أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    جمعية المراجعين الداخليين ترسل نخبة من طلاب الجامعات السعودية للولايات المتحدة الأمريكية    برعاية ولي العهد.. وزاري «الطاولة المستديرة» يبحث «ما بعد الاستعداد للمستقبل»    الأردن تُدين الهجمات التي تعرّضت لها مخيمات النازحين في مدينة الفاشر بالسودان    رابطة العالم الإسلامي تدين قصف الاحتلال الإسرائيلي المستشفى المعمداني بغزة    المملكة تدين قصف الاحتلال مستشفى المعمداني في غزة    منتخب الناشئين يتأهل لنصف نهائي كأس آسيا    «عمومية» التايكوندو تسحب الثقة من مجلس الإدارة الحالي    إنتر يحافظ على صدارة «الكالتشيو»    حروب على المخدرات    11 مشروعاً ابتكارياً ل"جامعة المؤسس" بمعرض جنيف للاختراعات    جامعة أم القرى تحصد الميدالية الفرنسية للمخترعين    مجمع الملك سلمان يشارك في مؤتمر «القدرات البشرية»    "الشؤون الإسلامية بتبوك" تنفّذ 74 ألف ساعة تطوعية    أمير الرياض يدشن مشروعات صحية في المنطقة بأكثر من سبعة مليارات ريال    الأخضر السعودي تحت 17 عاماً يتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا على حساب منتخب اليابان    بنزيمة الغائب الأبرز عن تدريبات الاتحاد    جامعة جازان تستضيف ندوة "الإفتاء والشباب" لتوعية الجيل بأهمية الفتوى    موسم الدرعية    شيخ علكم إلى رحمة الله    افتتاح الجناح السعودي بإكسبو أوساكا    وزير الاقتصاد والتخطيط: رأس المال البشري يقود الثروات وينميها    وزير الشؤون الإسلامية يوجه خطباء الجوامع بالحديث عن ظاهرة الإسراف والتبذير في الولائم    700 قاضٍ يكملون الفصل الأول من الدبلوم العالي للقانون الجنائي    أمانة الشرقية وجمعية بناء يناقشان سبل تقديم الدعم لرعاية الأيتام    تعليم جازان يشارك في فعاليات أسبوع المرور الخليجي تحت شعار "قيادة بدون هاتف"    الصحة القابضة توقّع اتفاقية شراكة مع جامعة IESE لتطوير برامج القيادة التنفيذية    تمديد أعمال المسح للمنشآت الصناعية بالسعودية إلى 4 مايو 2025    التعامل مع الثعلبة البقعيّة: فهمها، تشخيصها، وعلاجها    شيخ شمل قبائل علكم عسير في ذمة الله    السعودية تدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر وأسفرت عن عدد من القتلى و الجرحى    اليوم العالمي للرحلة البشرية إلى الفضاء يسجّل سعي المملكة الحثيث للريادة    السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة الحجاج    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    تفكيك مواقع "الحزب" والحكومة تصادق على قانون الودائع.. لبنان يستعيد الجنوب ويطلق إصلاح النظام المصرفي    ترتيب هدافي دوري روشن بعد ثنائية رونالدو أمام الرياض    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    الخلاف الإكسي من منفوحة إلى روكسي!    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    السعودية ترحب باستضافة عمان المحادثات الإيرانية- الأمريكية    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    فيضان البيانات وفقر الخيال    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    الزواج الآمن    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة أكثر من فرصة

الحياة ليست فرصة واحدة أو طريقاً واحداً فحسب بل هي مجالات واسعة وسبل متعددة للمواهب والطاقات وقد تُغلق أمامك موهبة أو عمل أو حرفة وتبقى لديك خيارات أخرى للنجاح والعطاء إذا أحسنت اكتشافها، وأنا أطالع سير النابغين والعباقرة والمبدعين فأجد رسوبهم في مجالات ونجاحهم في أخرى لأنهم خُلقوا بمواهب محدّدة، خذ مثلاً سيبويه مضرب المثل في النحو وصاحب أشهر وأعظم كتاب في هذا الفن وهو (الكتاب) طلب علم الحديث على حمّاد بن سَلَمة فلم ينبغ فتعلّم النحو فصار إمام النحاة على الإطلاق، والإمام أبو حنيفة لم يمهر في علم الرجال والأسانيد فتعلّم الفقه فصار إماماً متبوعاً حتى قال عنه الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة وانظر إلى اينشتاين صاحب النظرية النسبية لم يفلح في الدراسة المنهجية فذهب إلى المعمل فصار من ألمع نجوم عصره في الاختراع، وعبّاس العقّاد ترك الدراسة من الرابعة الابتدائية وأقبل على المطالعة فصار من أساطين الكتّاب في هذا العصر، وكم قرأتُ عن أناس أُغلقت أمامهم أبواب في حياتهم العلمية والعملية ففتح الله لهم أبواباً أخرى لأنهم جدّوا وثابروا وواصلوا، وغالب الجيل الذين يشكون من انعدام الفرص في حياتهم لأنهم ظنوا أن الحياة فقط هذه الفرصة وهذا الباب فحسب ولم يفتشوا في مجالات أخرى تصلح لهم، اعرفُ مثلاً في الرياض رجلاً رسب في الدراسة بالمتوسطة ولم يفلح أبداً فتحوّل إلى العقار فصار الآن ممن يُشار إليهم في هذا الباب وصار له شركة يتبعها فريق من الموظفين والعمّال، وأحد التجار الكبار في بلادنا لم يستطع إكمال الدراسة الابتدائية وهو أميّ في معلوماته ولكنه بذل جهده وطاقته في التجارة حتى صارت له شركات عالميّة، وقال لي أحد الأثرياء الكبار: والله إني أكنت أعجز في صغري عن قوت يومي فواصلت ليلي ونهاري في طلب الرزق حتى صار الآن من قائمة كبار التجار العرب يقول المهم: أني لم أستسلم ولم أعرف الإحباط، أعرف أن بعض الشباب سوف يقولون عن هذا الكلام أنه تنظيري أكثر منه عملي وأقرب إلى الأوهام والخيال ولكن الحقيقة أن الجاد والمثابر يحوّل الحلم إلى حقيقة والأمنيات إلى نجاحات، أطالع كتب صناعة النجوم والناجحين والمشاهير فأجدهم مروا بعقبات ورسوب في مجالات ثم اهتدوا إلى مكامن القوّة في نفوسهم وسرّ الإبداع في ذواتهم وانطلقوا إلى أهدافهم متدرّعين بالصبر حتى وصلوا، يقول الطنطاوي إنه أُسند إليه القضاء وكان مدرساً في الابتدائية فقرأ بنفسه كتب الفقه والقضاء حتى مهر في هذا الفن ثم طُلب منه أن يكون كاتباً في مجلّة الرسالة وغيرها فطالع كتب الأدب العربي شعراً ونثراً حتى نبغ في هذا الفن، بل أقول صار مدرسة بذاته في هذا المجال، وطه حسين مع تحفّظي على بعض أفكاره وكتاباته لم يفلح في دراسة الفقه بالأزهر بل رسب فدرس الأدب فصار نجماً لامعاً حتى إن كتابه (الأيام) قطعة ماس لامعة في السحر النثري، وأديسون مكتشف الكهرباء ذهب لعلم الرواية فأخفق فدخل الورشة وبقي يجري 700 تجربة على البطارية حتى اكتشف لنا الكهرباء، والشيخ الألباني هو محدّث العصر بلا منازع عمل في إصلاح الساعات بدمشق سنوات ثم اهتدى لفن تخريج الحديث ثم واصل وسهر ومهر حتى صار المرجعيّة الكبرى في هذا العلم، وعطاء بن أبي رباح مفتي التابعين على الإطلاق كان مولى وخادماً لسيّدته فأغضبها بكسله وقلّة حيلته فسرّحته فبقي في الحرم ثلاثين سنة يطلب العلم حتى صار إماماً متبوعاً يستأذن على بابه خلفاء بني أميّة، وكان الكثير من علماء الأمة يقسمون أوقاتهم بين العلم وطلب الرزق فأبو حنيفة كان بزازاً ومنهم الفرّاء إمام اللغة كان يبيع الفراء والزجّاج النحوي يبيع القوارير ومنهم ابن الخشّاب والنجّار والنحّاس وهؤلاء نجوم في فنونهم، بل أنبياء الله سبحانه كان لهم حِرف لطلب المعيشة فكان زكريا نجّاراً وداود حدّاداً وكلهم رعوا الغنم مع أنهم أفضل الجنس البشري على الإطلاق، وقد شنّ الكاتب الشهير حسن الزيات في مجلته الرسالة غارةً على جيل عصره في مصر حول استنكافهم وتعاليهم على الحِرَف والمهن حتى جاء الإنجليز والإيطاليون إلى مصر فأغلقوا أبواب الكسب على المصريين وصاروا هم الزرّاع والصنّاع وصار أهل البلد عالةً عليهم عمّالاً لديهم، وليس قصدي أن تكون خطيباً وكاتباً ومهندساً وشاعراً فإن هذه الطريقة اضطراب وتوزيع للجهد وتشتيت للطاقة وقد يحصل لبعض أفراد العالم عدّة مواهب ولكن عامة البشر لا يستطيعون إلا لموهبة أو موهبتين وإنما قصدي خطاب من لم يستطع الإبداع ولو في موهبة أو عمل أو حِرفة، ومن مشكلاتنا أن أعمالنا فردّية وليست مؤسساتية فلو أن كلّ مجموعة من الشباب تعاونوا على مشروع واحد لنجحوا لكن كل شاب الآن بقي وحيداً ينوح على الوظيفة وينتظر فرصةً للعمل تهبط عليه من السماء وكما قال عمر بن الخطاب: إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، خذ مثلاً الصين واليابان أهل العمل والكدح والجد والمثابرة وقارنهم بكثير من الدول العربية والإفريقية مع تساوي الفرص والإمكانيات ولكن الفرق الهمّة والطموح والصبر والاستمرار وما صاد الذئب حتى قاتل وما أصاب السهم حتى فارق القوس وما شبع الأسد حتى افترس وما رُزق الطير حتى ودّع عشّه وما أُطعِمت النملة لباب البّر حتى عبّأت هي مخازنها بنفسها وما خزّن النحل العسل المصفى حتى طاف على الحقول ودار على الأزهار، قال شوقي:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.