليتم وضعها موضع التنفيذ تبتعد عن المطالب لإجبار الأسد على التنحي عن السلطة، ويبدو أن وزراء الخارجية العرب في اجتماعاتهم في بغداد ما زالوا منقسمين حول كيفية تنفيذ خطة أنان ودور المشاركة الخارجية في الأزمة السورية». وأوضح أوهانلون أن نهج إدارة الرئيس أوباما في تناوله للأزمة السورية مستمر في أن يكون نهجا حذرا وبطيء الحركة، وقال: «يبدو البيت الأبيض أكثر قلقا بسبب المخاوف من الدفع لتدخل عسكري في سوريا يمكن أن يدخل الولاياتالمتحدة في صراع آخر في منطقة الشرق الأوسط»، مؤكدا أن قدرة الأسد على إحداث نقطة تحول وإحراز تقدم ضد المتمردين، تعني أن لديه فرصة جيدة للاستمرار في الحكم. فيما أشار جو هوليداي الخبير الأمني في معهد دراسات الحرب بواشنطن إلى أن «الولاياتالمتحدة تحاول إيجاد وسيلة لمساعدة السوريين باستخدام العقوبات ضد الحكومة السورية، وتقديم الدعم المعنوي للمعارضة، لكن هناك توازن بين ضبط النفس وتحقيق النتيجة المرجوة، وهي رحيل الأسد».